"أبسر أبو علي" على موعد مع مخاطر الغاز

أسعد العزوني
نيسان ـ نشر في 2018/06/26 الساعة 00:00
'أبسر أبو علي'قرية أردنية تحكي تاريخ الأردن العريق شعبا وأرضا،وشرّفها الله بأن تكون ضمن أرض الحشد والرباط،التي ستكون منطلقا لتحرير فلسطين عند إكتمال شروط التحرير ،وهذا شرف ما بعده شرف لكل بوصة تتضمنها أرض الحشد والرباط.
هي كما أسلفنا قرية أردنية لكنها ليست ككل القرى ،وقد وضعتها جغرافيتها على منصة معاكسة لتاريخها الذي أنصفها وترك لها ما يشرف كونها بؤرة سكانية مستدامة ،منذ ان خلق الله الأرض وما عليها ،وكرمها بأن تكون بوابة فلسطين ،وقدر لها كافة الإمكانيات التي تؤهلها لهذه المهمة المقدسة التي تشرف كل من يسكن في هذه البقعة المقدسة.
وتعاني قرية 'أبسر أبو علي' من مواجهة سيئة مع القدر بسبب تناقض جغرافيتها مع تاريخها ،وستدفع ثمن تبعات الصمت العربي على ضياع فلسطين الذي تم رسميا بتعهد إبن مردخاي الدونمي عبد العزيز عام 1915 للمندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس،عن فلسطين لليهود نزولا عند رغبة بريطانيا .
هذه القرية الأردنية العريقة التي وصل عدد سكانها إلى ألفي شخص ،تعاني من الفقر المدقع الذي دفع غالبية اهلها للهجرة منها هربا من الفقر في الدائرة الأضيق إليه في الدائرة الأوسع،وهي الآن في محنة بسبب قرار جائر قضى بإختراق أنبوب الغاز الإسرائيلي لأراضيها الخصبة ،والذي سيقتلع أشجار زيتونها المقدسة على يد مقاول مصري ،وتنفيذا لقرار خارجي قيل لهم أن ملف الغاز موجود في وزارة الخارجية الأمريكية ،وأيم الله أن هذه إهانة ليست فقط لأهالي قرية أبسر بل لنا جميعا وللأردن .
هذه القرية الأردنية التي بدأ إسمها يحتل أخبار بعض وسائل الإعلام ،قرية أثرية تراثية يزخر باطنها بآثار كافة الحضارات التي مرت من هنا بهدف إيجاد موطيء قدم لها على الشاطيء الشرقي للبحر المتوسط بفلسطين ،وهي بذلك شاهدة على كل هذه الحضارات التي تشرفت بالإقامة ولو مؤقتا فوق ثرى هذه الأرض الطيبة ومنهم من طالت إقامته وكون ممالك شهد لها التاريخ.
تعد قرية أبسر أيضا موئلا كبيرا من موائل النباتات العطرية والطبية مثل الزعتر والميرمية والبابونج وغير ذلك ممن تتكرم الأرض علينا به غذاء وعلاجا ،وبكل الأسف نقول أن هذه الخيرات الربانية ستفقد طعمها وقيمتها غدا لأن المنطقة ستدخل مرحلة العقم في حال نجح المقاول المصري من تنفيذ مشروع مد أبنوب الغاز الإسرائيلي في أراضيها .
وليس سرا القول أن أراضي أبسر أبو علي وكافة الأراضي الأردنية التي سيخترقها أبوب غاز الإحتلال المسروق ستتعرض لمخاطر جمة، ومن أولى المخاطر عدم ضمان مرور الغاز بامن وأمان ،كونه غاز إحتلال مسروق يرفضه الشعب الأردني،وسوف يكون أبناء هذه القرية وكافة القرى المشتركة معها في خط سير أنبوب غاز الإحتلال المسروق عرضة للأمراض وحرائق الغاز المتوقعة، وسيفقدون أمنهم وأمانهم ،وسيعيشون في خطر دائم يضطر من بقي صامدا فيها إلى مغادرة القرية وإلى الأبد ،وستزيد نسبة الفقر في المنطقة لأن الأهالي سيحرمون من إستغلال أراضيهم الخصبة، التي تنتج هذه الأيام ما لذ وطاب من الفواكه والخضروات مثل البامية والفقوس والحروش والبصل واللوزيات .
دخلت قرية أبو علي مؤخرا في مواجهة تاريخية ،بعد ان أريد تلويث تاريخا بالتطبيع مع مستدمرة إسرائيل ،من خلال أنبوب غاز الإحتلال المسروق الذي سيربط الأردن أكثر بهذه المستدمرة المسخ التي فرضت علينا في غفلة من الزمن .
إستغلت الجهات المعنية ظروف اهالي قرية أبسر أبو علي الإقتصادية وعرضت عليهم مصادرة أراضيهم الخصبة المزروعة بالأشجار بمبالغ رمزية ،من أجل إتمام هذه المشروع التطبيعي الخطير ،وتكليف المهمة القذرة لمقاول مصري ،ضد رغبة أهلها الرافضين للتنازل عن أرضهم .
كان اهالي قرية أبسر أبو علي ينتظرون من الجهات المعنية القيام بتحسين ظروفهم المعيشية ،وتمكين قريتهم ببنية تحتية قوية ،وتحويلها إلى منطقة سياحية معتمدة كونها تصلح للسباقا والتسلق ،ناهيك عن موقعها الإستراتيجي الذي يطل على بيسان وبحيرة طبريا،وهي فعلا بحاجة لإلتفاتة حكومية لرد الإعتبار لها وللإبقاء عليها حية تنبض بتاريخ الأردن.
مطلوب من الجهات المعنية الإستجابة لرغبات عموم الشعب الأردني الرافض للتطبيع ووقف مهزلة أنبوب الغاز الناجم عن جريمة صفقة الغاز المسروق من الأرض العربية ،ويجب عدم ترك المنطقة وقرية أبسر أبو علي نهبا للمشاريع الدولية التطبيعية مع الإحتلال ،التي تلحق الظلم بهذا الشعب الذي لم يأخذ دورة في مقاومة الغزاة الجدد الطارئين على التاريخ بعد أن عثر كوكس على بقايا التيه اليهودي في صحراء جزيرة العرب.
أختم بتساؤل مرير هو :متى ستصل الرسالة أن الشعب الأردني بكافة منابته وأصوله يرفض التطبيع مع الصهاينة ،ولا يريد لا سفارة على أرضه ولا صفقة غاز ولا مطار، ولا أي علاقة إستسلامية مع هذا العدو الذي ما يزال يتربص بنا خاصة وأنه يهدف إلى التخلص من الأردن الرسمي الهاشمي بتطبيق صفقة القرن ،بالتحالف مع أبناء مردخاي الدونمي
    نيسان ـ نشر في 2018/06/26 الساعة 00:00