اتصل بنا
 

الرزاز يحج إلى 'متاهة الأعراب' في زمن 'التجربة المرة'

نيسان ـ نشر في 2019-08-02 الساعة 13:52

x
نيسان ـ نيسان_خاص

الحمد لله الذي رزقنا رئيسًا استطاع أن يجد سبيله للحج إلى البيت العتيق، وأن يطوف به ويسعى على خطى هاجر اللاهثة وراء السراب بين صفاه و مرواه، ويبيت على منى، ثم يرمي إبليس بالجمرات، وينفر مع النافرين الذين أمّوا صعيد عرفات، من كل فج عميق، لأداء الركن الأعظم.
الحمد لله الذي رزقه آداء مناسك الحج برغم أنه محسوب على التيار الليبرالي، ويتزعم تيارًا مدنيًا يريد أن يبني دولة الحداثة والتقدم، ونحمده أكثر الحمد أن رئيسنا ومَنْ حوله في الحكومة، من الرجال والنساء الصالحين والصالحات باتوا يؤدون الفرائض كاملة من دون تكاسل أو رياء، وندعو الله أن يأخذ بأيديهم جميعا إلى سواء السبيل ويرزقهم الكثير من الحسنات، وحجة لا رياء فيها ولا سمعة.
قبل خبر حجة الرئيس، المبرورة بإذن الله، لم أكن أصدّق أن هناك تحالفا يجري الإعداد له والتشبيك بين جماعة التحالف المتمدن وتيارات الاسلام السياسي القادمة أيضا إلى غرف الليبرالية ومَن لفّ لفّهم مدّعين ايمانهم بالديمقراطية وتداول السلطة، وكنت أقول: صحيح أنهم قد يتشاركون في هذه المرحلة، لكن ليس إلى حد التطاول في الشراكة لتصبح تحالفًا، بل هي مجرد مُساكنة تفرضها الظروف الإقليمية والمصالح الضيّقة بين الفريقين، وفي الوقت نفسه، لم أكن لأصغي بأُذن جادة للحديث الإسلاموي عن الديمقراطية والدولة المدنية.
أما اليوم، وبعد سماعنا أخبار قافلة حجيج الرابع، وما سبقها من تلطيف للأجواء بين الطرفين، فإنه بات في حكم المؤكد أن التحالف أصبح قائمًا، وستظهر نتائجه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وليست دوافع هذه الأطراف مبنية على المصالح الأساسية أو التكتيكية لمبادئهم، أو حتى مصالح حواضنهم الشعبية، بل هي مجرد إشارات تدلل على مدى الضعف الذي بلغته هذه التيارات جميعها، سواء كانت الإسلامية الدالفة إلى غرف النيوليبرالية الخلفية، أو التيارات المدعية التقدمية بنسختها النيوليبرالية، التي تتعاطى مع السياسة كوظيفة علاقات عامة لا غير، وباب رزق بالمعنى الحرفي المُبَسّط والمُسطّح لهذه الكلمة في لغة الكَسّيبة.
القصة باتت مُكشّفَة تماما اليوم، فالطبقات المتنفذة تستقطب هؤلاء الليبراليين من وظائفهم في المؤسسات الدُّولية، طمعا بما كسبوه من خبرات في المراكز الرأسمالية، فيقبَلون هم بدورهم المناصب بدوافع نفعية فردية بحت، ويتصرف كل منهم كموظف علاقات عامة بمعزل عن الشعارات والمبادئ التي كان ينادي بها.
وبما أن لكل أمر في هذه الفانية بداية ونهاية، باستثناء الصالحات الباقيات طبعا التي نتأمل أن تكون منها حجة الرئيس وصحبه، يتم الاستغناء عن خدماتهم في لحظة ما، لتبدأ رحلة العودة إلى عشقهم الأول، أو يلتصقون بأي شاغر لدى الدول المجاورة، طبعا بعقود وميزات ومهمات جديدة، نعم ولم لا، فهم يعملون بأجر، وليسوا معنيين بالولاء لأسيادهم السابقين، ما يعنيهم الأجر فقط، يبيعون مُقابله جهدهم وتفكيرهم وعرقهم، ثم، وما أن تنتهي الكَروَة، ينطلقون للتعرّق في أماكن أخرى، وهكذا حتى يُبدّل الله أمرًا كان مفعولا.
لكن على مهلكم أيها الأخوة، لا تظلموا الرجل، فالرئيس، وهو بين طواف وسعي، سيفكر كثيرا، ولعل شمس ذاك الوادي غير الذي زرع، إضافة إلى الأجواء الوجدانية وشُجونها وما سيعتمل في دواخله المؤمنة، نقول لعلها تشعل خياله بأفكار خلاقة جديدة، تُسهم في تقوية تحالفه مع الإسلاميين، لتتجاوز القصة بينهما الغزل والعذريات والمجاملات العاطفية، لتصل إلى حد يتم فيها العقد بإذن الله، ولعلكم تذكرون، على سيرة العقد، ربما هذا ما كان يقصده الرئيس بعقده الاجتماعي الجديد.

نيسان ـ نشر في 2019-08-02 الساعة 13:52

الكلمات الأكثر بحثاً