اتصل بنا
 

تهشيم صورة شخصية المعارضة

نيسان ـ نشر في 2019-11-17 الساعة 19:33

x
نيسان ـ نيسان- خاص

المحافظة على هيبة الشخصية الأردنية وصورتها، هي واجب الأطراف الاجتماعية والسياسية كافة، سواء كانوا في صفوف المعارضة أو في السلطة، وهذا مع الأسف، عكس ما جرت وتجري عليه الأمور، في بلادنا، خلال العقود الماضية، ولا بد أن تقع جلّ المسؤولية الأخلاقية، في تثبيت هذه القاعدة، على عاتق الأجهزة التنفيذية في الدولة، التي يشكل الدستور مرجعها، والقيم والأخلاق المتعارف عليها، محليا ودُوليا، المظلّة الناظمة والضابطة لعملها.
مناسبة هذا الحديث؛ الاعتقالات التي نُفذت بحق ناشطي الحراكات خلال الأيام والأسابيع الماضية، حيث بات يقبع عشرات المعتقلين خلف القضبان على ذمة تهمة تقويض النظام، وهذا يقودنا فورا إلى سؤال عميق حول ماهية الديمقراطية الأردنية، وإلى متى ستظل هذه القوانين الفضفاضة، غير المحددة، شَرَكًا يمكن أن تصطاد به الحكومات كل من يعارض سياساتها.
هذا السلوك الرسمي، تُجاه المعارضين، غير جديد، بل إنه يشكل سلوك الذهنية العرفية التقليدي المتمترس في عقل الدولة المعادي للمعارضين، وقد بات الآن من الضروري أن تفهم هذه البؤرة المتخشبة، أن المعارض ليس عدوّا ليتم وضعه رهن التهديد بالسجن، تحت طائلة غضب السلطات التنفيذية، بل هو جزء أصيل في بناء الجسم الوطني، ولا يمكن لنا أن نتقدم ونحن ما زلنا غير مدركين أهمية الرأي الآخر المخالف والمعارض للرأي الرسمي، وأن الرأي الرسمي ليس صحيحا بالضرورة، ويمكن أن يكون كل الحق والمصلحة الوطنية فيما يقدمه الرأي المعارض .
لذلك؛ يجب على الأجهزة الأمنية أن تنفذ القانون بحياد وصرامة، مع المراعاة الكاملة لحقوق الإنسان، عندها سيطمئن الإنسان إلى أنه حر يعيش في وطن متحضر، لا عبدًا يعيش في مزرعة يملكها قُطّاع طرق لا رادع لهم.
في بلادنا، يتم بشكل مبرم اغتيال شخصيات المعارضين، وتهشيم صورهم أمام المجتمع، وهذا ليس خطأ عابرا، بل إنها سياسة ومنهجية عمل تم التعامل بها مع كل من يعارض الخط الرسمي، حتى لو كان نائبا في البرلمان، هذه المنهجية المنحرفة باتت هي القاعدة التي يتم على أساسها صياغة الموقف الرسمي من الرأي أو الاتجاه السياسي المعارض، الذي يعد البديل الممكن والطبيعي للسائد اليوم، حسب ما يجري بالعادة في الدول المتحضرة، فمتى يتصالح الرسمي مع فكرة أن هذا المعارض هو البديل الطبيعي لمن يجلسون على الكراسي الآن؟!
هذا السلوك الرسمي " الأصيل" المدمر، لا يمكن فصله عن سلوك قادة الصف الأول من المسؤولين، ممن هم على رأس عملهم في المؤسسات، والذبن يكيدون لكوادر المؤسسات من الصف الثاني والثالث خوفا من أن يحلوا مكانهم، وما هذه السلوكيات الغريزية، إلّا على سبيل التشبث بالمناصب إلى آخر رمق من الحياة، وتحطيم أي بديل ممكن، دونما اكتراث بنتائج هذا التصرف البدائي وأثره المدمر للكفاءات الوطنية.
إن أكثر ما يضمن ترسيخ الديمقراطية، في أي بلد، اضافة لاستقلالية القضاء، وجود ضمانات قوية لتداول السلطة، حينها سيدرك التنفيذي أن المعارض ليس عدوًا، بل هو الوجه الآخر والبديل الاحتياط، الجاهز والمجهز في أية لحظة، للإمساك بزمام السلطة.

نيسان ـ نشر في 2019-11-17 الساعة 19:33

الكلمات الأكثر بحثاً