اتصل بنا
 

أوهام الشراكة بين القطاعين العام والخاص

نيسان ـ نشر في 2020-10-10 الساعة 14:04

x
نيسان ـ نيسان- خاص
نأمل أن لا تتابع حكومة الدكتور بشر الخصاونة العزف على فكرة الشراكة مع القطاع الخاص، الفكرة التي طالما ترددت في برامج الحكومات المتتالية من دون أن يُفهم لها معنى، او تطبيقا على أرض الواقع، سوى ذلك التعاون الذي كان يجري بين أمراء البزنس المتسللين إلى أروقة السياسة مع نظرائهم المتبقين في الشركات الخاصة، ولعل هؤلاء الأمراء هم أوّل من روّج لهذه الفكرة المخادعة، والتي لا تهدف إلّا لتمكين بعض التشكيلات الاقتصادية الطفيلية من اقتناص المزيد من الفرص والأرباح.
مع الاحترام والاعتبار لكل عبارات الغزل بالقطاع الخاص والبرجوازية الوطنية، إلّا أن الواقع والمصالح المادية العميقة تقول غير هذا الذي طالما تغنى به الليبراليون، الأصلاء والجدد، فالواقع صريح أبلج، لا يحتمل سبل المراءاة والمراوغة، ويخبرنا بأن القطاع العام يسعى للمنفعة العامة من خلال تخويل إدارات بيروقراطية الاشراف على بعض القطاعات الانتاجية والخدمية، مع مراعاة صارمة للمصلحة العامة بآليات العمل وفي مراحلها كافة، بينما القطاع الخاص يهدف تحصيل المنفعة الفردية للمالك، من دون أية مراعاة للظروف والاخلاقيات التي يمكن أن تُخفض المنافع المادية المباشرة، بل إنه يتحايل على القوانين والأنظمة، أنَّ استطاع، من أجل الحفاظ على منافعه وديمومتها، بغض النظر عن الاضرار التي قد تلحق بالمصالح الوطنية أو القومية.
واجب الحكومة، أي حكومة، خلق البيئة المناسبة للاستثمارات الخاصة، مثل التشريعات والقوانين والعلاقات الدولية والاقليمية التي تضمن تأمين الطرق والمعابر والتشريعات المُيِسرة لتصدير المنتوجات المحلية، اضافة لدعم بنية تحتية تؤمن الطرق والمياه والكهرباء، وكذلك دعم القطاعات المعنية بالموارد الطبيعية والزراعية التي ستنتج بالضرورة مدخلات انتاج محلية منافسة وتشكل بديلا عن المستورد من المواد الخام.
ومن واجب الحكومة أيضا دعم أكبر عملية انتاجية في المجتمع؛ والحديث هنا عن قطاع التعليم، الذي يسعى لخلق الكفاءات البشرية التي تقدم العمال والمهنيين المحترفين، الذين يشكلون العامل الحاسم في بناء الصناعات ومنشآت الانتاج الوطني، كما أن بناء نظام تعليمي قوي ومتطور سيدفع بمبادرات الصتاعة المعرفية قدما، وهذا المجال يحتاج إلى بحث واهتمام منفصل ومفصّل، كونه يعتمد بالدرجة الأولى على مهارات وعقول العاملين بغض النظر عن امكانيات الدول وحجم مواردها.
هذه هي الواجبات الحقيقية للحكومة من أجل النهوض بقطاع الأعمال الخاصة، وليس من واجبها الدخول بشراكات تُشكل البيئة المناسبة للفساد والتربح على حساب مالية الدولة، وحتى لا يكون حديثنا عامًّا مرسلًا؛ يمكن أن نشير إلى تجربة المناطق التنموية التي شكلت مجالا فسيحا للتهرب الضريبي، والذي قدرته بعض القراءات غير الرسمية بنحو عشرة مليار دينار خلال العقد الفائت.
ما سبق ذكره يتطلب بالضرورة وجود نظام رعاية صحية قوي، يعبر بالبلاد من جائحة كوفيد - 19، ونظام رعاية اجتماعية مدعوم أيضًا من المالية العامة للدولة، وهذه الأمور، وغيرها، ستشكل أول امتحان لتوجهات الحكومة الجديدة، فلا بد أن تنعكس على قانون موازنة الدولة 2021 ، الذي ستقدمه (أو تضع عليه لمساتها الأخيرة) الحكومة للبرلمان التاسع عشر.

نيسان ـ نشر في 2020-10-10 الساعة 14:04

الكلمات الأكثر بحثاً