اتصل بنا
 

أهلا بك في الألفية الثالثة..كن أجوفاً وخذ شهرتك المجانية

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2021-01-17 الساعة 13:37

نيسان ـ العولمة اقتحمت كل شيء، وبدّلت معايير القوى، أعلت أقواماً وأخفضت أخرى، وقدمّت الشعبوية بقوالب مجانية لمن لا يستحقها.
قديما كانت "الشعبية" او ما تسمى الشهرة تصنع بإبرة من محبة وكرم وتواضع وفروسية يغلفها الكثير من الأخلاق والعلم والمعرفة والقيم الحقيقية.
كان ذلك قبل ظهور الانترنت وموجة مواقع التواصل الاجتماعي التي نحتت معايير جديدة بعيداً عن تلك التي آلفها الناس قديماً.
يقول أبو الحسن الثوري:
"أعز الأشياء في زماننا شيئان: عالم يعمل بعلمه، وعارف ينطق عن حقيقة."
حديثاً، بدأ يطفو على السطح نوع جديد من الشعبية وهي "الشعبية المتمحورة" التي يسعى من خلالها المرء لحيازة اعجاب الآخرين بصرف النظر عن كونه عالماً أو محتصاً، وهذا من تشوهات القيم والمعايير التي انهالت سيلا عرمرميا عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل؛ الفيسبوك واليوتيوب وغيرها وبشكل مجاني لكل من هب ودب ليحقق حلم الشهرة!
اليوم، تتقاطع الخطوط و تنشغل الدوائر بحثا عن الطريق الأسرع للوصول إلى الشهرة وتحقيق المكاسب من خلال تضييع وقت الناس بسفاسف الأمور!
تارة يخرج علينا أحدهم متحديا الجميع التهام "سدر منسف" بوزن ١٥ كيلوغرام دفعة واحدة امام الكاميرا، وتارة أخرى نرى أسرة على احدى قنوات اليوتيوب تشرك العالم بأدق تفاصيل حياتها الخاصة وكأننا نعيش معهم دون مراعاة حتى للقوانين التي تحظر انتهاك خصوصية ابنائهم القصر ونشر صورهم على الملأ.
ماذا يجري للناس؟ وإلى أين نسير؟
السياسيون والفنانون ورجال الدين ليسوا بأحسن حالاً من غيرهم..الجميع يتورط في شباك الألفية الثالثة وتطبيقاتها.
على أن الشرط الثابت في سحر الشهرة المبتذلة هو "كن سطحيا واجوفا وخذ شهرتك المجانية.
كل ما تحتاجه هو انشاء حساب على احد مواقع التواصل الاجتماعي وكاميرا هاتف.
من ذا الذي قال أن الطريق إلى العلا لا تزال محفوفة بالصعاب وبسهر الليالي؟!
كنا قبل الانترنت نشاهد فقرات لآداء بضعة مهرجين في السيرك من أجل التسلية، لكننا الآن أصبحنا نرى ملايين المهرجين من خلف شاشاتنا وفي كل الأوقات وبأداء مبتذل يثير الاشمئزاز، فيما يفغر الفضاء الإلكتروني فاهه .
! أما عددهم، فهو كل يوم الى ازدياد في داخل فضاء مفتوح كقاع جهنم التي كلما سألت، هل امتلأت؟ فتقول هل من مزيد! اصبحنا نسير بوتيرة متسارعة نحو مزيد من الانحدار العلمي والاخلاقي، في حين يفغر الفضاء الإلكتروني فاهه أمام كل التفاهات والضلالات؛ فيوثقها وصمة عار على جبين التاريخ وسبة على ألسن الأجيال القادمة لمجتمع نسي نفسه وأهدافه وسار خلف الوهم.

نيسان ـ نشر في 2021-01-17 الساعة 13:37


رأي: إسماعيل ياسين كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً