هل فشل الصحفيون في التعبير عن أنفسهم؟
نيسان ـ نشر في 2018/07/19 الساعة 00:00
ما زالت المعضلة الحقيقية في تعمق مشاكل قطاع الإعلام في بلادنا وتفاقمها هي الصحفيون أنفسهم، فهم اما منقسمون على قضايا ثانوية او مختلفون بلا سبب. العاملون في قطاع الإعلام رغم معاناتهم الشديدة يصرون باستمرار على البحث عن مبررات للاختلاق قبل البدء بأي حوار.
قبل اسبوع من هذا التاريخ ألغي اجتماع كان مقررا واتفق عليه لمتضرري الصحافة الورقية، وهم كثر، مع العلم ان الاجتماع كان هدفه حسبما علمت الاتفاق على خطوات اولية للتحرك.
وإذا كان الصحفيون يعجزون عن الترتيب لمجرد اجتماع تنسيقي تطرح فيه مشاكلهم، فبإمكان المراقب ان يعرف النتيجة مسبقا لأي تحرك قادم. وهذا ما يفسر الحقيقة التي تغيب عن الكثيرين بأن الصحفيين الذي يكتبون عن معاناة الناس ومشاكلهم لا يستطيعون الكتابة او التعبير عن أنفسهم، هم فاشلون بامتياز عندما تصل المشكلة الى بيوتهم وقوت أولادهم.
أتمنى ان أكون مخطئاً فيما اقول، وأتمنى ان يعمل الزملاء على توحيد جهودهم بأقصى سرعة وإعادة ترتيب الاوراق من جديد قبل ان تفوت الفرصة وتذهب المجهودات التي بذلت في هذا السياق هباء منثورا.
أما الأكثر إيلاما ووجعا، فهي الآلية التي تعاطت فيها المؤسسات المعنية بشؤون الصحفيين امثال نقابة الصحفيين مع قضية فقدان العشرات من الزملاء لوظائفهم .. الاهتمام الذي بدؤوه اول الأمر، انتهي الى تجاهل ثم الى نسيان وصولا الى مرحة 'التطنيش'.
ما زالت الصحف الورقية التقليدية في الأردن وفي غيرها من الدول تعاني من تدهور مستمر في أوضاعها، في الوقت الذي تواصل فيه الصحافة الإلكترونية الانتعاش وتزداد المواقع الإلكترونية المحلية التي تتسابق على بث الأخبار أولاً بأول لتتفوق بذلك على وسائل الإعلام التقليدية في مؤشر واضح على أن خريطة الإعلام تتغير وتتجه إلى واقع جديد بالكامل.
إلا ان الوحيدين الذين تحملوا تلك النتيجة وتبعاتها وخسائرها ومعاناتها هم العاملون في تلك المؤسسات وتحديدا الصحفيين، اما اصحاب رؤوس الأموال فغالبا يجدون الوسيلة والبدائل تعوضهم الخسائر. مؤخرا اكتسب الجانب الاقتصادي لوسائل الإعلام أهمية متزايدة بعد أن كان الحديث ينصبّ سابقا على الجوانب القانونية والتشريعية والاجتماعية والثقافية لأداء الأجهزة الإعلامية.
ولكن في عالم اليوم تزداد هيمنة الاقتصاد على أداء واستمرارية أية مؤسسة إعلامية وهو ما يعرف باقتصاديات الإعلام، ويتضمن مدخلات إنتاج وسوقاً إعلانية ومستهلكين من قراء ومتابعين.
ولذا لا بد من الوضع بالاعتبار أن الإعلام في جوهره هو مشروع تجاري، بمعنى أنه صناعة وأرباح وخسائر لها متطلبات للإنتاج، وتحتاج إلى تسويق ومستهلكين حتى تستمر وتبقى على قيد الحياة.
لم تعد الحرية وحدها المطلب الجوهري للرسالة الاعلامية، فالحرية تنتهي مع توقف القلم عن الكتابة لأي سبب حتى لو كانت لقمة العيش.
نيسان ـ نشر في 2018/07/19 الساعة 00:00