اتصل بنا
 

ليس اثرياء الأردن وحدهم مطالبين برؤية ما يجري بوضوح.. الفئات العشائرية والحزبية أيضا

نيسان ـ لقمان إسكندر ـ نشر في 2020-07-14 الساعة 10:46

ليس اثرياء الأردن وحدهم مطالبين برؤية
نيسان ـ حشدت أزمة كورونا تأثيراتها العميقة على قطاع الهجرة، حتى وإن فُتحت المطارات وطارت الطائرات. فلم يعد قتيبة يملك قرار الهجرة متى شاء.
أستراليا أعلنت تخفيض عدد المهاجرين للعام الحالي بنسبة ٨٥٪؜ بعد ما كانت قد حددت كوتة سنوية تقدر ب ١٦٠ ألف مهاجر، وحزب العمال المعارض - وهو حزب يساري يؤيد زيادة الهجرة والمهاجرين - انضم الحكومة اليمنية وطالب بمراجعة شاملة للهجرة وتقليل الأعداد حتى يستفيد الأستراليون من التعافي. فيما ترامب أعلن تعليق برنامج تأشيرات العمالة المهاجرة مؤقتا. أما أوروبا فحدث عن أزماتها قبل وبعد كورونا ولا حرج.
إن العالم يتجه إلى صياغة منظومة اقتصادية يمينة، تتناقض مع ما كانت عليه الأمور قبل الفايروس، عنوانها اليمينية الاقتصادية.
الدول الإسفنجة التي كانت تمتص العقول الشابة حول العالم لم تعد قادرة على ذلك، بفعل معطيات الظروف الاقتصادية الناجمة عن الفايروس، وهذه واحدة من بين التأثيرات الاقتصادية التي سيكون لها تبعات سياسية واجتماعية حادة، على العالم بأسره.
بالتأكيد ليس قطاع الهجرة ما سيحرك كل ذلك. هو مجرد نموذج للتأثيرات العميقة التي تجري اليوم في العالم.
إن البشرية، كما كنا نعرفها في القرن العشرين، صارت من الماضي، رغم ان التأثيرات أعمق من قدرة الفرد على استيعابها، وهذا ما استوعبته الدول، وتحركت على إثره سريعا. ومن هذا السياق نفهم مشهد قرارها مطاردة المتهربين ضريبيا من أثرياء الأردن.
بالطبع هذا يعني أن الزواج الذي طال بين رأس المال والسياسي خلال العقود الماضية انتهى، أو أوشك على النهاية، وأننا أمام بناء منظومة سياسية جديدة ستفرض نفسها على المستقبل القريب. فيما الفاعلون "المسؤولون" اليوم هم أدوات مؤقتة للمنعطف الحالي، وهذا يعني الكثير أردنيا، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا.
لقد بتنا نقلّع شوكنا بأيدينا، برغم المنح السياسية التي ما زالت تتدفق علينا، سوى أنها وحدها لم تعد كافية لتغطية كل النفقات، بل المتوقع أن تبنى المنح والمساعدات على شروط جديدة أكثر قسوة واستعمارية. وهذا يعني أننا أمام عالم "القرن التاسع عشر"، وإن كان بوجه القرن الواحد والعشرين.
الدولة – ومنها الأردن – الآن تعيد انتشارها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بما يتوافق مع المرحلة المقبلة، وهذا ما لم يستوعبه أثرياء عصر ما قبل كورونا. وإن لم يكونوا اذكياء بالقدر الكافي سيطيحون بأنفسهم بأيديهم.
وليس أثرياء الأردن، وحدهم، المطالبون برؤية ما يجري بوضوح. هناك فئات عشائرية وحزبية هي الأخرى مطالبة بذلك، إن كانت راغبة في المشاركة والفاعلية مستقبلا. رغم أنها اليوم ترتدي الثوب نفسه، وتحكي اللسان نفسه بنفس شعاراتها وقصصها.
على العموم، ما يجري تدافع حاد بين الفئات المتصارعة. ولا نعلم كيف يصوغ نفسه مستقبلا.

نيسان ـ لقمان إسكندر ـ نشر في 2020-07-14 الساعة 10:46

الكلمات الأكثر بحثاً