اتصل بنا
 

جريمة العقيد المتقاعد.. الشاب مجرد سلاح والقتلة مسؤولون بألف قيد وقيد

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2021-02-17 الساعة 09:43

جريمة العقيد المتقاعد.. الشاب مجرد سلاح
نيسان ـ إبراهيم قبيلات...الفساد ليس سرقة لجيوب المواطنين فقط، من يفهم الفساد بهذا المعنى لا يدرك خطورته، هو أبعد بكثير من نهب مسؤول لأموال مشروع ما، هو فكفكة بنية المجتمع بعد سلبه قيمه وهويته الإنسانية .
نعود خطوتين للوراء، فنلقي نظرة على الجريمة التي تعرض لها العقيد المتقاعد، محمد الزوايدة على يد ابنه طعنا" بأداة حادة 3 طعنات، ثم دهسه بالمركبة حتى فارق الحياة.
الجريمة المتوحشة لا تؤخذ في سياق إجرامي فقط، المسألة أبعد من ذلك وأخطر.
هي جريمة يجب أن تتعدى في قراءتها الحادثة الاجرامية إلى قصور سياسي، واقتصادي، وثقافي واجتماعي، أفضى الى خراب في منظومة القيم أنتج خلايا جرمية مستعدة لشرب الدماء صباحاً ومساء.
على أن البعض يريد ان يلقي باللائمة على الشلل الإداري في العجز الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، وهذا كما يريد أن يمشي على رأسه ويفكر بقدميه.
عموما، الجاني الأخطر والذي عليه الف قيد وقيد في حادثة العميد المتقاعد البشعة هو الإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأكاديمي الذي أوصلنا اليه الرسمي، أما السلاح فهو الشاب المجرم.
صحيح أن محاولة شرح الجريمة أو فهمها لا يمكن أن تتأتى إلا إذا كان في أذهاننا اننا نتحدث عن مجرم مدمن، فاقد لعقله، ومستعد لفعل أي شيء، لكن السؤال الآخر هو كيف وصل إلى ما وصل اليه؟.
تعالوا أحدثكم كيف وصل الى كل ذلك.
الكاتب محمد الصبيحي في منشور له كشف عن عائلة رئيس وزراء أسبق سكنت دار الضيافة الملحقة بمبنى الرئاسة طوال فترة رئاسة دولته.. يقول الصبيحي: "ليس هذا المهم بل في ان فاتورة طعام العائلة لحساب أحد المطاعم الفاخرة 360 الف دينار اردني في السنة أي بمعدل ألف دينار يوميا .. وعلى حسابنا .. على حساب الشعب".
لن تجد أحدا من المسؤولين يحملون أنفسهم المسؤولية حول مآلات الناس، مآلات حولت شباباً إلى مدمنين، وحولتهم المخدرات إلى أسلحة قاتلة فتّاكة، تبطش أولا بالأقربين منهم، وهذا ليس المشهد كله.
في الحروب الاهلية التي تعاني منها الدول المحيطة بنا – سوريا مثلا - لا يمكن لك ان تفهم أبشع الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين، إلا إذا خلعت عنك روح الإنسان في داخلك، وهذا لا يمكن خلعه إلا عبر تغييب العقل بالمخدرات أخيرا، لكن أولاً بالفراغ الإنساني.
المسألة ليست مطاردة المخدرات، المخدرات مجرد عارض، لآفة أبشع بطشا تسمى الفساد.
عندما تأكل عائلة دولته في اليوم برواتب شهية لأربع شباب يحصلون على الحد الأدنى من الأجور، تدرك لم وصلنا إلى هنا.
إن مناقشة الجريمة في حدود شريط مسرحها فعلٌ لا يريد أن يصل الى نتيجة، لهذا كان الفساد هو إفساد في الأرض، وقتل للنفس، وليس سرقة لجيوب المواطنين، وهذا أهون الشرور.

نيسان ـ نشر في 2021-02-17 الساعة 09:43


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً