اتصل بنا
 

التحرش الأمريكي بحدود روسيا. ماهو الهدف؟

نيسان ـ نشر في 2021-10-28 الساعة 22:37

نيسان ـ التحرش الأمريكي العسكري بحدود المياه الروسية في منطقة اليابان عبر المدمرة (Chafee) بتاريخ 15 اكتوبر 2021، والتصدي لها وإجبارها على تغيير مسارها من حيث أتت بمبادرة من المدمرة الروسية (أدميرال تريبتوس) ووزارة الدفاع الروسية، في زمن أجرت فيه روسيا مناورة عسكرية مع حليفتها الصين الشعبية، واستدعاء للملحق العسكري الأمريكي من قبل وزارة الخارجية الروسية، ليس الأول في التاريخ المعاصر، فلقد سبق للبارجة البريطانية العسكرية (Defender) بتاريخ 26 حزيران 2021 أثناء مناورة لحلف (الناتو) العسكري بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية أن اخترقت المياه الإقليمية الروسية تحت تحذير لوزارة الدفاع الروسية في منطقة إقليم (القرم) الروسي العائد لوطنه الأم روسيا عام 2014، وهو المختلف على شرعيته مع أوكرانيا التي تعتبره محتلا رغم جذوره التاريخية التي تعود للحرب الروسية - العثمانية بقيادة الامبراطورة يكتارينا الثانية الكبرى في النصف الثاني من القرن الثامن عشر التي انتصرت فيها روسيا وضمت فيها القرم في عمق التاريخ القديم. وهو الأقليم الذي مكث في العهدة الأوكرانية في الحقبتين السوفيتية والروسية منذ عهد الزعيم نيكيتا خرتشوف عام 1954 وحتى عام 2014 في عهد الرئيس فلاديمير بوتين 60 عاما.

وثمة فجوة ملاحظة بين المكون السياسي والأمني والعسكري الأمريكي والروسي في المقابل بوجود حلف (الناتو)، وفي زمن غياب حلف (وارسو) بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1990. ومؤتمر جنيف لعام 2021 (بايدن- بوتين) أعطى مؤشرا على أن صفحة جديدة في العلاقات الأمريكية - الروسية من شأنها أن تسدل الستار على تاريخ الحرب الباردة بمجملها، وهي التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 والتي اشتركت فيها أمريكا إلى جانب الحلف السوفيتي ومنه الروسي، ثم انشطرت عنه لصالح تشكيل القطب الأوحد بهدف السيطرة على أركان العالم الاقتصادية والسياسية والعسكرية، بينما شكل وقتها السوفييت قطبا جبارا شرقيا مناهضا، وانسحبت المناهضة المعاكسة على العالم الغربي أيضا. وتصريح لوزارة الخارجية الروسية تقدَمه (قسطنطين فورنتسوف) القائم بأعمال مراقبة الأسلحة بتاريخ 11 أكتوبر 2021 أعلن من خلاله عن عزم موسكو تطوير أسلحتها المتقدمة أسوة بتطوير الولايات المتحدة الأمريكية لسلاحها المتقدم. ومقابلة للإعلام الأمريكي مع الرئيس بوتين بتاريخ 14 اكتوبر 2021 في المجالين السياسي والاقتصادي جرت بإرتياح كبير ولم تكن الأولى، وحجم تبادل تجاري أمريكي - روسي وصل العام الحالي 2021 إلى 19.8 مليار دولار، وهو قليل بالمقارنة مع التجارة العالمية.

وحري بي هنا أن أعيد للذاكرة قول للرئيس بوتين عندما اخترقت البارجة البريطانية هذا العام أيضا المياه الأقليمية للقرم، عندما قال بأنه لو عملت روسيا على إغراق البارجة لما حدث شيئ، وقصد ما يشبه الحرب العالمية الثالثة، بسبب أن الطرف الآخر - أي أمريكا- وعموم (الناتو) يعلمون مسبقا بنتيجتها التي لن يربحها أحد. وحتى لا نذهب بعيدا، فإن حربا عالمية ثالثة لن تحدث بطبيعة الحال، لأنها لو حدثت لا سمح الله، فإنها ستعيد العالم إلى ما قبل التاريخ، إلى عصر الكهوف والحجارة والعالم البدائي، وهو المرفوض من كل الأطراف الدولية النووية الكبيرة، فما بالكم عندما نتحدث عن قدرات الدول العملاقة فوق النووية مثل روسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية قائدة حلف الناتو العسكري؟! ولا ننسى هنا بأن حب الحياة هو الغالب ولا فرصة لغالب عبر اقتناص الفرص والاقتراب من الحدود ما دامت الرقابة الدائمة موجودة والقوة المقابلة أيضا.

فماذا أرادت أمريكا من فعلتها العسكرية تلك عبر مدمرتها النووية هذه المرة؟ وماذا أرادت بريطانيا قبلها بنفس الطريقة وبإسم الناتو؟ ولماذا هي سياسة الأختراقات في زمن الرادارات الحديثة والرقابة على مدار الساعة؟ وماذا سيجني العالم من حمى سباق التسلح الملياري الدولاري بين الدولتين العملاقتين روسيا وأمريكا في وقت يحتاجان به وكل العالم للتنمية الشاملة (الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية)؟ ألم تأخذ أمريكا ومعها الغرب (الناتو) العبرة من تعادل روسيا في مجال السلاح النووي معهما، إن لم تتفوق عليهم نوعاً وسراً؟. لنتابع معا تطورات الصواريخ الروسية النووية فوق الصوت (أفانغارد، كينجال، زيركون)، أو ليست العروض العسكرية الروسية السنوية المهيبة في الساحة الحمراء والبحرية مثلها في مدينة سانت بيتربورغ شاهدة عيان على ما أقول هنا؟ ويقابل حديثي هذا عدم إثبات اختراق روسيا عسكريا للمياه الإقليمية يوما. وإذا كانت الحربين العالميتين الأولى (1914 1918) والثانية (1939 1945) شكلتا كارثتين بشريتين كبيرتين، فكيف بنا أن نتصور اندلاع حرب عالمية ثالثة نووية تلغي الحضارات والبشرية مجتمعين؟ وانسحاب أمريكا من معاهدة نزع الأسلحة النووية عام 2019، أعطى معنىً مغايراً لما هو مطلوب من أجل ضبط صعود سباق التسلح سراً وعلناً، خاصة من الطرف الأمريكي، وكما ذكر لنا الرئيس بوتين نفسه بتاريخ 17 حزيران 2021. دعونا نتأمل والعالم يدعو لمواصلة تطويق جائحة كورونا (COVID 19 ) غير المعروف أصولها و منابتها، وهل هي صناعية أم طبيعية؟ والعالم متفق أيضا على محاربة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، وفي مقدمته عصابات "داعش" و "النصرة" المجرمتين المتفرعتين إلى جانب عصابة "بوكو حرام" وغيرهم من صنوف الإرهاب الخطيرة التابعة لتنظيم "القاعدة" الأم المجرم والأكثر إجراما أيضا.

نيسان ـ نشر في 2021-10-28 الساعة 22:37


رأي: د.حسام العتوم

الكلمات الأكثر بحثاً