اتصل بنا
 

غبنٌ فاحش ام خطأ فادح..؟

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2020-12-21 الساعة 14:52

نيسان ـ التصريحات التي اطلقها وزير الطاقة والثروة المعدنية ، حول طلبي التحكيم اللذين تم تقديمها الى غرفة التجارة الدولية في باريس ، على أرضية " الغبن الفاحش " في اتفاقية شراء الطاقة من مشروع الصخر الزيتي ( العطارات ) ، تبدو مفهومة في سياق " استدراك " الخطأ الذي حصل في العقد المبرم بين الحكومة وشركة الكهرباء الوطنية من جهة وبين الشركات الثلاث الاستثمارية من جهة أخرى .
لا اريد ان ادخل في تفاصيل القصة ، يكفي ان اشير فقط الى ان الاتفاقية تم توقيعها عام ٢٠١٤ وحظيت " بترويج " حكومي غير مسبوق على اعتبار انها اهم مشروع وطني ، لمواجهة فاتورة " الطاقة والكهرباء " من خلال الاعتماد على " حرق الزيت الصخري " ، لكن ما حصل هو ان الحكومة آنذاك وافقت على ان تتعاقد بسعر يبلغ (١١) دينار و ( ٨٠) فلسا لكل كيلوواط ، وهو اعلى من السعر الذي تبيعه شركة الكهرباء الوطنية للمواطنين والذي يبلغ (٧) دنانير و (٤٠) فلسا ، مما يعني ان هذا الفارق السعري الكبير ( يقدر ب ٢٠٠ مليون دينار سنويا ) ستتحمله شركة الكهرباء ، ثم يتحمله المواطن في النهاية .
هذا ، كما اشارت الوزيرة، " غبن فاحش " ، لكن الأهم من ذلك هو الخطأ الفادح الذي وقع فيه " الموقعين " على هذه الاتفاقية ، لا اتحدث فقط عن الفارق السعري الكبير ، ولا عن التأخير في تنفيذ المشروع ، ولا عن الخبراء القانونيين الذين اشرفوا على إعداد الاتفاقية وتمريرها ، وانما أيضا عن كيفية التعامل مع قضية " وطنية " تندرج في اعلى سلم اولوياتنا ، وهي قضية الطاقة ، بمثل هذه الاستهانة والارتجال ، وعن ثروة طبيعية يمكن ان تشكل " مخرجا " آمنًا لمشكلة الطاقة في بلادنا وهي " الصخر الزيتي " بدل الاعتماد على النفط كمصدر مكلف نستورده من الخارج .
نتذكر هنا ان الحكومة السابقة وعدت قبل عامين بمراجعة كافة عقود " الطاقة " السابقة ، بعد ان تبين انها تكبّد الخزينة خسائر كبيرة ، لكنها لم تفعل اي شيء ، ما يعني ان ملف " العطارات " ليس الوحيد الذي وقع علينا فيه " الغبن " وانما ثمة ملفات أخرى الحقت بنا خسائر وكبّدت " جيبة " الحكومة والناس أموالاً هم احوج ما يكونون اليها ، وبالتالي فإن ما حدث لا يمكن ان يفهم في سياق " الاستدراك " عن خطأ حصل بالذهاب الى التحكيم الدولي ، وانما لابد ان يأخذ مسارات " التحقيق " والمحاسبة باعتباره نوعا من الفساد الإداري ، واعتقد ان هيئة النزاهة ومكافحة الفساد معنية بفتح هذا الملف ، وذلك من اجل ان يطمئن المواطن الأردني على ان " خطأ " المسؤول ، أيّاً كان ، لا يجب ان يمر بلا محاسبة .
" غبن " فاحش يستلزم التوجه الى التحكيم الدولي ، ام خطأ فادح يستلزم " التحقيق " والمساءلة والمحاسبة ،؟المهم ان نخرج للناس بمنتهى الشفافية والوضوح لنصارحهم ونجيب على اسئلتهم ، والاهم من ذلك ان نمتلك الإرادة لكبح جماح " الفساد " الذي اصبح يمد لنا لسانه من خلال ملفات كبيرة وصغيرة ، فقد تعب الأردنيون حقاً من متابعة هذه " القصص " التي زعزعت ثقتهم بأنفسهم وببلدهم أيضاً .

نيسان ـ نشر في 2020-12-21 الساعة 14:52


رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً