اتصل بنا
 

والسهم لولا فراق القوس لم تصب

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2021-05-14 الساعة 15:56

والسهم لولا فراق القوس لم تصب
نيسان ـ تظهر العديد من الدراسات التي تناولت ظاهرة هجرة العقول، ان المنطقة العربية تعتبر من أكثر المناطق الطاردة للكفاءات العلمية، وباستثناء دول الخليج، إذ يهاجر حوالي 100 ألف كفاءة علمية عربية سنوياً إلى الخارج، من 8 دول عربية؛ مصر، والعراق، وسوريا، ولبنان، والأردن، والمغرب، وتونس، والجزائر، ويقدر عددهم منذ السبعينيات بنحو مليون مهاجر.
يتركز معظمهم في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، كما أن 50 % من الطلاب العرب الذين يقصدون تلك البلدان بهدف الدراسة، لا يعودون أبدا إلى أوطانهم بعد الانتهاء من دراستهم.
ما الذي يدفع الكفاءات العربية إلى الهجرة؟
لا سك أن البيئة الطاردة في البلد الأم والبيئة الجاذبة في بلد المهجر تقفان على طرفي نقيض.
من جملة الأسباب الطاردة للعقول في البلدان العربية سوء الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقمع الحريات، وتفشي الفساد الإداري والروتين، وقلة حجم الإنفاق على الأبحاث العلمية، وضعف المردود المادي، وضعف الاستفادة من الخبرات، وانعدام تكافؤ فرص العمل في ظل تفشي الشللية والمحسوبية، وإلحاق الكفاءات بأعمال في غير تخصصاتهم، وعجز الحكومات عن تحقيق أية إصلاحات حقيقية، وارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتزايد إحساس الكفاءات بالتهميش وعدم التقدير والاغتراب في وطنهم الأم.
في المقابل، فأن من أهم الأسباب الجاذبة في دول المهجر، هيتوفر العديد من المزايا المغرية، مثل الجودة النوعية للحياة في مجالات التعليم والصحة والخدمات والبنية التحتية والتكنولوجية، ووجود أنظمة ضمان اجتماعي حقيقية، إضافة إلى توفر بيئة علمية تفاعلية ملائمة للنمو والتطور العلمي والمعرفي والإبداع والاكتشاف والاختراع، ووجود مناخ آمن ومستقر، وتوفر فرص متكافئة للترقي العلمي والعملي والتقدير المجتمعي، ورواتب وامتيازات تأمن للإنسان عيشا كريما، إضافة إلى حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
ما في المقام لذي عـقـل وذي أدب * من راحة فدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضا عمن تفارقــه * وانْصَبْ فإن لذيذ العيش في النَّصب
إني رأيت ركـود الـماء يفســده * إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الغاب ما افترست * والسهم لولا فراق القوس لم تصب
الآثار الإيجابية والسلبية لهجرة العقول على البلدان الطاردة
تكاد تكون التحويلات المالية التي يرسلها المهاجرون إلى بلدانهم هي الأثر الإيجابي الوحيد الذي ينعكس على البلد الأم، بيد ان هنالك العديد من الآثار السلبية والتي لا يمكن حصر تبعاتها على الدول الطاردة مثل؛ تخلف حقول المعرفة واتساع الهوة العلمية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية بينها وبين الدول الجاذبة، الأمر الذي ينعكس على مشاريع التنمية والإصلاح، ويزيد التخلف السائد فيها أصلا، وذلك بعد أن بات مـقياس التقدم متصلا اتصالا وثيقا بمدى تقدم المعرفة وإنتاجه.
كيف يمكن الحد من هجرة العقول؟
لا يمكن الحد من هجرة العقول إلا من خلال محاربة الفساد المستشري، ووضع حد للمحسوبيات، وإنعاش الاقتصاد، ومنح الكفاءات فرص وظيفية مشجعة للبقاء والإنجاز في بلدهم الأم، وتوفير بيئة سياسية واجتماعية مستقرة، وبناء هوية ثقافية قوية، وتعزيز قيم المواطنة، وتوفير بيئة تمد الكفاءات بالثقة وتعزز لديهم الشعور بأن مسيرة الإصلاح فاعلة وتأتي ثمارها، وأن بلدهم يتجه في مسار واضح إلى التطور والازدهار، ما قد يدفعهم للعدول عن فكرة الهجرة واختيار البقاء في أوطانهم واستثمار إمكانياتهم ومهاراتهم على أرضهم.

نيسان ـ نشر في 2021-05-14 الساعة 15:56


رأي: إسماعيل ياسين كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً