اتصل بنا
 

الأمن العام .. بدأ (شاملا) فصار (ناعما) هل تحول الى (الخشن)؟

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2015-05-18 الساعة 16:16

نيسان ـ

كشفت التطورات الدراماتيكية التي جرت في وزارة الداخلية وجهازي الأمن العام والدرك عن وجود مشكلة كبيرة في آلية المعالجات السياسية والأمنية والاجتماعية، التي اتبعتها الحكومات سابقاً. يزيدها اليوم حساسية قضايا الأمن الوطني والمتعلقة بالتحديات التي تواجهنا على الحدود الشمالية والشرقية.

فعلى وقع ما جرى مؤخراً في محافظة الأنبار من سيطرة لتنظيم الدولة الاسلامية على غربي العراق حتى الحدود مع الأردن، تشكّل نوع من الصدمة لدى الأجهزة الأمنية والمرجعيات العليا، خاصة و أن أحداثاً في معان ترافقت مع هذا التطور؛ ما استدعى إجراءات أمنية مستعجلة تتناغم مع الموقف السياسي الاردني، والذي لا يمكنه في هذا الظرف الحساس التغاضي عن بقاء فُرج وهن تتهدد الاستقرار العام.

أنتجت الظروف في سنوات سابقة حالة من حالات الاستقواء على الدولة، تجلت في سلوك البعض اليومي في المدارس والجامعات والمستشفيات، لكنها اتخذت منحى أكثر خطورة في الاسبوع الاخير؛ بعد أن حدثت أكثر من مشكلة استرعت انتباه الرأي العام، كالمناوشات بين الطلبة في الجامعات، وقتل طبيب حكومي من قبل أحد مرضاه، ووفاة شاب خلال وجوده في مركز أمني، واندلاع أحداث أمنية في مدينة معان.

ارتبك التنسيق بين أذرع وزارة الداخلية؛ ما استلزم التصحيح الفوري، وهذا ما حدث فعلاً على شكل استقالات وإقالات لوزير الداخلية ولقادة الأجهزة الامنية، لكنها لا تكفي لحل المشكلة برمتها في ظل عدم تبعية الأجهزة الأمنية ومدرائها فعليا لوزير الداخلية، إضافة إلى عدم وجود تراتبية تخوّل الوزير بأن يكون المرجعية لمدراء الأمن العام والدرك؛ ما أشعر هؤلاء القادة بالندية والاستقلالية عن الوزير، كونهم على اتصال مباشر مع مرجعيات أعلى.

يتعامل جهاز الأمن مع حركة وتطورات مستمرة في مجتمعنا، وخلال الخمس سنوات الماضية، كان التحدي الأبرز هو التظاهرات ضمن الحراكات الجماهيرية المطلبية، التي استدعت سياسة الأمن الناعم. نجحت فعلا تلك السياسة ولو مرحلياً.

يضاف لذلك، التوترات التي حدثت في بعض المحافظات وامتدت في كثير من الأوقات الى الجامعات، ظاهرها الخلافات العشائرية والجهوية، لكن باطنها يكشف حالة التململ من الظروف الاقتصادية الصعبة، وعدم الرضا الشعبي عن أداء الحكومات، إلى جانب الإحساس بغياب العدالة الاجتماعية.

ساعد في تفاقم هذه الاوضاع التدهور الأمني في دول الجوار، حيث شكلت احداث العراق وسوريا بيئة مُحفزة، وسط غموض موقف المراكز الامنية المهمة تجاه ما نتج في هذه المرحلة من تنظيمات وتشكيلات اصولية متطرفة في المناطق المهمشة، ما أربك وزارة الداخلية والامن العام، حيث جرى التساهل مع هذه التشكيلات في فترة من الفترات، بحيث مارست نشاطاتها بشكل شبه علني.

تراوحت التصورات التي قدمتها قيادات أمنية على مدى عقود ماضية لما يمكن أن يقوم به جهاز الأمن العام بين الأمن الشامل والناعم والخشن، في محاولة من قبل الادارات المتعاقبة لتعريف الأمن كمدخل مفاهيمي يتحدد على ضوئه شكل السياسة الامنية.

اليوم، أكبر تحدي يواجه الملف الأمني هو أن يكون لدينا جهاز أمن محترف يقوم بواجبه بشكل مهني، ويشكل جزءا من منظومة مؤسسات الدولة، فيتعامل مع المواطن بذهنية وروحية المؤسسة المدنية المؤنسنة، بعيدا عن الذهنية العرفية السالفة.

نيسان ـ نشر في 2015-05-18 الساعة 16:16

الكلمات الأكثر بحثاً