اتصل بنا
 

سياقات ومآلات تسارع الدفء في العلاقات الأردنية- السورية

كاتب وخبير أمني

نيسان ـ نشر في 2021-09-24 الساعة 11:50

نيسان ـ تتوالى المؤشرات التي تؤكد على ان تطورات متسارعة يشهدها مسار العلاقات الأردنية السورية، استنادا للقاءات التي تعقد بين الجانبين الأردني والسوري، حيث شهدت الأيام القليلة ثلاثة لقاءات على درجة عالية من الأهمية، بدأت بمشاركة وزير الطاقة السوري في اللقاء الذي عقد في عمان بحضور نظرائه المصري واللبناني لبحث تفاصيل انجاز التعاون في ملف الطاقة تحت عنوان "الغاز المصري والكهرباء الأردنية" الى لبنان عبر سوريا، ثم جاءت زيارة وزير الدفاع السوري "العماد علي أيوب" ولقائه مع نظيره الأردني، فيما أعلن عن لقاء وزراء خارجية البلدين على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نييورك، ومن المرجح استمرار تلك اللقاءات وبمستويات أعلى، ربما تصل الى لقاء رئيسي وزراء البلدين، وصولا للقاء قمة بين جلالة الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد.
ربما لم يشكل التسارع في التطورات الإيجابية بالعلاقة بين البلدين مفاجأة لكثير من المتابعين، اذ ان هذه اللقاءات جاءت تتويجا لمسار اتصالات "علنية وسرية" بين الجانبين، وبما يحقق مصالح البلدين، كان جوهرها الرؤيا الملكية الأردنية والمعبر عنها بالملف الذي حمله جلالة الملك خلال زيارته لواشنطن ولقائه مع الرئيس بايدن ،والمعروف ب" استثناء الأردن من عقوبات قيصر الامريكية المفروضة على سوريا"، والذي سبقته اتصالات أردنية مع الجانب الروسي خلال القمة التي جمعت بين جلالة الملك والرئيس بوتين في موسكو، خلال عمليات الجيش السوري لاعادة الامن في مناطق درعا، والاتصالات الخاصة بخط الغاز العربي إلى سوريا ولبنان.
مسارات العلاقة الأردنية السورية، بعد هذه اللقاءات، محكومة بقواسم مشتركة لدى الجانبين، تتجاوز المسالة الأمنية،المرتبطة بالهواجس الأردنية من التهديد الحدودي الذي تمثله جماعات إرهابية ومليشيات تابعة لإيران بالقرب من حدوده، واتهامات" أوساط" سورية للاردن بدعم بعض العشائر في الجنوب السوري،وجوهر تلك القواسم المشتركة الرغبة الشعبية لدى الجانبين بعودة العلاقات، وإدراك القيادتين لأهمية هذا التعاون خاصة في المجالات الاقتصادية، لا سيما وأن الأردن يعاني كما هو حال سوريا أزمات اقتصادية ، مؤكد ان التعاون بين الجانبين سيخفف من وطأتها.
لكن نتائج هذا التقارب ستتأثر وبنسب متفاوتة بمواقف وأدوار اللاعبين الإقليميين والدولين، واذا كان القاسم المشترك بين هؤلاء اللاعبين هو التوافق على الحل السياسي في سوريا، فإن "مكاسب ما بعد الحل" ربما تتباين، فللحليفين "الروسي والإيراني" حسابات حول أدوارهما وما يوصف بحقوقهما في إعادة الاعمار، وان كانت اليد الطولى في التأثير بالقرار السوري لموسكو اكثر منها في طهران، فيما يشكل عدم الوضوح عنوانا للاستراتيجية الأمريكية بالنسبة للملف السوري، وان كانت لا تتجاوز في مخرجاتها النهائية متطلبات ومصالح إسرائيل.
ومع ذلك، فالمؤكد ان "خط الغاز العربي" عبر سوريا ومنها الى لبنان، يشكل عنوان المرحلة الجديدة، وتبدو اللقاءات بين الحكومتين الأردنية – السورية تفاصيل امام خط الغاز، الذي تؤكد المعطيات انه مقدمة ورسالة من الطرف الإيراني، رغم الصورة الإعلامية لناقلات النفط الايرانية من الشواطئ الايرانية الى سوريا ، والتي ما كانت لتنجز رحلتها دون ضوء امريكي اخضر " مباشر او غير مباشر عبر الرسائل المشفرة المتبادلة" بين طهران وواشنطن.
مؤكد ان الصورة ليست وردية وترجمات المرحلة الجديدة لن تمر بسهولة، لكن المؤكد أيضا ان تحولات عميقة قادمة تشهدها المنطقة، ولا يمكن الركون إلى نتائجها ، وهناك دوما فرصا يمكن استثمارها رغم الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية، وهو ما نجح فيه الأردن بالعلاقة الوثيقة مع واشنطن وموسكو في آن معا، وهو ما تستطيع سوريا فعله،لا سيما ان للجغرافيا كلمتها وأحكامها.

نيسان ـ نشر في 2021-09-24 الساعة 11:50


رأي: عمر الرداد كاتب وخبير أمني

الكلمات الأكثر بحثاً