اتصل بنا
 

بورتريه لصاحب 'البورتريه'

نيسان ـ نشر في 2021-03-06 الساعة 17:35

x
نيسان ـ علي سعادة
تحسب فترة توليه رئاسة تحرير صحيفة الدستور ضمن السنوات الذهبية للصحيفة، كما أظن بوصفي شاهدا عليها وغارقا فيها حد الذوبان برائحة الحبر والمطابع.
ففي تلك السنوات التي صبغت بالعمل الجماعي، عرفت "الدستور" الملاحق المتخصصة والملونة التي كانت تصدر أسبوعيا، مثل "الملحق السياسي" و"الملحق الرياضي" وربما تصادف أيضا مع صدور صحيفة "الدستور الرياضي" الأسبوعية، كما ولد فيها ملحق "قناديل" الرمضاني الذي استمر لسنوات وشهد نجومية الكاتب الكبير ماهر أبو طير، وصدر في تلك الفترة ملاحق اعتبرت وثائق من بينها ملحق النكبة وعدة ملاحق أرخت لمائة عام مضت.
ودخل أيضا في تلك السنوات الفنان الكبير أمجد رسمي الذي يشكل حاليا حالة إبدعية خاصة، وربما بدايات الفنان الشهير عماد حجاج.
وفي تلك الفترة دخل جيل كامل من المخرجين والفنيين لعل في مقدمتهم المرحوم حمزة باديس الجزائري المقدسي الجميل، وشريف حزين وعيسى مسلم، كما كان العصر الذهبي لظهور المرحوم العبقري خيري منصور وقائد المطبخ الصحافي وصاحب اللمسة الأخيرة المعلم رشاد أبو داود "أبو باسل".
بالنسبة لي كنت جزء من كل ذلك، وكان الجانب الذي مسني شخصيا هو الملاحق وبشكل أكثر التصاقا "البورتريه"، لقد كان الدكتور نبيل الشريف هو من اقترح الكتابة بشكل أسبوعي عن شخصية تنشر على الصفحة الأخيرة من ملحق "الدستور السياسي"، والتقطنا الفكرة الفنان العربي العراقي الكبير كفاح محمود، وأنا بإشراف المرحوم محمد جابر إبراهيم الشهير بلقبه "أبو الرائد"، و"أبو باسل" بلمسته الساحرة.
بالنسبة لي كانت محبتي لـ"أبو طارق" تنبع من مصادر عدة فهو من عائلة صحافية وسياسية وقومية عريقة، وهو أبن معلمي ومن كان سندي وداعمي حتى في أحلك الظروف وكل أبناء جيلي يعرفون أنه كان "أبا روحيا " لي.
كما أنه من وضع أسس "البورتريه" وكتب مقدمة كتابي الأول وساندني في نشر باقي كتبي إلى جانب الأستاذ سيف الشريف "أبو محمود" أطال الله عمره، والإنسان الجميل إسماعيل الشريف" أبو الكامل" إلى جانب أخي وصديقي أسامة الشريف.
لم يكن "أبو طارق" طارئا على المهنة، لقد أمضى نحو عشر سنوات كاتبا مثل غيره من الكتاب يتبادل معهم زاوية "مع الحياة والناس" وكان ينشر مقالاته في الملحق الثقافي الأسبوعي مثل غيره من الكتاب.
سيرته الذاتية تقول ذلك، فهو ولد عام 1952 في مدينة العريش، وأنهى دراسته الثانوية في قطر عام 1974 حين كان والده، أيقونة الصحافة العربية المرحوم محمود الشريف يشرف بناء وتأسيس جهاز الإعلام في الدوحة.
حصل على بكالوريوس آداب اللغة الإنجليزية من جامعة الكويت عام 1977، والماجستير عام 1980 في آداب اللغة الإنجليزية من جامعة إنديانا الولايات المتحدة الأمريكية، والدكتورة في آداب اللغة الإنجليزية من نفس الجامعة عام 1982.
عمل لنحو عشر سنوات مدرسا في قسم اللغة الإنجليزية في جامعة اليرموك والجامعة الأردنية، وكان أيضا كاتبا في صحيفة الدستور ومحررا للملحق الثقافي الأسبوعي الذي كان يصدر صباح كل يوم جمعة، ثم أصبح عام 1993 رئيسا للتحرير في نفس الصحيفة.
وما لبث أن عين في موقع الناطق الرسمي باسم الحكومة عام 2003، ثم وزيرا للإعلام، ورئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
ولنحو عامين تقريبا ابتعد عن أجواء الصحافة والإعلام حين عين سفيرا في موريتانيا والمغرب والسنغال ما بين عامي 2004 و2006.
عاد بعدها إلى حضن مهنة المتاعب، رئيسا لتحرير صحيفة الدستور من جديد، ورئيسا لمجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، ورئيسا لمجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ورئيسا لمجلس إدارة معهد الإعلام الأردني ما بين عامي 2006 و2009 حيث عاد من جديد وزيرا لشؤون الإعلام والاتصال.
ولاحقا دخل في عضوية مجلس الأعيان عام 2011 ، كما أسس مركز إمداد للإعلام عام 2013، وفي عام 2018 قرر مجلس محافظي مؤسسة آنا ليند، التي تمثل دول حوض البحر المتوسط، تعيين الشريف مديرا تنفيذيا للمؤسسة، وهي مؤسسة أطلقت عام 2015 بهدف المساهمة في تطوير استراتيجية بين ثقافات المنطقة اليورومتوسطية من خلال التوصيات لصناع القرار والمؤسسات.
ربما ساعدته العائلة في الوصول إلى موقع رئاسة التحرير، لكنها لم تكن لتساعده في تطوير عمله، وفي دخوله إلى الحكومة وزيرا بعد نحو عشر سنوات قضاها في قيادة الصحيفة.
رحيله المفاجئ اليوم بعد إصابته القصيرة بفيروس كورونا، يمثل خسارة شخصية بالنسبة لي فهو أبن معلمي وأعطاني مساحة كبيرة للعمل في "الدستور" بكل حرية وثقة، وحظيت لنحو عشر سنوات بدعمه ومساندته ومحبته.
رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، وتقبله مع الصالحين والمؤمنين، وجزاه عني كل خير وعزائي للعائلة الكريمة.

نيسان ـ نشر في 2021-03-06 الساعة 17:35

الكلمات الأكثر بحثاً