اتصل بنا
 

ماذا يجري داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"..؟!

كاتب فلسطيني يقيم في الرياض

نيسان ـ نشر في 2015-04-15

نيسان ـ

هل حقا تم اختطاف هذه الحركة التاريخية المناضلة التي قدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والأسرى والمعتقلين على مدار خمسة عقود على يد مجموعة تآمرت عليها من الداخل، واستغلت "فتح" للحصول على المكاسب والغنائم، مما أدى إلى ضياع الحركة (التي أصبحت غابة الجميع فيها ينهش بعضه البعض) بين أنياب المنتفعين والمتسلقين، حتى أضحت "فتح" مشروع استثماري لدى الطابور الخامس من الأدعياء والدخلاء عليها من الغارقين في وحل الخيانة والتفريط وبيع المواقف المجانية، والمتلاعبين بماضيها وحاضرها ومستقبلها من بعض المارقين والفاسدين والمفسدين وطحالب الفساد والمتسلقين والانتهازيين والوصوليين والمنـتفعين الذين قايضوا الحركة بثرائهم، والذين جعلوا من منها بقرة حلوب، وفضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضية أمتهم ووطنهم..!!

لا يختلف اثنان على وجود أزمة حقيقية تعصف بـحركة "فتح"، وخاصة بعد المهزلة التي حاكتها بعض القيادات المتنفذة في الحركة، وكان من نتائجها فصل وطرد العديد من القيادات والكوادر، وما تبعها من حملة مستهجنة وغير مسبوقة من قيادة الحركة في رام الله ضد أبناء قطاع غزة من قطع رواتبهم تحت ذربعة "مناهضتهم للسياسة العامة لدولة فلسطين" وبتهمة "التجنح" في أسلوب غريب عن عادات وتقاليد شعبنا وثورته في محاربة الناس بقطع أرزاقهم، وغريب جدا عن أخلاقيات حركة "فتح" خاصة عندما يكون الحديث عن مناضلين منهم من أمضى زهرة سنوات حياته في السجون الصهيونية بتهمة الدفاع عن الأرض والعرض والمقدسات، ومنهم من كان في القيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة الأولى عام ١٩٨٧، ومنهم الأسرى والجرحى، ومنهم من هو أخ لشهيد أو شهيدين، ومنهم من يعول عشرة أبناء، وغريب جدا عن أخلاقيات حركة "فتح" ــ على الأقل في عهد ياسر عرفات..!!

البعض في الحركة من يؤكد إن "فتح" تم اختطافها من قبل طرف فاعل بداخلها ضد الأطراف الأخرى ذات التاريخ النضالي المديد، وان قيادة الحركة ممثلة باللجنة المركزية قد فقدت بوصلتها، حيث يواصل الكثير منهم رحلة البحث عن الذات وعن المصالح الخاصة والابتعاد عن الجماهير، والتعلق ببطاقات كبار الشخصيات التي تسمح لهم بالسهر والمجون والتسوق في بارات وأسواق تل أبيب، والتنقل في جميع أنحاء العالم وشعبهم محتجز في المطارات والمعابر..!!

والبعض الآخر يؤكد بأن هذا ماجنته علينا اتفاقية أوسلو المشؤمة في 13/ 9/ 1993، حيث أفرزت هذه الإتفاقية عصابة تتحكم بمصير ومقدرات جميع مناحي الشعب الفلسطيني..!

إن يوم الثالث عشر من أيلول/ سبتمبر 1993 يوم تاريخي فاصل بين عهدين ومرحلتين، بل بين منطقين وعقليتين أيضا..!

لم يأت هذا اليوم صدفة، ولم يهبط من سماء الغيب بالمظلة المجهولة الهوية، فقد امتدت جذوره وتسللت مقوماته وخلفياته على مدى ربع قرن على الأقل، وكانت الخطوة الواحدة في المسيرة الفلسطينية مجرد تمهيد لخطوة أخرى أوسع وأخطر، فتشكل من هذه الخطوات الحلقات حدث متواصل في الجوهر ومتقطع في الشكل نجهل منبعه مثلما نجهل خاتمته، لكننا ندرك أن يوم الثالث عشر المذكور هو المعلم الأبرز حتى الآن، وهو نقطة فصل رئيسية، وقد ترك بصمات في المصير الفلسطيني العربي قد لا تمحى أبدا، مهما اشتدت حركة مقاومة ما حصل في ذلك اليوم.

قبل هذا التاريخ المشؤوم قال القائد الشهيد صلاح خلف "أبو إياد" أن أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر..!

وبعد هذا التاريخ الملعون أصبحت الخيانة والعمالة حقيقة ثابتة..!

فـ "13 أيلول" حول مسار شعبنا السياسي الى مسار بدون هوية..‍‍‍!! وجعل تاريخنا يبدو وكأنه سجل مفتوح للإحباط واليأس والخيانة..!

بعد هذا التاريخ ما أصعب أن تجد مبررا لموقف أو رأي وطني..!!

وما أسهل أن تجد عشرات التبريرات لمواقف الخيانة..!!

في اليوم التالي لهذا التاريخ وجدنا من لم يكن لهم تاريخ نضالي قد شربوا حليب السباع، وصنعوا من بطولات الآخرين بطولات لهم..!!، ومن فشلهم وعجزهم فشل وعجز الآخرين..!!

في زمن عصابة "13 أيلول" تحول السلام إلى حروب أكثر تعقيدا وأشد ضراوة..!!حروب بلا جبهات..!! وأعداء اختلطوا بالأصدقاء..!!

وعملاء انتظموا مع الوطنيين في صفوف الأجهزة الأمنية..!!

في زمن عصابة "13 أيلول" أصبحت كل (لا) فلسطينية صدرت عن كبار وصغار المفاوضين أثناء المفاوضات ثبتت في محاضر الجلسات بـ (نعم)..!!، وكل (لا) اسرائيلية حتى وإن كانت (لا) الناهية أو النافية قبلها المفاوض الفلسطيني على أنها (لا)، وأن عليه أن يقول (حاضر)..!!

بعد 13 أيلول 1993 لا يمكن الحديث عن "فتح" واحدة، بل عن "فتوح" كثيرة لا رابط أو انسجام بينها في أغلب الأحيان، فقد تحولت الحركة بفعل بعض قيادييها والفوضى التنظيمية الداخلية إلى مجموعات متناثرة، وانقسمت إلى أشتات تنظيمية مختلفة تعمل كل منها بوحي منفرد، وبمعزل عن الآخرين..!

في 13 أيلول 1993 كان اتفاق أوسلو الملعون الذي جاء بهذه العصابة..!

انه التاريخ الأنسب لاتفاق مثل هذا، ولعصابة مثل هذه العصابة..!

لا أعتقد أن هناك تاريخا (رقما) أصح وأدق من هذا التاريخ (الرقم).

اتفاق الشؤم يوقع في تاريخ الشؤم..!

انك لا تجد في الفندق طبقة بالرقم 13، ولا تجد في الطائرة كرسيا بالرقم 13..!

والمطلوب رجل واحد ــ واحد فقط ــ ينزع من روزنامة تاريخ النضال الفلسطيني هذه الورقة، فتزول وأصحابها وموقعوها، ولا يبقى في الذاكرة الوطنية إلا نقطة سوداء صغيرة توحي بالعبر الكبيرة..!

نيسان ـ نشر في 2015-04-15

الكلمات الأكثر بحثاً