اتصل بنا
 

رحلتي مع ملاحقة لقاح كورونا

نيسان ـ نشر في 2021-04-08 الساعة 21:53

نيسان ـ فضلت الانتظار قليلا قبل كتابتي هذه الاسطر حتى لا أُتهم بالاستعجال في التقييم او الحكم على الأمور لكن القليل تحول الى فترة انتظار قاربت الثلاثة اسابيع .
أنا مواطنة أردنية مقيمة في لبنان، سمعت عن دقة واتقان تنظيم حملة التطعيم ضد فيروس "كورونا" في الأردن، فقررت عدم انتظار دوري في لبنان بسبب الفوضى السائدة والمحسوبيات في بلد اقامتي، وأخذت القرار بالسفر الى الأردن بالرغم من الكلفة العالية وتعقيدات السفر .
بدأت قصتي عندما سجلت على المنصة كغيري من الاردنيين قبل قدومي للاردن وجاءني موعد للحضور في اليوم التالي أي في ١٤ أذار ولكني لم اتمكن من القدوم الى عمان في اليوم المحدد بسبب ترتيبات السفر المعقدة قي ظل "كورونا".
طلبت من صديقة لي قررت هي الاخرى التوجه الى الأردن لتلقي اللقاح السؤال ان كان بإمكاني التوجه فور وصولي الى عمان لاخذ اللقاح، فقيل لها انه يتوجب علي الحجر اسبوعا كاملا قبل التوجه الى اي مركز تطعيم.
الأسبوع الأول : وصلت الى عمان في ٢١ أذار وحجرت نفسي لمدة اسبوع في شقة منفصلة، بعيدا عن عائلتي في الأردن، برفقة ابنتي التي رافقتني في رحلة تبين فيما بعد انها شاقة لتلقي لقاح لم أتلقاه بعد.
الأسبوع الثاني : توجهت في أول يوم بعد انتهاء فترة حجري أي الإثنين ٢٩ أذار الى مدينة الحسين الطبية، مكان تسجيلي لتلقي اللقاح، لتعلمني موظفة الاستقبال أنهم توقفوا عن إعطاء اللقاح في المركز. لدى سؤالي عن السبب ولماذا لم يتم إبلاغنا انهم توقفوا عن اعطاء اللقاح هنا، قالت لي باستخفاف: "هذا مستشفى لهذا لم يعد بإمكاننا اعطاء لقاحات"، من دون ان تكلف نفسها الاعتذار على هدر وقتنا بالحضور الى مكان توقف عن اعطاء اللقاحات من دون ابلاغ المواطنين المغلوب على أمرهم. بعد جهد جهيد اقترحت علي وعلى غيري من المتخلفين التوجه الى مراكز تطعيم أخرى كمدينة الحسين للشباب او مستشفى الامير حمزة.
هذا ما فعلته على أمل إنجاز ما جئت لأجله ولكني قُوبلت بالرفض التام في المركزين بإلاضافة إلى مركز صحي أخر توجهت إليه في وادي السير بحجة أن ذلك اليوم مخصص للجرعات الثانية من لقاح "فايزر". طلب مني ومن رجل مسن يمشي بمساعدة عصا، جاء برفقة ابنته الى مستشفى الامير حمزة، القدوم يوم الخميس حيث ستكون اللقاحات الاولى متوفرة.
بين الاثنين والخميس فترة انتظار حاولت استثمارها بالاتصال بالارقام المتوفرة لخلية الأزمة ووزارة الصحة بالاضافة الى وضع تعليق لي أشرح فيه وضعي على صفحة خلية الازمة على الفيسبوك على أمل ان يتم حل المسألة.
تواصلت مع أكثر من شخص في وزارة الصحة وخلية الأزمة على الارقام المتداولة ومن خلال صفحة الفيسبوك، شرحت لهم وضعي وتركت جميع معلوماتي الشخصية المطلوبة من دون جدوى بالرغم من الوعود الكثيرة باعادة جدولة موعد جديد. وكانت غالبية الارقام المتداولة مغلقة او مشغولة او يتم تحويل المتصلين لشخص او جهة ما لا ترد على المتصلين، بمعنى آخر اي شخص يرغب في الاتصال بهذه الارقام يجب أن يحاول نحو ساعة.
جاء الخميس، توجهت الى مستشفى الأمير حمزة حسب ما قيل لي، قوبلت مجددا بالرفض رغم توفر اللقاح الاول للمطعوم بحجة انني ذهبت بلا موعد. حاولت أن أشرح لهم وضعي كما كل مرة، مع الاشارة انني حضرت في هذا اليوم بناء على ما قالوه لي، وبأنني جئت خصيصا من لبنان لهذا الغرض وليس لدي رفاهية الوقت للانتظار بلا نهاية، لكن دون جدوى.
