اتصل بنا
 

حبة بندورة... حلم جائع في زمن الذلّ العربي

حينها تذكرتُ منشوراً لأحد الآباء في غزة: يحمد اللهَ أن أطفاله الخمسة استشهدوا قبل أشهر... لم يروا المجاعة.

نيسان ـ نشر في 2025-06-08 الساعة 15:36

x
نيسان ـ إبراهيم قبيلات

- كيفك؟
- آهلاً
- بدي رغيف خبز، حبة بندورة، أي شي... ما أكلت من ثلاثة أيام."
(خرجتُ من المحادثة ولم أُرد. ظننتُ نفسي عاجزاً)
حينها تذكرتُ منشوراً لأحد الآباء في غزة: يحمد اللهَ أن أطفاله الخمسة استشهدوا قبل أشهر... لم يروا المجاعة.
- اسمع... ما بدي فلوس! على الفاضي! بس إذا قدّرت آكل...
(فتحتُ الرسالة... ثم خرجتُ بلا رد)
- ألووووو!
(صديقي وعزيز القوم... أبو كريم)
- الوووووو!
(شعرتُ بحلقي ناراً، وصدري مطعون)
- الووووو... يا رجال رد علينا!
- أيش أُحكي لك يا أبو كريم؟
بعد دقائق من الذلِّ غرقتُ فيها، أجبته:
- يا رجل... مش طالب منك شي! خلِّص انسى!"
(يداي ترتعشان)
-جيعان يا خوي! مش عيب أطلب أكل من أخوي؟ ولا لااا؟
فكتبتُ: العار عليّ يا أبو كريم! الخزي والعار!
- لا! حاشاك!
- أي 'حاشا' هذه؟! عارٌ لم يتخطَّني... وذلٌّ يغمس كرامتي!
اتصلتُ بآخرين:
خلص انسى!
لا، مش أنسى!
فلتما جرى لأحدهم... الساعة العاشرة ليلاً، أيامٌ قبل العيد.
بعد ساعة جاء الرد: سأحاول... ربما أُرسل شيئاً.
سألتُه لاحقاً: أيش صار؟ فأجاب: انتظر...
جاء العيدُ ولم أُسعف أبا كريم. كان له منزلٌ في رَفح: طابقان على أرضٍ واسعة... صار أثراً بعد عين. أبو كريم صحفيٌّ في مؤسسة عالمية... واليومَ ينقّب في التراب عن لقمةٍ تسكّت جوعه.
مضى اليومُ الأول... الثاني... الثالث.سألته قال لم يصلني شيء لسا
وفي الرابع، رسالةٌ منه:
وصلني نصف كيلو لحمة! أول مرة آكلُ منذ أربعة أيام... وأول لحمةٍ منذ شهور! أعطيتها لسيدة فطهتْها... وزّعتها عليَّ، وأخٍ لي، وأسرتها (زوجين شابين وطفلة... طفلهما استُشهد قبلاً).
لكن... ماذا تبقّى من نصف الكيلو بعد كل هذا؟
حصلتُ على قطعةٍ صغيرة. الحمد لله نعمة.
لا أريد تعليقاً... فقط:
انظروا حولكم!
انظروا إلى مَنْ حولكم وهم في مسغبةٍ ومجاعة حرب.
المسألة ليست عجزاً... بل هم يرقصون كالمهرجين في مأتم!
دمتم...فيشبعكم.

نيسان ـ نشر في 2025-06-08 الساعة 15:36

الكلمات الأكثر بحثاً