اتصل بنا
 

المخابرات العامة والتغييرات الأخيرة

نائب في البرلمان الأردني

نيسان ـ نشر في 2019-05-06 الساعة 10:40

نيسان ـ مع التغییرات في الدیوان ثم في المخابرات العامة تحققت التكھنات التي تدور منذ بعض الوقت. ثمة احتمال لمزید من التغییرات و“إعادة الھیكلة “ وقد یتبعھا التعدیل الوزاري العتید بما في ذلك تعیین وزیر دفاع – لأول مرة منذ عقود – مع أن تسریبات أحدث تقول انھ قد تم غض النظر عن الفكرة! فیما یستمر الحدیث عن نقل بعض مستشاري الدیوان الى الوزارة.
مھما یكن الأمر فالسؤال الأبرز ھو عن الدلالات السیاسیة للتغییرات؟! تغطیات صحفیة ربطت التغییرات بالاستحقاقات القادمة اقلیمیا ومحلیا، صفقة القرن من جھة والتھدید للاستقرار الداخلي مع الصعوبات الاقتصادیة واحتمال عودة الاحتجاجات وخروجھا عن السیطرة والحاجة الى مفاصل في القرار تستطیع قراءة المشھد والتعامل معھ. ثمة فیض من القراءات تقول بالایحاءات كلاما كبیرا وھي لا تقول شیئا.
انما الحقیقة الأبسط یمكن قراءتھا في رسالة جلالة الملك لمدیر المخابرات الجدید التي تشیر إلى بعض التجاوزات ”الفردیة “ التي حدثت وغلبت المصالح والاعتبارات الشخصیة على المصلحة الوطنیة والمؤسسیة – والاشارة قد تكون لتجاوزات قدیمة أو حدیثة وربما ذات صلة بدفعة الاحالات الأخیرة على التقاعد سبقت تعیین المدیر الجدید وھو یوصف كشخصیة شابة محترمة شدیدة المھنیة والالتصاق بالعمل وقد شغل مواقع عمقت خبرتھ بالشأنین الداخلي والخارجي.
أما تغییرات الدیوان فقد كان معلوما ان الدیوان متخم بالموظفین من المستوى المتوسط والأدنى لكنھ أضحى فقیرا بالقیادات العلیا التي تشیل الحمل – وخصوصا الخارجي باقتدار فتم ملء عدة مناصب لصف أول من المستشارین دفعة واحدة وقد یلحق ذلك إعادة ھیكلة داخلیة. وبالنتیجة یمكن رؤیة التغییرات من منظور تقویة وتجوید الأداء ومعالجة الثغرات أكثر من اي شيء آخر. المخابرات العامة اعتبرھا جلالة الملك ”مثل اي مؤسسة حكومیة أخرى“ وقد تحدث فیھا تجاوزات لا تنفي میزاتھا الاستثنائیة المشھودة أمام العالم والتي حمت أمن البلاد والعباد والمؤسسات الدستوریة وعبرت بالوطن سالما آمنا حین ضربت موجة الإرھاب العاتیة الدول والمجتمعات.
والمخابرات العامة تتبع دستوریا رئاسة الوزراء رغم أن الملك بموجب الدستور یعین رئیسھا. ویوجد على موقع الرئاسة تعریفا بالدائرة یركز على مبادئ الشفافیة وحكم القانون، ویقول إن مركز التوقیف فیھا یعتبر جزءا من مراكز الاصلاح والتأھیل ویخضع لقانونھا ویخضع لتفتیش قضائي اداري.
وتقوم المنظمات الحقوقیة مثل الصلیب الأحمر والمركز الوطني لحقوق الانسان بزیارات دوریة تفقدیة لھ. وبالمناسبة ھذا كان قائما حتى زمن ”الاحكام العرفیة“ واختبرتھ شخصیا في الثمانینیات أثناء توقیفي، اذ كان مندوب الصلیب الأحمر الدولي یأتي دوریا للزیارة ویحصل على قائمة بأسماء الموقوفین وینفرد بلقاء كل واحد منھم ویتقصى بالتفصیل عن معاملتھ.
وبالمقابل اختبرت شخصیا في مرحلة الدیمقراطیة معنى الأمن والأمان الذي یوفره الجھاز للمواطنین حین تعرضت لھجوم لیلي بأداة حادة أمام منزلي وھرب الجناة دون دلیل واحد لمتابعتھم فشرفني جلالة الملك شخصیا باتصال قال فیھ إنھ یعتبر الاعتداء على الصحفیین خطا أحمر ووجھ المخابرات لإخراج الجناة من تحت الأرض وفعلا تم ذلك خلال اسبوع فقط.
وكانت المتابعة رسمیة وقانونیة للبحث الجنائي لكن كنت اعلم أن المخابرات تعمل من وراء الستارة على مدار الساعة وساعدت في القبض على الجناة المباشرین. ّ ھناك جدل دائم حول نفوذ المخابرات على السیاسة والحیاة العامة ومن المستحیل تحدید الفواصل والتخوم بدقة لمؤسسة مسؤولة عن أمن البلد الخارجي والداخلي – وفي منطقة كمنطقتنا! – وھي مسؤولیة تتغیر مع الأزمنة والظروف وحتى طبیعة المسؤولین لكنھا مع ّ الوقت ستستقر وتترسم بصورة افضل بقدر ما تتقدم وتستقر المؤسسات السیاسیة الأخرى ولعل ھذا ھو موضوع الاصلاح السیاسي العتید.
الغد

نيسان ـ نشر في 2019-05-06 الساعة 10:40


رأي: جميل النمري نائب في البرلمان الأردني

الكلمات الأكثر بحثاً