الأسبوع الثالث: دخلت في الاسبوع الثالث لاقامتي في الاردن من دون إعطائي موعدا جديدا، توجهت يوم الثلاثاء ٦ نيسان الى مدينة الحسين للشباب في محاولة اخرى لتلقي اللقاح وكالمرات السابقة قيل لي انه لا يمكنني تلقي اللقاح من دون موعد. شرحت للمسؤولة هناك عن وضعي فطلبت مني التوجه الى وزارة الصحة وابراز تذكرة السفر الخاصة بي لكي يتم تلقيحي باعتبار انهم يعطون الاولوية لغير المقيمين في البلد. متسلحة بالقليل من الأمل في إمكانية الخروج من هذه الدائرة المفرغة، توجهت إلى وزارة الصحة. بعد أخذ ورد طُلب مني التوجه إلى قسم البرمجة لإبراز تذكرة السفر وإعطائي موعدا جديدا.
دخلت غرفة البرمجة، وجدت جميع من فيها من دون كمامات. توجهت الى الموظفة المفروض ان اتحدث معها فبادرتها بالسؤال عن عدم ارتدائهم للكمامات وهم من يفترض أن يكونوا القدوة للمواطنين، ضحكت وقالت لي بالحرف الواحد: "انا صوتي واطي اذا حطيت الكمامة مش رح تقدروا تسمعوني، يلا أرواحنا فداكم".
تجاهلت الملاحظة المضحكة المبكية وشرحت لها وضعي سريعا فقالت لي: "لو حجزك بكرا كان طعمتك اليوم بس حجزك ب ١٩ نيسان". حاولت ان اشرح لها انني احاول ان اكسب الوقت لاخذ الجرعتين بدل ان اجيء مجددا من لبنان ولكن من دون فائدة. كل ما قالته لي قبل انصرافي إن وزارة الصحة ستعيد جدولة مواعيد المتخلفين عن مواعيدهم يوم الجمعة ٩ نيسان ليتم بعدها ارسال رسائل نصية على هواتفنا النقالة بالموعد الجديد.
محاولتي الاخيرة كانت يوم الخميس ٨ نيسان برفقة شقيقتي التي كان لديها موعد لتلقي جرعتها الاولى في جامعة الزيتونه. كالمرات السابقة لم يوافقوا على اعطائي اللقاح باعتبار انه ليس لدي موعد وكالمرات السابقة ايضا حاولت شرح وضعي ولكن من دون جدوى فكل ما قيل لي ان انتظر موعدا جديدا وان لا اغير في بياناتي على المنصة لان ذلك قد يعيق اعطائي موعدا جديدا. مع العلم أنني كنت قد قمت بتغيير مكان تلقي اللقاح الى مادبا بدلا من عمان بناء على نصيحة عدد من الاصدقاء لان ذلك قد يُسرع في اعطائي موعد جديد باعتبار ان الضغط أقل خارج العاصمة.
شارف الاسبوع الثالث لاقامتي في الاردن على الانتهاء ولم يتم بعد تحديد موعد جديد لي، رغم المشاوير الماراثونية ومصاريف التنقلات بين مراكز التطعيم المختلفة عدى عن كلفة تذكرة السفر المرتفعة بين لبنان والاردن وكلفة الاقامة في الاردن، التي حولت اللقاح المفترض ان يكون مجانيا الى لقاح اكثر كلفة.
اتساءل هل يعقل ان يبقى الشخص معلقا، دون ان يتمكن من اخذ موعد جديد، هل يعقل ان يستغرق اعطاء موعد جديد كل هذا الوقت اذا لم يتمكن المعني من الحضور في الموعد المحدد، هل يعقل ان توضع ارقام هواتف لا يرد عليها احد، وان حدث وأجابك احدهم لا تصل الى نتيجة، هل يعقل الاستخفاف بوقت وجهد المواطنيين لهذه الدرجة مع العلم أن القيمين على هذه الحملة لم يدخروا طريقة لتشجيع المواطنين على تلقي اللقاح.
طرقت منذ وصولي الى الاردن كل الابواب للحصول على موعد جديد لتلقي اللقاح والتزمت بكل ما قيل لي من قوانين السلامة العامة واتباع التوجيهات لاعادة جدولة موعد جديد ولكن دون أي فائدة حتى الساعة.
قصتي هذه قصة واحدة من بين الكثير من قصص الانتظار التي سمعتها خلال فترة انتظاري للموعد المزعوم والتي ان دلت على شيء تدل على الاستخفاف بالمواطن وحقه في تلقي اللقاح ووقته وجهده.
سنبقى دول عالم ثالث او لنكن اكثر دبلوماسية ونسميها ب "دول نامية" لطالما يتم أخذ المواطن كأمر مسلم به لا يُحترم وقته ولا جهده ولا أي أمر أخر يتعلق به. وهذا بالطبع لا ينطبق على موضوع اللقاح وحده بل على كل مناحي حياتنا.

نيسان ـ نشر في 2021-04-08 الساعة 21:53


رأي: سماء ماجد أبو شرار

الكلمات الأكثر بحثاً