اتصل بنا
 

البيانات لأجل عالم أفضل

نيسان ـ نشر في 2021-04-16 الساعة 11:59

نيسان ـ يؤكد تقرير البنك الدولي عن التنمية لعام 2021 على أهمية التطور التكنولوجي في تداول المعلومات لأجل مواجهة الفقر، وفي ذلك فإن التحولات الرقمية يمكن أن تكون مفيدة وفاعلة في تحسين حياة الفقراء، كما هي مفيدة ومهمة للأغنياء. لكن ذلك لا يحدث تلقائياً، ولا بد من حوكمة إدارة البيانات لأجل ضمان أنها تعمل ضمن ضوابط ومنظومة تنموية وأخلاقية تخدم التنمية.
ويركز تقرير البنك الدولي على إدارة البيانات لمواجهة الفقر وتمكين الفقراء، فالناس هم الأطراف الفاعلة التي تحوّل البيانات إلى مورد مفيد مثل الأرض والعمل والمهارات، وتزيد قيمة الموارد الأخرى، والأكثر أهمية أنها تتطور وتزيد قيمتها كلما استخدمت وتنتج بيانات ومعلومات ومعارف جديدة، وهذا ليس جديداً في الاقتصاد والتنمية، لكن الجديد هو الفرص الممكنة اليوم للفقراء كما الحكومات والمؤسسات لتداول البيانات وتوظيفها لأجل التنمية وزيادة الموارد وتنظيمها وتعظيمها. فالبيانات تزيد المشاركة والوضوح في العمل والإدارة، ومقارنة الأسعار والسلع، والشكاوى والتغذية الراجعة وتداول المعارف والمهارات، وتضيق المجال على الفساد والاحتكار، ففي تداول المعلومات ومشاعيتها يكون التنافس واضحاً على الأعمال والفرص والعطاءات، كما تكون القرارات والسياسات خاضعة للمراقبة الشاملة وضمان الجودة. وتفيد البيانات في مواجهة الجرائم والمشكلات والأزمات الاجتماعية، مثل الإدمان والتنمر والإساءات والتفكك الأسري وعمالة الأطفال والاكتئاب والانتحار، وتمكن المؤسسات والمجتمعات من بناء التماسك الاجتماعي، وتنشئ منظومة للثقة في العمل مع البنوك والمؤسسات المختلفة، ففي سهولة تداول السجلات والإنجازات والبيانات يمكن التقدير بسهولة لأجل اتخاذ قرارات كثيرة وسريعة وتلقائية تسهل أعمال الناس وتطورها. ويكون في مقدور المؤسسات المتعددة المشاركة في قواعد البيانات لأجل ضمان أفضل توزيع للأعمال والخدمات وعدم تكرارها، وكذلك مواجهة التحايل.
وفي مقدور الفقراء اليوم أفضل من قبل الوصول إلى المنصات والمعلومات التي تساعدهم في العمل والحصول على المساعدة وتطور مهاراتهم، وتمكنهم بتكلفة مقدور عليها من التعليم المستمر ومواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية، لكن يجب أن تتأكد المؤسسات والجهات المانحة أن الشبكة تحسن بالفعل حياة الفقراء وأنهم يستخدمونها لأجل ذلك، إذ يلاحظ تقرير البنك الدولي أن فئات واسعة من الفقراء لا تدرك أهمية الشبكة أو تسيء استخدامها، أو تهدرها في التسلية والتواصل، ولا تلتفت للفرص والإمكانيات الكبيرة في المعرفة والتعلم والتدريب والتأثير.
ينبغي الاعتراف أيضاً بأن الشبكة يمكن أن تستخدم للإضرار بالناس والقرصنة والجريمة والتمييز العرقي أو الديني والإرهاب والابتزاز وانتهاك الخصوصية.. وتظل الحقيقة الأساسية في هذا المجال هي أن الشبكة تعمل لصالح الأكثر مالاً والأكثر تنظيماً، وليس أمام الفقراء والمؤسسات العاملة في التنمية والتنظيم الاجتماعي سوى تحسين القدرات والمهارات التنظيمية لأجل تفعيل منافع الشبكية والبيانات ومواجهة إساءة استخدامها.
وعلى سبيل المثال، فقد أظهرت بيانات الحكومات حول المياه والصرف الصحي وتكرير المياه آفاقاً واسعة لتفعيل استخدام الماء وإيصاله إلى الفقراء والمحتاجين والفرص الجديدة لمواجهة الهدر وإعادة ومراجعة الإنفاق العام ليكون أكثر عدالة وكفاءة، وتؤشر بيانات الإنفاق العام والمرافق في توزيعها على المناطق والفئات الاجتماعية إلى الفجوة بين الفئات والمناطق وفرص ومجالات جسرها. وكذلك أمكن متابعة التحصيل العلمي والمعرفي لجميع الناس من خلال التواصل مع الشبكة وتتبع الدخول إليها.
إن البيانات في ضخامتها وتدفقها وتداولها تعيد صياغة الحياة والمجتمعات والعالم، ما يزيد أهمية عقود اجتماعية جديدة على المستويات الوطنية والعالمية.

نيسان ـ نشر في 2021-04-16 الساعة 11:59


رأي: إبراهيم غرايبة

الكلمات الأكثر بحثاً