اتصل بنا
 

ليتكَ يا أبي كنت فاسداً

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2021-01-06 الساعة 17:52

نيسان ـ ما يحدثُ في هذا الوطن محاصصة، وظائف، منح، تنفيعات، ترقيات، عطاءات، كل شيء على امتداد الوطن، لا لا لحظة... السجن و الاعتقال، الفقر، الجوع، التهميش، التعطيل، هذه حصراً لنا نحن... نحن ( الكادحين) ممثلو ( البروليتاريا، والبروليتاريا الرثة).
ليت أبي كان فاسداً وكنت انا من ممثلي جوقة العرق السامي في التعيينات وتناولت بعضاً من الرواتب الفلكية بنهمٍ شديد. وبشراهةٍ أيضاً.
حسناً أدوات التمني لا تُجدي نفعاً، فأبي لن يكون فاسداً، ولكنني كسائر الاردنيين أطالب بفسادٍ عادل، أطالب بوظيفة بطريقة من تم تعطينهم قبل أيام براتب الفين دينار لن أكون طماعاً أكثر، ولا بأس إن كان البنزين مجاناً أيضاً، فهذا كله فداءً للعدالة في الفساد المستشري في أروقتنا جميعاً.
سأصبحُ فاسداً ليكون لي بعضٌ من رفاهية أحلم بها كسائر المعطلين عن العمل في ذيبان وحي الطفايلة وعددوا على أصابعكم مناطق التهميش، لا تعددوا شيئا استثنوا عمان الغربية وشاهدوا بأنفسكم، فسادٌ يؤمنُ بيتاً تمارس فيه بعضاً من الراحة، وعلبة سجائر ليست ديناً من دكان ابو محمد صاحب الدكان التي برأس الحارة، وبطاقة للهاتف النقال ليست عربون حب ومودة من (حبيبة) تمارس معها مصطلحات الحب لتحصل على بعض الاحتواء والدفء وبعض نقود وبطاقات ذات طفر.
حسناً، سأذهب أيضاً نحو مكافحة الفساد حيث تعتبر ظاهرة الفساد من أخطر المظاهر السلبية المنتشرة في الدول، وأكثرها فتكاً بالأمن والسلم المجتمعي؛ ذلك أنّها تصيب مفاصل حيوية ومؤثرة في الدولة، كالصحة، والتعليم وغيرها من مؤسسات الحكم والدولة المختلفة، فالمال، والرشوة، والمحسوبية تعتبر العناوين الكبرى في هذه الظاهرة، ومن هنا كانت هيئات قد تطوّعت في مكافحة الفساد، وأخرى لها جانب رسميّ رقابي من الدولة نفسها. مكافحة الفساد إنّ فكرة مكافحة الفساد تتمحور حول تتبّع مواطن الفساد الإداري في مؤسسات الدولة المختلفة، والعمل على تغييرها بالمناقشة حيناً، وبالمتابعة مع ذوي صنع القرار حيناً آخر، وبالنشر عبر وسائل الإعلام إن لزم الأمر، إذاً هذه مهنة شاقّة ورسالة عظيمة، وقد يترتب عليها المتاعب العديدة، ولا سيّما إن كان من يقوم بذلك من ذوي القيم والمبادئ الراسخة الأصيلة، فهذا لن ينجو من تشهير، أو سجن أو ملاحقة، ولكن من أجل المبادئ والقيم، فلا ضير إذاً، فهذه رسالة العظماء.
من يضطلع بهذه المهمّة الشاقّة لا بدّ له من مؤهلات تنطلق من قوّة الشجاعة، وقوّة الإرادة، مروراً بالوعي وسعة الثقافة والعلم بالقوانين التي تحكم سير المؤسسات الرسميّة وتنظّم أعمالها، بالإضافة إلى القدرة على تحمّل تبعات مواقفه، ولا بدّ له أيضاً من قيمة الثبات على المبدأ، والحياديّة، وعدم وجود مآرب شخصية، ويتوّج ذلك كله روح الانتماء الحقيقي للوطن، والقيم والمبادئ، ولا بدّ من توفر غطاء رسمي داعم للأعمال.
آثار عدم مكافحة الفساد إنّ تبعات وآثار عدم وجود هيئات مكافحة للفساد، تعدّ أهم بذور الضعف والانحلال في النظم الإدارية، فهذه التبعات كثيرة جداً وتنعكس على الفرد وعلى المجتمع، وبمجملها، تشكل عوامل ضعف تودي بالهياكل الإدارية فضلاً عن الأنظمة الراعية لها، وفي المقابل فإنّ وجود هذه الهيئات، وتوفّر عناصر الدعم لها، من نظم رسمية، وصحافة وإعلام، ومجتمع محلي، يشكل محطّات للوثوب والرقي والريادية، وعنصر تماسك وقوّة للمجتمعات وللنظم على حدّ سواء، والنتيجة إنسان كريم يبني الوطن، ونظم راشدة مسؤولة تضمن له حقوقه.
تماسك جبهة، وقوّة رأي، ونزاهة إدارة، عناصر كلّها تتجمع لتعمّ الرفاهية والسعادة حياة الوطن والمواطن، لذا فواجب على المسؤولين، ومن بيدهم القرار أن يدعموا هذه الهيئات.
ختاماً، سأكون عادلاً حين أصبح فاسداً.... و سأكتفي ببعض حقوقي فقط.

نيسان ـ نشر في 2021-01-06 الساعة 17:52


رأي: رأفت القبيلات كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً