سيناريو الميليشيا العميلة في غزة لا يُمكن أن ينجح
محمد عايش
كاتب فلسطيني
نيسان ـ نشر في 2025-12-09 الساعة 14:26
نيسان ـ ربما يكون الشيء الوحيد المؤكد في المشهد الفلسطيني اليوم هو أن سيناريو الميليشيا العميلة الموالية للاحتلال سيفشل، ولا توجد أية احتمالات لنجاحه، ويأتي مقتل ياسر أبو شباب، وما تبعه من ردود أفعال في الشارع الفلسطيني تأكيداً على هذه الحقيقة؛ إذ يختلف الفلسطينيون في العديد من القضايا والملفات، لكنهم يتفقون من أقصى يمينهم الى أقصى يسارهم على تجريم التعاون مع الاحتلال.
مقتل أبو شباب قبل أيام شكّل ضربة قوية جديدة لمشروع «اليوم التالي»، الذي يعمل عليه الاحتلال منذ عامين في غزة، والمقصود باليوم التالي أي ما بعد الانسحاب وما بعد انتهاء الحرب وما بعد القضاء على حكم حركة حماس في غزة، إذ منذ عامين يرفض الإسرائيليون أن تعود حماس، أو فتح إلى السلطة في غزة، ويرفضون حتى أن يكون القطاع تحت إمرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي لم يشارك لا هو ولا الفصيل الذي يقوده في عملية السابع من أكتوبر 2023، وهو ما يؤكد أن إسرائيل تعمل على فرض ترتيبات جديدة في الأراضي الفلسطينية، تستثني القوى السياسية التقليدية، بما فيها منظمة التحرير التي تعترف بها تل أبيب كممثل شرعي للفلسطينيين.
حرص الإسرائيليون على الترويج لرواية أن أبوشباب قتل بسبب خلافات داخلية، أو بسبب صراع عائلي، أي أنهم أرادوا التأكيد ضمنياً، أن يد المقاومة لم تصل إليه وهو الذي كان يتمتع بالحماية الإسرائيلية
بدا واضحاً منذ شهور أن إسرائيل باتت تعول على تأسيس «ميليشيا عميلة» لإدارة القطاع في غزة، وفقاً للرؤية الإسرائيلية، ووفقاً لأوامر سيُمليها جيش الاحتلال، ومن أجل تحقيق هذا الهدف أبقت سيطرتها على مناطق واسعة في القطاع، لتبدأ فيها بتأسيس هذه الميليشيا، أو ربما الميليشيات التي قد تتقاسم القطاع في ما بينها، وتحافظ عليه مفتتاً لخدمة المشروع الإسرائيلي. كما فرضت إسرائيل إجراءات قاسية ومزيداً من الحصار والقيود من أجل التضييق على الفلسطينيين، ودفعهم إلى التعاون مع هذه الميليشيا أو الميليشيات. مقتل أبو شباب شكّل ضربة لهذا المشروع الإسرائيلي، ولذلك حرص الإسرائيليون على الترويج لرواية أنه قتل بسبب خلافات داخلية، أو بسبب صراع عائلي، أي أنهم أرادوا التأكيد ضمنياً، أن يد المقاومة لم تصل إليه وهو الذي كان يتمتع بالحماية الإسرائيلية، وهي محاولة واضحة للحفاظ على ثقة المتعاونين بهم وبحمايتهم. واقع الحال أن سيناريو الميليشيا العميلة لا يُمكن أن ينجح في قطاع غزة مطلقاً، سواء قُتل أبو شباب أم لم يُقتل، وهذا السيناريو ذاته كان الإسرائيليون قد جربوه في جنوب لبنان لسنوات طويلة، وانتهى بهم إلى فشل ذريع، واضطر الاحتلال للهروب من الجنوب تحت ضربات المقاومة في العام ألفين، مخلفاً وراءه ميليشيا العملاء، وهي تتسول أن تجد من يحميها، وحينها تم اعتقال من اعتقل منهم، فيما هرب آخرون بمن فيهم زعيم الميليشيا أنطوان لحد الذي عاش في تل أبيب حتى وفاته في عام 2015، وكان خلال سنوات إقامته في تل أبيب يعملُ نادلاً في مطعم حتى يتمكن من الحصول على لقمة عيشه! ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» التي كان يقودها أنطوان لحد تأسست في عام 1984 وانتهت في عام 2000، لكنها لم تكن التجربة الإسرائيلية الفاشلة الوحيدة، فقد سبقتها تجربة «روابط القرى» في الضفة الغربية، التي عمد الإسرائيليون الى تشكيلها اعتباراً من عام 1978 واستمرت محاولات إنجاحها إسرائيلياً والاستفادة منها لعدة سنوات لاحقة، لكنها انتهت إلى الفشل ولم يعترف بها الفلسطينيون، أو يقبلوا بها، بل تعاملوا معها على أنها تشكيلات عميلة وموالية للاحتلال، وتعاملوا مع عناصرها على أنهم جواسيس وخونة.
بعد مقتل ياسر أبوشباب يوم الخميس الرابع من ديسمبر 2025 نشرت هيئة البث الإسرائيلية تقريراً يؤكد أن «عشرات المسلحين المنتمين إلى جماعات متعاونة مع إسرائيل بدؤوا بتسليم أنفسهم طوعاً للأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة». وقالت الهيئة إن عمليات التسليم الذاتي تسارعت بشكل ملحوظ منذ يوم الجمعة، أي بعد يوم واحد من مقتل أبوشباب، وتركزت في مناطق رفح وخان يونس، حيث تنشط أبرز الميليشيات المسلحة التي كانت تتلقى دعماً علنياً من الاحتلال الإسرائيلي.
عمليات «التسليم الذاتي» التي يقوم بها العملاء والمنتمون للميليشيات المسلحة، تشكل مؤشراً قوياً على انهيار مشروع تأسيس الميليشيات العميلة في غزة، وهذا يعني أن المشروع فشل قبل أن يبدأ وقبل أن يتوسع وقبل أن يتم تجريبه، وهو نتيجة منطقية وطبيعية ومتوقعة، بل لا يُمكن لأحد أن يتوقع غير ذلك.. الإسرائيليون يُجربون المجرب، ويريدون خلق واقع فلسطيني جديد وإنسان فلسطيني جديد، ويريدون أن يقفزوا عن كل مكونات الشعب الفلسطيني الراهنة، وهذا كله أقرب إلى المستحيل ولا يُمكن أن ينجح.
مقتل أبو شباب قبل أيام شكّل ضربة قوية جديدة لمشروع «اليوم التالي»، الذي يعمل عليه الاحتلال منذ عامين في غزة، والمقصود باليوم التالي أي ما بعد الانسحاب وما بعد انتهاء الحرب وما بعد القضاء على حكم حركة حماس في غزة، إذ منذ عامين يرفض الإسرائيليون أن تعود حماس، أو فتح إلى السلطة في غزة، ويرفضون حتى أن يكون القطاع تحت إمرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي لم يشارك لا هو ولا الفصيل الذي يقوده في عملية السابع من أكتوبر 2023، وهو ما يؤكد أن إسرائيل تعمل على فرض ترتيبات جديدة في الأراضي الفلسطينية، تستثني القوى السياسية التقليدية، بما فيها منظمة التحرير التي تعترف بها تل أبيب كممثل شرعي للفلسطينيين.
حرص الإسرائيليون على الترويج لرواية أن أبوشباب قتل بسبب خلافات داخلية، أو بسبب صراع عائلي، أي أنهم أرادوا التأكيد ضمنياً، أن يد المقاومة لم تصل إليه وهو الذي كان يتمتع بالحماية الإسرائيلية
بدا واضحاً منذ شهور أن إسرائيل باتت تعول على تأسيس «ميليشيا عميلة» لإدارة القطاع في غزة، وفقاً للرؤية الإسرائيلية، ووفقاً لأوامر سيُمليها جيش الاحتلال، ومن أجل تحقيق هذا الهدف أبقت سيطرتها على مناطق واسعة في القطاع، لتبدأ فيها بتأسيس هذه الميليشيا، أو ربما الميليشيات التي قد تتقاسم القطاع في ما بينها، وتحافظ عليه مفتتاً لخدمة المشروع الإسرائيلي. كما فرضت إسرائيل إجراءات قاسية ومزيداً من الحصار والقيود من أجل التضييق على الفلسطينيين، ودفعهم إلى التعاون مع هذه الميليشيا أو الميليشيات. مقتل أبو شباب شكّل ضربة لهذا المشروع الإسرائيلي، ولذلك حرص الإسرائيليون على الترويج لرواية أنه قتل بسبب خلافات داخلية، أو بسبب صراع عائلي، أي أنهم أرادوا التأكيد ضمنياً، أن يد المقاومة لم تصل إليه وهو الذي كان يتمتع بالحماية الإسرائيلية، وهي محاولة واضحة للحفاظ على ثقة المتعاونين بهم وبحمايتهم. واقع الحال أن سيناريو الميليشيا العميلة لا يُمكن أن ينجح في قطاع غزة مطلقاً، سواء قُتل أبو شباب أم لم يُقتل، وهذا السيناريو ذاته كان الإسرائيليون قد جربوه في جنوب لبنان لسنوات طويلة، وانتهى بهم إلى فشل ذريع، واضطر الاحتلال للهروب من الجنوب تحت ضربات المقاومة في العام ألفين، مخلفاً وراءه ميليشيا العملاء، وهي تتسول أن تجد من يحميها، وحينها تم اعتقال من اعتقل منهم، فيما هرب آخرون بمن فيهم زعيم الميليشيا أنطوان لحد الذي عاش في تل أبيب حتى وفاته في عام 2015، وكان خلال سنوات إقامته في تل أبيب يعملُ نادلاً في مطعم حتى يتمكن من الحصول على لقمة عيشه! ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» التي كان يقودها أنطوان لحد تأسست في عام 1984 وانتهت في عام 2000، لكنها لم تكن التجربة الإسرائيلية الفاشلة الوحيدة، فقد سبقتها تجربة «روابط القرى» في الضفة الغربية، التي عمد الإسرائيليون الى تشكيلها اعتباراً من عام 1978 واستمرت محاولات إنجاحها إسرائيلياً والاستفادة منها لعدة سنوات لاحقة، لكنها انتهت إلى الفشل ولم يعترف بها الفلسطينيون، أو يقبلوا بها، بل تعاملوا معها على أنها تشكيلات عميلة وموالية للاحتلال، وتعاملوا مع عناصرها على أنهم جواسيس وخونة.
بعد مقتل ياسر أبوشباب يوم الخميس الرابع من ديسمبر 2025 نشرت هيئة البث الإسرائيلية تقريراً يؤكد أن «عشرات المسلحين المنتمين إلى جماعات متعاونة مع إسرائيل بدؤوا بتسليم أنفسهم طوعاً للأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة». وقالت الهيئة إن عمليات التسليم الذاتي تسارعت بشكل ملحوظ منذ يوم الجمعة، أي بعد يوم واحد من مقتل أبوشباب، وتركزت في مناطق رفح وخان يونس، حيث تنشط أبرز الميليشيات المسلحة التي كانت تتلقى دعماً علنياً من الاحتلال الإسرائيلي.
عمليات «التسليم الذاتي» التي يقوم بها العملاء والمنتمون للميليشيات المسلحة، تشكل مؤشراً قوياً على انهيار مشروع تأسيس الميليشيات العميلة في غزة، وهذا يعني أن المشروع فشل قبل أن يبدأ وقبل أن يتوسع وقبل أن يتم تجريبه، وهو نتيجة منطقية وطبيعية ومتوقعة، بل لا يُمكن لأحد أن يتوقع غير ذلك.. الإسرائيليون يُجربون المجرب، ويريدون خلق واقع فلسطيني جديد وإنسان فلسطيني جديد، ويريدون أن يقفزوا عن كل مكونات الشعب الفلسطيني الراهنة، وهذا كله أقرب إلى المستحيل ولا يُمكن أن ينجح.
نيسان ـ نشر في 2025-12-09 الساعة 14:26
رأي: محمد عايش كاتب فلسطيني


