اتصل بنا
 

ثلاث صور للإصلاح : أيها تفضل ؟

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2021-05-11

نيسان ـ ذكرتني آخر نسخة وصلتنا من مشهد " الاستدارة " نحو الإصلاح ، " الحديث عن الإصلاح : ادق " ، بصورتين سبق ان رأيتهما : ‏الأولى صورة المدرسة التي تركتها منذ نحو 40 سنة ، حين كنت انا وزملائي الطلبة نجلس على مقاعد الدراسة ، ويقف الأساتذة أمامنا ليشرحوا لنا الدروس ، آنذاك كان أساتذتنا - سامحهم الله - يلقوننا المادة ويطلبون منا أن ننسخها مرات عديدة ، ‏ثم أن نحفظها عن ظهر قلب ، ومن النادر جدا أن يسمح لنا احدهم بأن نخالفه الراي ، وان نلح عليه في الأسئلة ، فما يقوله هو الصواب٫ وما يجب أن نعرفه هو انه يدرك تماما مصلحتنا اكثر .
‏الصورة الأخرى هي ما تعلمته وغيري من رواد المساجد ، من خطيب الجمعة ، فنحن دائما نجلس أمامه صامتين وهو يلقي خطبته ، لا يجوز لأحد أن يتكلم او " يلغوا "٫ فالصمت عبادة٫ والمطلوب ان نصغي فقط ، وان نقبل ما يقوله دون نقاش او رد ، ‏فهو على الأغلب يعرف " ديننا " اكثر منا ، وهو أيضا يتحدث باسم الله ، ومن يجرؤ أن يقول له : أنت بشر ، الخطيب حين يفعل ذلك ربما يكون على حق لأنه يتحدث في الدين لا في السياسة .
‏الشاهد - هنا – ان "الاستدارة " نحو الإصلاح تشبه العملية " الدرامية " ، ثمة نص مكتوب وجاهز ٫ وممثلون يصعدون على الخشبة لابهارنا بأدوارهم ، ومخرج يتولى تصميم العمل وتحديد سياقاته ولحظة " العقدة " فيه ونهايته أيضا ، اما الجمهور فيتابع الأحداث ويحاول أن يستبقها ويتنبأ بما قد يحصل ، وقد يتفاجأ أحيانا بنتيجة أخرى ٬٫ وقد يتعاطف مع أحد الأبطال ، وقد يشعر بالملل من رتابة تطور الأحداث ، لكنه في كل الحالات يظل يتفرج ولا يستطيع أن يتدخل .. وهكذا .
‏خطر في بالي صورة أخرى مختلفة أتمنى أن نستحضرها ونحن نستدير نحو الإصلاح ، صورة مباراة لكرة القدم في إحدى الدوريات او " المونديالات " المهمة ، فريقان ينزلان الى الملعب والجمهور يقف على المدرجات ، روح رياضية تملأ أرجاء الملعب ، حكم يمسك بصفارته ليطلقها عند أي خطأ أو تجاوز ، كل فريق يقدم أفضل ما لديه من مهارات ، لاعبون يمررون الكرة بذكاء ، حراس المرمى يستميتون لابقاء شباكهم نظيفة ، كل هدف جميل يحظى بتصفيق الجمهور ، لا تسمع ‏أي هتافات خادشة للحياء الوطني ، ثم تنتهي المباراة بعد تنافس شريف " بانتصار " فريق او تعادل الفريقين .. ويصطف اللاعبون لتحية بعضهم في النهاية .
‏الاستدارة نحو الإصلاح مهما كانت جادة وحقيقية ، لا تصلح أن تكون رسالة من طرف واحد ٫ او محاضرة لأساتذة على طلابهم الجالسين على المقاعد ، أو خطبة وموعظة يوجهها شيخ فاضل لمستمعيه الذين يتعبدون بالصمت وحق الاستماع ، الاستدارة " اشتباك" بين طرفين ونقاش عام يشارك فيه الجميع ، " ولعب " سياسي نظيف ، وروح رياضية عالية تتنافس فيه الفرق لتسجيل أهداف وطنية جميلة ، الاستدارة لكي تكون مقنعة ومؤثرة وتحظى بثقة الجمهور يجب أن تخرج من يدي " ‏الترزي " ومحلات التصميم الجاهزة إلى فضاءات المجال العام حيث " المجتمع " بمؤسساته وشخصياته العامة وخبرائه والفاعلون فيه٫ هم من يشاركون في صناعة " الثياب " التي سيدفع ثمنها من مستقبله .

نيسان ـ نشر في 2021-05-11


رأي: حسين الرواشدة كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً