اتصل بنا
 

من ديوان 'مقاوم خاص' غُرْفَتَانِ… بَابُهُمَا النَّهْرُ

نيسان ـ نشر في 2025-11-22 الساعة 13:38

نيسان ـ ...
في صباح الخميس، الموافق للعشرين من تشرين الثاني، وخلال الرحلة العلمية المرافقة للمؤتمر الدولي الثالث الذي نظّمه قسم التاريخ والحضارة في جامعة اليرموك، جلسنا في مطعم اليمامة نُقَلِّبُ تاريخ المكان وذاكرة الأسماء. وهناك دار نقاشٌ ثريّ حول اسم الأردن ومعناه، نقاشٌ فتح بابًا في الذاكرة، وأعادني إلى مشاركتي في المؤتمر السابع: "الأردن: تاريخ وحضارة – الأسماء الجغرافية ودلالاتها"، الذي أقامته جمعية عجلون للبحوث والدراسات بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين في محافظة عجلون، وقدّمتُ فيه بحثًا بعنوان:
"اسم الأردن: الدلالات الجغرافية والتاريخية".
بيّنتُ في تلك الدراسة أن اسم الاردن ليس مجرّد صوتٍ يتردّد، بل هو تركيب حضاري يجمع جغرافيتين وروحين. فالاسم مُؤلَّف من مقطعين قديمين:
جور: وهو نهر حاصبيا.
دان: وهو نهر دان.
وعندما يلتقي الرافدان يولد نهر الأردن؛ نهراً لا يشبه سواه، نهراً يرفض أن يكون فاصلاً مهما حاولت السياسة رسم الحدود. فهو شاهدٌ على وحدةٍ ضاربة في القدم، وعلى ضفتين ظلّتا—رغم كل شيء—روحًا واحدة، تتنفسان التاريخ نفسه.
وفي تلك الجلسة، أحسستُ أن الحديث عن الأردن وفلسطين لم يكن نقاشًا أكاديميًا، بل استعادةٌ لنبضٍ دفين. فالنهر الذي تقسمه الخرائط يوحّد القلوب، والنهر الذي نسمّيه "شرقًا" و"غربًا" إنما هو بابٌ واحد… يفتحه النسيم.
ومن وهج تلك اللحظة، تفجّر الشعر… تحت عنوان:
غُرْفَتَانِ… بَابُهُمَا النَّهْرُ
شَرْقُ النَّهَرْ… والغَرْبُ يَسْكُنُ فِيهِمَا
قَلْبٌ يُحِبُّ تَدَفُّقًا لَا يَنْحَدِرْ
وَطَنَانِ…
لَكِنَّ الدِّمَاءَ تَصِلَّهُمَا
بابٌ يُفَتِّحُهُ نَسِيمٌ مُعْتَصِرْ
فِلِسْطِينُ…
أَنْتِ الضِّيَاءُ لِقَلْبِ أُخْتٍ فِي
أُرْدُنَّ يَزْدَهِرُ الحَنِينُ وَيَسْتَعِرْ
وَالأُرْدُنُّ…
يَحْمِلُ جُرْحَكِ لَا يَمَلُّ… وَإِنْ
ضَاقَ الزَّمَانُ فَصَدْرُهُ لَكِ مَنْبَرْ
غُرْفَتَانِ فِي بَيْتِ العُرُوبَةِ… نَبْضُهُمَا
شَمْسُ الفِدَاءِ… وَوَعْدُهَا لَنْ يَنْحَدِرْ
وَيَغْضَبُ التَّارِيخُ إِنْ فُرِّقْتُمَا
فَالرَّبْطُ دَمْ… وَدَمُ العُرُوبَةِ يَنْتَصِرْ
إِنْ ضَاقَ شَرْقُ النَّهَرِ يَوْمًا… هَبَّ مِنْ
غَرْبِ النَّهَرْ صَوْتٌ كَرِيمٌ مُنْتَصِرْ
وَإِذَا بَكَتْ غَزَّةُ لَيْلَهَا… نَهَضَتْ
عَمَّانُ تَرْفَعُ سَيْفَهَا… وَتَفَجَّرْ
لَا فَرْقَ فِي دَمِنَا… بِنَابُلُسٍ إِذَا
نَزَفَتْ… أَوْ فِي الكَرَاكِ إِذْ يَتَفَجَّرْ
يَا قُدْسُ…
لَنْ تَهِينِي عِنْدَ أُرْدُنٍّ… فَمَا
خَانَ العُهُودَ… وَلَا عَلَيْهِ مُعْتَذَرْ
يَا أُمَّةً جُرِحَتْ… وَلَكِنْ حُلْمُهَا
فَوْقَ الخُطُوبِ… كَبَدْرِهَا يَتَسَعَرْ
فَلْيَشْهَدِ التَّارِيخُ…
أَنَّ النَّهَرْ لَوْ فَصَلَتْهُ خَرَائِطُ القَهْرِ…
فَالرُّوحُ تَجْمَعُ مَا انْفَطَرْ
وَالدَّمُّ يَرْفَعُ أَهْلَهُ نَحْوَ العَلَمْ
حَتَّى يَكُونَ لَهُمْ مَصِيرٌيُزْدَهَرْ.

نيسان ـ نشر في 2025-11-22 الساعة 13:38


رأي: د. وليد العريض

الكلمات الأكثر بحثاً