اتصل بنا
 

ثلاث جوائح شكلت نتائج الانتخابات النيابية

نيسان ـ نشر في 2020-11-12 الساعة 09:38

x
نيسان ـ نيسان.. خاص
لم تكن جائحة كورونا العامل الوحيد الذي ترك أثاره في انتخابات أعضاء المجلس النيابي التاسع عشر، بل إنها تزامنت مع جائحتين أخريين عصفت جميعها بالانتخابات.
لقد تضافر العامل الوبائي مع التدخل الرسمي (المنظم) من جهة، والمال السياسي الأسود ( غير المنظم، المضبوط على قياس التدخل الرسمي) من جهة أخرى، فكانت هذه النتيجة الماثلة أمامنا اليوم، المصاغة هندسيا لتكون نسخة لتشكيلة مجلس الأعيان، وهي صيغة سياسية باهتة ستلقي بظلالها على المشهد السياسي طوال أربع سنوات مقبلات.
لم تتخطَ نسبة التصويت في بعض الدوائر حدود الـ 10%، ولم تتجاوز المعدلات العامة للمشاركة في الانتخابات نسبة 30%، وهذا ليس مرده الحالة الوبائية فقط، بل إن حالة من عدم الثقة المزمنة بالاجراءات الرسمية تتعمق شعبيا وتزداد، وليس من شك بأن هذا التراكم المستمر للسلبية في العلاقة بين طرفي معادلة العقد الاجتماعي، سيولد أزمات كبيرة في المستقبل القريب.
وحتى لا نبقى نعوم على ضفاف العموميات، فإن الحديث يجب أن يكون مباشرا وصريحا، فلا يمكن تحميل المسؤولية للأحزاب السياسية في الحين الذي صمم فيه قانون الانتخاب بحيث يضمن غياب الاحزاب، ففي الوقت الذي يجب أن يتشكل المجلس حسب التوجهات السياسية للأردنيين، فإنه يجري حرف المشهد بحيث يتم تزوير الصورة، لينتج عن ذلك أن بعض التشكيلات الاجتماعية تخطف أكثر من 10% من المقاعد، وفئة أخرى، من المتقاعدين، تتحصل على أكثر من 20% من مقاعد المجلس، بينما فئات مهمة، كالعمال والمعلمين والعاطلين من العمل والمزارعين والشباب، تُهمش تماما.
وبما يتوافق مع تلك الصورة، فإن الدولة العميقة، صاحبة السطوة في صياغة تشكيلة المجلس، تركت الباب مواربا للمال السياسي (الأسود) بحيث يغطي المساحات التي لم تستطع صياغتها كما هو مأمول منها، فرأينا كيف أن بعض المقاعد المتوقع ذهابها للمعارضين، تُركت نهبا لعصابات المال الأسود، على مرأى من الأجهزة الرقابية وبتواطؤ كامل منها.
الانتخابات هي المحك الحقيقي لاختبار الديمقراطية، ويفترض أنها تعكس الموقف الشعبي في أروقة المجلس؛ على شكل كتل وتيارات تمثل المصالح الطبقية والفئوية لكافة المستويات الاجتماعية والجغرافية، وبما يضمن التمثيل الصحيح للرأي العام، وهذا المؤشر قياسي وتقويمي، بمعنى أنه اختبار لشرعية السيادة والسلطة، فأي أثر نلمسه اليوم لحراك المعلمين في هذا المجلس الجديد؟ أي أثر نلمسه لكوفيد-19 وتداعياته، وأي أثر للأزمات السياسية والاقتصادية التي تتهدد أمن واستقرار البلد؟ اذا لم يحدث ذلك، وهو لم يحدث في الواقع، فإن خللا كبيرا يعتري آليات ديمقراطيتنا العتيدة.

نيسان ـ نشر في 2020-11-12 الساعة 09:38

الكلمات الأكثر بحثاً