اتصل بنا
 

ثعلب الجزيرة

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2015-04-01

نيسان ـ

هرب الفتى ابن الإثني عشر ربيعا من رعيه أغنام زوج أمه الذي أشرف على تربيته بعد وفاة أبيه، ليلتحق بشقيقه الأكبر، طالباً منه مساعدته في الالتحاق بالجيش.
كان قبلها قد نهل من العلم ما يكفي لـ"فك الحرف"، حيث التحق - وهو في سن العاشرة - بمدرسة دينية في قرية "معلامه"، تقتصر في تعليمها على تلقين القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن.
ورغم صغر سنه، تمّ له ما أراد، بفضل وساطات عشائرية، التحق بالجيش الأول لينتقل بعدها عند بلوغه الثامنة عشرة الى الكلية العسكرية ويتخرج ضابطا، لتبدأ رحلته في التدرج باتجاه رئاسة الجمهورية.
ومن القصر الجمهوري أدار الدفة، مرة يستخدم ومرة يُستخدم، مرة يعادي الجنوب ومرة يتّحد معه، مرة يتحالف مع صدام حسين ضد دول الخليج ومرة يُسلّم- متنازلا- عن محافظات بكامل ترابها للسعودية، يحالف امريكا ويتحالف ضدها، وكذا يفعل مع القاعدة، وليس خارج هذا الإطار يبني حلفه الآن مع الحوثيين الذي لا يضيره أن ينقلب عليهم في أية لحظة.
ولا يغيب فعل الاستخدام باتجاهيه عن علاقته بالقبائل الرئيسة في اليمن، (حاشد وبكيل وخولان)، الأكثر عددا ونفوذا من قبيلته (سنحان)، وكما هي لعبة السياسة المكرورة، تقبل الأطراف القوية، كمراكز قوى، بالحل الأضعف الوسط، ظانة أنه مؤقت، لكنه يسود ويصبح هو الدائم.
أقدم صالح ومنذ البداية على الهيمنة على قيادة ألوية الجيش والاجهزة الامنية، فولّى عليها أشقاءه وأبنيه وأبناء قبيلته، وكدأب الأنظمة القائمة على الاستبداد بالسلطة، وزّع المناصب غير السيادية على البقية، على سبيل التنفيعات وشراء السكوت والذمم.
وظل الثابت على الدوام، هو أن اليمن كان الغائب الوحيد من حساباته ومعادلاته، فالبلاد على حالها منذ ارتقى سدة الحكم عام 1978، لم يتغير شيء على حال الزراعة أو الاقتصاد أو الصحة أو التعليم أو البنية التحتية، إلا للأسوأ، ولتتحقق المفارقة التاريخية، نرى أن مدينة كمدينة مأرب تفتقد للطرق المعبّدة والخدمات، مع أن اليمني كان قد عمرّها منذ آلاف السنين، ففيها بنيت السدود ومدت الطرق وشقت قنوات الري.
"احرقوا كل شيء" هذا آخر ما جادت به قريحة علي عبد الله صالح، في نداء وجّهه لحلفائه الحوثيين، لكن ليس من شيء يُحرق!! ربما قصد أكداس الذخائر والأسلحة، فماذا سيحرق في بلد حوله لمزرعة للقات، حيث يغطي الِقات 80% من الأراضي الصالحة للزراعة فيه، بلد أصبح يستورد كل ما يأكل من الخارج، وفيه نصف السكان متعطلون عن العمل، ونصفهم أميون، ومثلهم تحت خط الجوع.
ليس هذا بجديد في عالم القرود والثعالب والسعادين.
فالثعلب، على وجه الخصوص، عندما يتسلل للبساتين، يُخرّب أكثر مما يحتاجه للأكل.

نيسان ـ نشر في 2015-04-01

الكلمات الأكثر بحثاً