اتصل بنا
 

العميد الركن مازن الفراية.. أرادها 'سماعة طبيب' فمنحته الأقدار 'خوذة عسكرية'

نيسان ـ نشر في 2020-06-08 الساعة 11:12

x
نيسان ـ فاطمة العفيشات
قبل أن يسجله والده في سجلات المواليد بعامين كان الأب ضمن الأسرى في فلسطين، فهو أحد الجنود الأردنيين الذين خاضوا حرب العام 1967, قبل أن يحتل الصهاينة الضفة الغربية والمشفى التي تواجد بها بسبب إصابته في الحرب حتى إطلاق سراحه بعملية تبادل الأسرى في العام ذاته.
تذوق مازن الفراية العسكرية والذود عن الحمى والأوطان في زاده الأول, وتسللت إلى روحه ووجدانه حكايا الأوطان والعسكر من حنجرة أبيه الذي أورثه أنفة العسكر قبل زيهم.
مبكراً شارك والده حمل المسؤولية تجاه أسرة كركية تتهيأ للغد، بإمكانيات شحيحية ورغبة جامحة، فهو الإبن الأول للعسكري عبدالله الفراية وزوجه دلال الكفاوين, والشقيق الأكبر لثلاثة رجال وخمس سيدات .
ولد مازن الفراية في الأول من نيسان عام 1969, في قرية الجديدة في محافظة الكرك، ودرس في مدرسة الجديدة الابتدائية, ثم انتقل لدراسة المرحلة الثانوية للبنين حتى تخرج منها العام (1987) .
"مكان هادئ ..يريح الاعصاب ويصفّي الذهن في نزهة روحية بعيداً عن أزمة السير والتنافس على الفرص الوظيفية" هكذا وصف العميد الركن مازن الفراية مسقط رأسه، قرية "الجديده" التابعة لقصبة لواء الكرك.

دراسته وتعليمه
الشاب المتفوق والشغوف للتعلم, حصل على معدل 86% في الفرع العلمي في الثانوية العامة, وهو الأمر غير التقليدي في تك العقود, ليصب ذاك في حلمه بدراسة الطب , إلا أن تيار القدر أبحر بعيداً عن الطبابة وتفاصيلها، إذ انخرط في السلك العسكري مرشح ضابط في جامعة مؤتة الجناح العسكري، ومنها بدأ يشق مشوار الحب والحراسة لقلب الأردن ونبضه.
يدرك الفراية اليوم وبعد وقتٍ طويل من تلك الأيام, أن "بوريه" العسكري تسبق سماعة الطبيب في تشخيص المجتمع وتحصينه خلال جائحة كورونا التي أظهرت لنا قادة جدد كان من بينهم الفراية الذي ضبط إيقاع الأزمة عسكرياً، مرة بحزم وفي الأخرى بلين المتفهم والمتسامح، ويدرك الفراية أيضاً أن العسكري والطبيب متساويان، فكلاهما نذر نفسه للأردن وناسه.
عام (1988) التحق بجامعة مؤتة الجناح العسكري, وتخرج منها (1992), ثم حصل على عدة دورات عسكرية محلية وخارجية منها في الولايات المتحدة الأمريكية, ومراقب دولي في جورجيا, وكلية الحرب الأمريكي, ودورة الركن ودورة الركن الخارجية في الكويت, ضابط إرتباط في القيادة المركزية الأمريكية.
لم يكن صعباً على العميد مازن فراية أن يقف أمام الكاميرات خلف شاشات الناس متحدثاً عن آخر المستجدات في خلية الأزمة نظراً للتدريبات العسكرية التي نسجت منه قائداً عسكرياً وأنساناً معطاءً لا يكف عن تقديم يد العون لكل محتاج.

