اتصل بنا
 

التوجيهي.. صراع على حياة لا معنى لها

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2021-07-10 الساعة 09:15

التوجيهي.. صراع على حياة لا معنى
نيسان ـ
إبراهيم قبيلات...سيارات إسعاف، وصراخ وعويل وإغماءات بين الطلبة، هي مشاهد متكررة لحكاية اسمها الثانوية العامة "التوجيهي".
المشهد ليس مفاجئا، يمكن ان نخلص فيه الى نتيجة مفادها أننا فشلنا في تحديد البوصلة.
كيف حولنا شهادة الثانوية العامة الى هدف بحد ذاته بينما أمامها الف شهادة لا نكترث لها.
هذا يعني أننا فقدنا القدرة على تمييز الأولويات . فهل تعني لنا الشهادة ان الطالب حقق العلم المطلوب؟ الاجابة لا. فالبعض من طلبتنا يعانون من أمية باشكالها المختلفة، بل إن طلبة جامعاتنا يتخرجون من جامعاتهم وكل ما حصلوه ورقة إضافية أطلقنا عليها اسم شهادة. ثم جاءت كورونا ففعلت الكثير في منظومة تعليمية هشة.
شهادة لم تحقق امتياز العلم، ولا تحقق معنا التربية، ولا هي ضمانة لكسب المال ولا لعبور لعبة الكراسي والوظائف، والمفجع أننا نرفع هذه الشهادة مكانا عليا كما لا نرفع شيئا اخر.
اجتماعيا لا يمكن لك ان تحصل على شرعية الحياة والعيش من دونها. وسياسيا، عليك ان تحصل على بعض منها لتقبل مبدئيا.
هذا وغيره اضاف للشهادة ثقلا لا تحمله ورقة اخرى، بل ان كثيرا منا يقبل أن يحمل شهادة الهندسة مثلا فيضيع من حياته خمس شنوات عجاف ثم يلقى به في سلة البطالة.
المهم الشهادة، وتحديدا الثانوية العامة، وكأنها شهادة الولادة الاخرى.
نحن أمام منظومة مهترئة، فيها السوق لا يعترف بالشهادة الا بالقدر الذي يبقيه وحشا لا يرحم.
أما الكارثة فهي ان الحلول مفقودة، فنحن لا نستطيع التخلي عن دور وزارة التربية والتعليم في منحنا شهادة الولادة الثانية لصالح منحها لجامعات باتت تعمل بمنطق الدرهم والدينار، ومنطق السوق لا العلم.
لو ان لجامعاتنا القدرة على التصنيف والمفاضلة وإنتاج المخرجات المطلوبة لقلنا ان من يفلت من الثانوية العامة ولم يحقق الحد الادنى المطلوب من العلوم والمهارات بل والحياة؛ ستفرزه الجامعات.
لكن شقوق الجامعات فاغرة فاهها على جيوب الناس فصارت رؤيتها قاصرة عن المفاضلة الجادة، ولا تكاد مخرجاتها تضيف شيئا جادا، الا من رحم ربي.
قديما كان التوجيهي مجرد محطة تصنيف يتلوه محطات تصفية وتصنيف اخرى، اما ما نعانيه اليوم فإن جميع المحطات باتت تعاني، وتحتاج الى من يعينها.
ظني اننا بحاجة الى سنوات طويلة قبل ان نصل لفكرة تنقذنا من العبث الذي نعيش.
وهذا ليس تشاؤما بل توصيفا لواقع صنعناه بيدنا.

نيسان ـ نشر في 2021-07-10 الساعة 09:15


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً