على وقع الشارع 3
نيسان ـ نشر في 2018/06/08 الساعة 00:00
يقول المثل المصري (التالتة ثابتة)، ومن جهتي فإن من دواعي سعادتي أن يترافق مقالي الثالث المستلهم من نبض الشارع مع كشف رئيس الوزراء المكلف د. عمر الرزاز عن نواياه سحب مشروع قانون ضريبة الدخل 'المثير للجدل الذي أثار حركة احتجاج واسعة في المملكة منذ أسبوع' بحسب ما نشرت جريدة 'الحياة' اللبنانية قبل ساعتين من كتابتي المقال.
في تصريحاته الصحفية التي أخذت منها 'الحياة' خبرها، يتحدث الرزاز عن نقاشٍ عميق ينبغي أن يخاض حول المشروع قبل إقراره، فهل علينا أن نلوي دلالات كلامه وصولاً إلى ما نريد: حواراً وطنياً شاملاً وجذرياً حول دلالات الدولة نفسها، وهويتها وما كان منها وما كان منا لها ومن أجلها منذ نشوئها مطالع عشرينيات القرن الماضي.
يرى الباحث د. ضرار بني ياسين أن 'لا مشروعاً وطنياً سياسياً واجتماعياً استراتيجياً واضحاً وثابتاً ترافق مع نشأة الدولة الأردنية'.
بني ياسين يستعرض في سياق طرحه هذا مجموعة من الأسباب التي أدت إلى استخلاص هذه الحقيقة المروّعة: 'مشروع السلطة يهيمن، ما يزال، إلى الآن على المشهد برمّته. وطن رهينة مشروع السلطة اللاعبة على الحبال المتراقصة، حالة من الإدمان المرضي في الهروب إلى الأمام وترحيل الأزمات. إذ، وباختصار، لم تتوفر في أي وقت من الأوقات، الإرادة السياسية الحقيقية لإيجاد الحلول الجذرية الصحيحة، كأن هناك طرفاً لئيماً يراهن على استنزاف وطنية الأردنيين، أو سلبهم إرادتهم وعزيمتهم. أنا شخصياً أصدق أن هناك من تجاوز الرهان على ذلك إلى حدّ المؤامرة، فالتاريخ وأحداثه لا يصنعه قديسون ونبلاء، بل يشارك فيه الأنذال والمارقون والقراصنة والانتهازيون والفاسدون والمفسدون وشياطين الإنس، وفيه من يسرقون حياة البشر وعيشهم وكدحهم ويرحلون مع ترفهم ومفاسد من مسروقات ضمائرهم...الخ'.
ثم بأسى، يطالب بني ياسين أن: 'تنتهي هذه الدوامة الجهنمية، وينتهي استثمار حياة الأجداد والأبناء والأحفاد من غير أن يتبلور مشروعٌ وطنيٌّ'.
إلا أن أخطر (برأيي المتواضع) وأهم ما جاء في منشور بني ياسين، في صفحته على فيسبوك، هو الآتي: 'يليق بالأردنيين أن يطمئنوا إلى دولتهم ومؤسساتهم وحكومتهم ونظامهم السياسي، وإلى مستقبل أبنائهم. الأقلية استثمرت في الوطن والشعب من أجل مصالحها الضيّقة وجشعها واستحواذها على الموارد، وآن الأوان أن تكون مصلحة الشعب هي الهدف الأول والأخير للدولة ومؤسساتها ومواردها. يكفي هروباً إلى الأمام، فمن أبجديات عقم العقل السياسي وخوائه، الاستمرار في تجاهل الاستحقاقات الحتمية وفق منطق التاريخ وقوانين الشعوب. لا بد من حصول تسوياتٍ تاريخيةٍ وطنية، اجتماعيةٍ وسياسيةٍ ودستوريةٍ بعقدٍ اجتماعيٍّ صريحٍ، يستعيد فيه أبناء الوطن دولتهم ونظامهم السياسي'.
نعم آن الأوان أن يكون الشعب هو مصدر السلطات، فهل حقيقة ناصعة بكل هذا البيان، تستدعي كل هذه الألعاب البهلوانية من الغوص عميقاً في تفاصيل (الشبرية)، وصولاً إلى (الضيعان) على رأي اللبنانيين بنوع (المعسّل) العابق في سماء الدوار الرابع!!!
نيسان ـ نشر في 2018/06/08 الساعة 00:00