أزمة كورونا

بعد إعلان منظمة الصحة العالمية عن تصنيف فايروس كورونا بـ"الجائحة" ورفع درجة التأهب والوقاية في دول العالم للحد من انتشار الفايروس بين السكان؛ شكل الأردن خلية خاصة للتعامل مع الظروف المستجدة عرفت بـ"خلية أزمة كورونا", وتكونت من مندوبي كافة مؤسسات الدولة منهم دائم ومنهم حسب الحاجة, بالإضافة للأجهزة الأمنية والقوات المسلحة اللذين يشكلان نواة الخلية، واختير العميد الركن مازن فراية ليدير العمليات فيها.
بالنسبة للفراية كان تفاوت الانتظام والالتزام بالتوقيت في المجتمع الاختبار الصعب في بداية الأزمة، لكن المعادلة سرعان ما تبدلت وتعاون الجميع في صياغة أنموذج أردني مختلف ولا يشبه إلا نفسه.
تقبل المواطنون للحظر الشامل وتفهموا قانون الدفاع, لكن التحدي كان في الانقطاع عن العمل، فأثبت الأردنيون أنهم الأجدر والأكفأ في إدارة مواجهة الجائحة.
التعامل بطرق حرفية مع الأزمة واتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من فايروس سريع الإنتشار أشبه بحربٍ مع الوقت يخوضها القائمون على الخلية اليوم- هذا ما خلص إليه الفراية في حديث خص به "صحيفة نيسان" عن الإجراءات المتبعة والمواقف التي جمعتهم لحل مشاكل الناس.
انتهجت الخلية خارطة طريق شمولية وتشاركية لاتخاذ القرارات, فخلية الأزمة تدير بالمستوى العملياتي, والفرق الوزارية تدير بالقطاعات المختصة بها وتعالجها, ثم ترفع القرارات للجنة توجيهية عليا يرأسها رئيس هيئة الأركان المشتركة.
خلية الأزمات رغم حرصها على الوقاية وتنفيذ الأوامر بحزم, كانت تواجه بعض منعطفات الحالات الإنسانية, وصلت ذروتها حين تلقت الخلية نبأ وفاة شاب أردني من المبتعثين بالولايات المتخدة الأمريكية، ونقل جثمانه للأردن ومناشدة والدته التي تعمل معلمة في المملكة العربية السعودية للقاء جثمان ابنها قبل أن يواري الثرى؛ فما كان منهم إلا أن يرضخوا للأم المكلومة . يقول الفراية مستنكراً: "هل من الطبيعي أن نترك تلك الأم تنتظر الدور لدخول المملكة ؟"
حالات انسانية عديدة لم تدر الخلية ظهرها لها, وحاولت جاهدة مساعدة المواطنين العالقين في الخارج, من خلال الرحلات المسيرة لهم أو رحلات دولٍ أخرى تجلي رعاياها من الأردن.
التأخر باتخاذ بعض القرارات كان سببه التأكد من قابلية تطبيقه وتقبل الناس له, ومناقشته بين فريق خلية أزمة كورونا. أما عدم الإطالة في الحظر الشامل فيعود لأسباب إقتصادية وانسانية.
انعكاس القرارات على الشأن الداخلي والخارجي كان سبباً مهماً لعرض قرارات الحكومة على خلية الأزمات التي تنظر لها من جميع الزواياها.
لم تتأثر خلية الأزمات بقرارات الدول الخارجية المتعلقة بإجراءات الوقاية من فايروس كورونا, ولكن مدى ارتباط دول العالم ببعضها خلال الجائحة وانعكاسات قرارها على بعضها والأنموذج الصحيح كان هدفها الأول لتلاشي الخسائر وأهمية العامل الصحي والاقتصادي من خلال المنحنى الوسطي في القرارات.
"الأردن أنموذج" هذا ما اعتبرته دول عديدة, والتي استعانت لاحقاً بخبرات الأردن ونهجه في التعامل مع الفايروس, فيما لم يتوان الأردن لحظة عن إرسال المساندات والمساعدات الطبية لها.

منعطفات وعرة وأخرى طريفة

يستذكر الفراية أبرز المنعطفات التي شهدها الأردن خلال أزمة كورونا والتي تمثلت بقانون الدفاع وقرارات الحظر الشامل التي اعتبرها بالمنعطف الرئيسي, بالإضافة لعرس إربد وسائق الخناصري الذي تسبب بتسجيل إصابات عديدة بعد 8 أيام لم يسجل فيها الأردن حالات جديدة داخلية بالكورونا.
من المواقف الطريفة التي تعاملت معها خلية أزمة كورونا كانت بمناشدة أحد الرجال المتزوجين حديثاً من زوجة أخرى, بعد ان علق في أحد الفنادق التي أقام فيها مع عروسه الجديدة، ويريد العودة إلى منزل زوجته الأولى.
"أزمة فايروس كورونا أضافت للفراية كثيراً، فصار على دراية عميقة بمؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية وعلاقاتها ببعضها, إضافة لأهمية التشاركية في اتخاذ القرار وعلاقتها بالإنجاز والنجاح.
خلال الأزمة انقطع الفراية الأب والزوج عن ابنائه وعائلته تلبية لنداء الواجب, هو متزوج منذ العام (1994), ولديه 5 من الأبناء؛ ثلاث فتيات وطفلان.

نيسان ـ نشر في 2020-06-08 الساعة 11:12

الكلمات الأكثر بحثاً