اتصل بنا
 

موازنة 2021... تبديد الإيرادات بالانفاق على حماية طبقة محددة مقابل تجاهل القطاعات الاجتماعية

نيسان ـ نشر في 2021-03-27 الساعة 12:34

x
نيسان ـ نيسان- محمد قبيلات
يلاحظ المتصفح لقانون الموازنة لهذا العام، أنها كما الموازنات السالفة، خالية من أية مراجعة لموزانة عام 2020، أو أية إشارة لأية موازنة مرجعية، بالتالي؛ لا وجود فيها لمقار نات بالانفاق والايرادات، أو معدلات الاقتراض، مع السنوات السابقة، وهذه ثغرة أو عامل من العوامل التي تضعف الموازنة، بل وتضرب صحة أرقامها، وتطعن في مستوى وجدية إدارتها لعملية التنمية.
وكما ظلت الحكومات المتتالية تتذرع بحجج الظروف الدُّولية والإقليمية والمحلية، وانعكاساتها على المالية العامة للدولة، سواء بارتدادات الأزمات المالية العالمية، أو بموجات اللاجئين، فإن هذه الموازنة صيغت تحت وطأة جائحة كوفيد 19، مع ضرورة الانتباه هنا إلى أن أرقام الموازنة لم تُظهر أي اهتمام بتوجيه المزيد من المخصصات للقطاع الصحي، بل على العكس تماما، فقد تمّ تخفيض مخصصات وزارة الصحة فظهرت أقل مما كانت عليه في موازنة 2020 بحدود 10%.
هنا لا بد من الانتقال للملحوظة الأهم وهي ضعف مخصصات وزارة الصحة ووزارة التربية وبرامج الرعاية الاجتاعية، حيث لم تبلغ حصة هذه القطاعات المهمة مجتمعة، نصف ما حصلته قطاعات الدفاع والأمن من الموازنة للعام الحالي، وقد ناهزت المخصصات الدفاعية والأمنية ما يقرب من 3 مليارات دينار أي نحو نصف الإيرادات في موازنة 2021، بينما تراوحت حصة وزارتي التربية والصحة نحو مليار ونصف المليار دينار فقط، وهي بالكاد تكفي رواتب العاملين في هذه القطاعات المهمة والحساسة، ولم تتجاوز مخصصات الرعاية الاجتماعية حدود المئتي مليون دينار، التي خصصت لصندوق المعونة الوطنية.
طبعا لا بد من ملاحظة أن ما تبقى من الإيرادات سينفق على خدمة وفوائد الدين العام، ومخصصات الرواتب التقاعدية، التي ناهزت مجتمعة نحو 2.5 مليار دينار، والباقي وزّع مخصصات للوزارات والدوائر والهيئات الأخرى، في حين أن النفقات الرأسمالية هي ما يشكل المقابل المساوي لعجز الموازنة، والذي سيُغطى بالاقتراض، مع ملاحظة أن نحو نصف النفقات الرأسمالية المطلوبة لهذا العام مدورة أصلا من موازنة العام الماضي.
هنا لا مناص من الاستنتاج بأن الموازنة لا تعكس جدية الحكومات في مواجهة المشاكل والتحديات الحقيقية التي تواجه المجتمع الأردني اليوم، ولا تتجه لإعادة توزيع عائدات الضرائب بالشكل الأمثل، الذي يعطي الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم الاهتمام الأول، بل إن هذه الحكومة كما سابقاتها، تواصل تبديد الإيرادات بالانفاق على حماية طبقة محددة، لا حماية القطاعات الاجتماعية الأولى بالرعاية، إضافة إلى إهمال الإنفاق على البنية التحتية والرأسمالية عموما، مما يضعف قطاعات الخدمات والاستثمار، ويقضي على بيئات الاستثمار المهمة في عملية بناء تنمية حقيقية.
كما أنه لا بد لهذه السياسات من أن تفاقم أزمة المديونية، حيث من المتوقع أن تصل هذا العام إلى نحو خمسين مليار دولار، وستزيد ارتفاع نسب البطالة والفقر، وتعميق التراجع في مستوى الخدمات، واهتراء البنى التحتية.

نيسان ـ نشر في 2021-03-27 الساعة 12:34

الكلمات الأكثر بحثاً