اتصل بنا
 

عالم الألوان والسياسة

أديب ومحلل سياسي استراتيجي

نيسان ـ نشر في 2015-12-02 الساعة 16:25

نيسان ـ

ترتبط الألوان ارتباطا وثيقا بعالم السياسة، وكثيرا ما يدخل اللونان الأبيض والأسود في وصف العمل السياسي حيث كثيرا ما توصف السياسة بانه لا يوجد فيها اسود او ابيض، وفي تحليل للون الأبيض رغم انه لا يعتبر من الألوان الا انه يأتي حاسما في التمييز بين حالة وحالة فهو علامة للاستسلام في الحروب ولا يقبل تأويلا اخر وعنوان للسلام في موقع آخر، وفي بعض الثقافات كالهندية مثلا هو دلالة على الموت، وهكذا فاللون الأبيض حاسم في وصفه وصفته لا يقبل تفسيرات اخرى، أما اللون الأسود رغم انه ليس من الألوان ايضا فهو لون واضح يمكن تمييزه بسهولة، وهكذا يمكن القول ان اللونين الأسود والأبيض هما لونان واضحان يمكن تمييزهما بسهولة بينما في عالم السياسة لا يمكن التمييز او الرهان على المواقف السياسية التي تتبدل وتتماوج وتتلون وفقا لمصالح هذا الطرف او ذاك، وما يمكن ان يكون معاديا اليوم يصبح صديقا في يوم اخر، وهنا يحلو للبعض ان يصف التماوج في المواقف السياسية باللون الرمادي خصوصا اذا عرفنا ان هذا اللون يأتي مزيجا بين اللونين الأسود والابيض، علما ان اللون الرمادي كثيرا ما يرتبط اسمه بالدلالة على الاكتئاب والحزن، واعتقد ان هذا اللون هو الأكثر تداولا في عالم السياسة لانه يبرز قدرة السياسيين على المزج بين الخطأ والصواب بين الحقيقة والخيال بين وحشية الانسان وآدميته، وهنا يأتي اللون الرمادي في وصف المواقف السياسية غير الواضحة والتي تتبدل باستمرار وهكذا يمكن اعتبار هذا اللون من اخطر الألوان في عالم السياسة لانه ضبابي وغير واضح.

ويدخل اللون الأحمر في عالم السياسة بقوة، وكما هو معروف يعتبر اللون الأحمر احد الألوان النارية ويأتي كدلالة على التحذير والخطر واستخدمه البعض دلالة على الدم كما استخدمته بعض المذاهب السياسية كلون لها كالثورة البلشفية والثورة الشيوعية الصينية وكثير من الحركات السياسية اليسارية اتخذته لونا لها. كما ان اللون الأحمر لا يقبل التأويل وفي استخداماته السياسية كثيرا ما نسمع تعبير يطلقه احد السياسيين تجاه احدى القضايا والتي قد تكون سياسية او اجتماعية او اقتصادية "خط احمر" أي بمعنى انه من غير المسموح لاي احد كان ان يتجاوز هذا الخط الأحمر والا فانه سيعرض نفسه للعقوبة والمساءلة، ومع ذلك يمكن القول انه على الرغم من نارية هذا اللون وقوته الا انه في عالم السياسة يأخذ قوته من قوة الدولة وكينونتها، فعبارة "خط أحمر" عند بعض الدول أصبحت محلا للسخرية والاستهزاء والتندر سواء من مواطنيها او من الاخرين، فكأن يقول احدهم وحدة الدولة هي خط احمر بينما هي في واقع الحال مقسمة وليس للدولة عليها سيطرة فذلك ولا شك محل سخرية، وكان يقول البعض ان الوحدة الوطنية هي خط احمر بينما واقع الحال يشير الى انقسامات تصل أحيانا حد المنطقة الواحدة بين منطقة شرقية وأخرى غربية، وكأن يقول البعض ان فلسطين خط احمر وهي محتلة منذ عقود وتنتهك كرامتها ويقتل ويؤسر أبناؤها فذلك فعلا مدعاة للسخرية، وكان يقول البعض ان تقسيم العراق وسوريا واليمن خط احمر وواقع الحال يشير الى غير ذلك تماما فذلك مثير للسخرية أيضا.

وهكذا يمكن القول ان للألوان تأثيراتها السياسية على حياتنا خصوصا ان سياسيينا يدرسون واقع هذه الألوان جيدا، مع ان الخط المستقيم هو اقصر الطرق للوصول الى الهدف ومع ذلك يصرون على تفسير الأشياء بغير حقيقتها وتأويل الأمور الى غير غايتها باختصار هم يعشقون السير بخط متعرج ويرسمون الألوان بغير حقيقتها.

نيسان ـ نشر في 2015-12-02 الساعة 16:25

الكلمات الأكثر بحثاً