الالتحاق برياض الأطفال ما يزال متواضعا

نيسان ـ نشر في 2018/09/10 الساعة 00:00
تحت وطأة ظروف اقتصادية قاسية؛ اضطرت عائلة الطفلة لينا (اسم مستعار) لعدم الحاق ابنتها بمرحلة رياض الاطفال (Kg2) للعام الدراسي الحالي، برغم إدراكها لأهمية هذه المرحلة التربوية في تحضير طفلتها للدراسة الابتدائية، وتنمية شخصيتها ومهاراتها اللغوية، لكن براثن الظروف الاقتصادية القاسية، حالت دون تمكين العائلة من ذلك.
تقول والدة الطفلة المحرومة من الروضة 'لينا اصغر ابنائي، وشقيقها حمزة الذي يكبرها بخمسة اعوام التحق بالروضة، لكن كبر حجم العائلة وزيادة مسؤولياتنا، جعل الروضة من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها'.
وتضيف حول الرياض الحكومية إن 'بعد المسافة وعدم توافر وسائل نقل مخصصة للطلبة، يجعلان من الرياض الحكومية؛ وهي غالبا بعيدة عن المنزل، خيارا مستحيلا، فأقرب روضة حكومية؛ تبعد عنا زمنيا نحو ربع ساعة'، بالاضافة إلى أن تعليم هذه المرحلة، لا يتوافر بالمدارس الحكومية.
وبحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة 'اليونيسف' لنسب التحاق الأطفال في الأردن بالرياض للعام الدراسي الماضي، فإن نحو 13 % منهم ملتحقون بمرحلة الـKG1 وهم من الفئة العمرية الواقعة بين 3.8 - 4.8 أعوام، مقابل 78 % غير ملتحقين بها.
وتشير أرقام 'اليونيسف' إلى أن '59 % من الأطفال، ممن تترواح أعمارهم بين 4.8 الى 5.8 أعوام، ملتحقون بـKG2، وعددهم 153 ألفا، مقابل 41 % غير ملتحقين'.
وتقول 'اليونسيف' 'ما يزال هناك تفاوت واضح بين المناطق الجغرافية في نسب التحاق الأطفال بالرياض، ما يعوق تعميم فرص الوصول للتعليم في هذه المرحلة، برغم جهود وزارة التربية والتعليم الإصلاحية، وتوسعة مظلة الرياض، وزيادة أعداد الأطفال الملحتقين بهذه المرحلة'
وتقول والدة لينا 'كنت ارغب بان تحصل ابنتي على الفرصة نفسها التي نالها ابني حمزة، بخاصة وان هناك فرقا واضحا بينهما، فعندما كان حمزة بعمر اخته، تعلم الحروف الابجدية والارقام بالعربية والانجليزية، والاشكال الهندسية والألوان، لكني احاول استدراك ذلك بتحضيرها لمرحلة المدرسة، بحيث باتت تعرف بعض الحروف والارقام'.
وهذا ما تؤكده معلمة الصف الاول في مدرسة حكومية بمنطقة صويلح امل عثمان، بقولها إنه 'عبر عملي كمعلمة ابتدائي منذ 5 اعوام، اجزم بان هناك فرقا واضحا بين الطفل الذي يلتحق بالابتدائي بعد انهائه للرياض، والطفل الذي جاء للابتدائي من المنزل مباشرة'.
وتشير عثمان الى ان الطفل الذي يلتحق بالرياض، يغدو متفاعلا اجتماعيا، ويملك القدرة على التعبير عن نفسه وافكاره، داعية لان تكون هذه المرحلة الزامية على السلم التعليمي، بحيث تسبق التعليم الاساسي، كونها ركيزة أولى لتأسيس قاعدة التعليم للابتدائي، لأن إنجاز الطفل في الابتدائي، يعتمد على رصيده المعرفي والمهاراتي والسلوكي الذي اكتسبه في الرياض.
وتظهر نتائج دراسة الاثار الاقتصادية في مجال الطفولة المبكرة لمؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية مؤخرا، والتي قاست مستوى تحسن الأداء الناتج عن التوسع ببرامج رعاية وتعليم الطفولة المبكرة، تحسنا بمستوى أداء الطلبة في مواد الرياضيات والعلوم والقراءة، ممن كان قد حضر على الأقل سنة واحدة، في صفوف المستويات التمهيدية بمرحلة الطفولة المبكرة، كما ساهمت برفع اجمالي اعوام التعليم الى 0.7 بالمتوسط.
وتدرك وزارة التربية، أن الاستثمار برعاية الطفولة المبكرة وتنميتها، يحسن مدخلات العملية التربوية والتعليمية، ويطور جودة التعليم، وفق مديرة ادارة الطفولة بالوزارة الدكتورة عالية عربيات، التي تقول إن 'عدد الاطفال الملتحقين بالرياض kg2 للعام الدراسي الماضي بلغ 102653'.
وتضيف عربيات ان 'الوزارة تسعى لرفع نسبة الالتحاق بالرياض من 60 % للعام الدراسي 2016/ 2017 الى 80 % بحلول عام 2022، والى 100 % بحلول 2025'.
وتكشف في تصريح أمس أن 'الوزارة تدرس توزيع رياض الأطفال في ألوية المملكة كافة، وقاست نسب الالتحاق في ضوء التوزيع الجغرافي للرياض في كل لواء، وبناءً عليه حددت احتياجاتها واولوياتها، في ضوء نسب الملتحقين وغير الملتحقين بها، اذ تبين وجود فجوات في ألوية تتدنى فيها نسب الالتحاق الى دون النصف'.
وتشير عربيات الى ان نسبة الالتحاق في الوية ذات كثافة سكانية عالية؛ منخفضة، إذ وصلت في محافظة الزرقاء الى 18%، لافتة الى أن انخفاض هذه النسبة في المناطق ذات الكثافة السكانية (العالية والمناطق الفقيرة)، تعتبر تحديا، لضمان الوصول والإنصاف لخدمات ذات جودة.
وتبين أن الوزارة تدرس ايضا توزيع الاحتياجات من الرياض في ضوء نسب الالتحاق وحسب الأولويات، وعبر إدارة التخطيط والبحث التربوي، وستحدد المواقع التي تحتاج للرياض، وتتوافر لها قطع أراض، أكانت أبنية قائمة أو مملوكة للوزارة؛ إذ يبلغ عدد شعب الرياض الحكومية 1665؛ موزعة على 1117 مدرسة حكومية، ملتحق بها 33763، بحسب احصائيات الوزارة للعام الدراسي الماضي.
وتقول عربيات ان جهود تحسين العملية التربوية وتطويرها؛ يحتاج للاستناد على قراءة واعية ومعمقة، تسهم برسم السياسات ووضع خطط تلبي الاحتياجات الحقيقية، وتقدم حلولاً واقعية وناجعة للتحديات المختلفة، والتوسع بتقديم الخدمات التربوية والتعليمية في الرياض.
وتبين انه بات لزاما على الوزارة، باعتبارها المظلة الكبرى التي تقدم هذه الخدمات وتشرف عليها، جمع البيانات وتوفير الحقائق الدقيقة والشاملة المتعلقة بتوزيع الرياض على مناطق المملكة، والجهات المختلفة التي تقدم هذه الخدمات، ومن ثَم تحديد الحاجات والموجهات التي ستكون أساسا يُعتمد عليه لرسم سياسات التوسع مستقبلا.
وتوضح ان التوسع في مرحلة التعليم قبل المدرسة والارتقاء بمستواه، يشكلان عنصراً رئيساً في الاستثمار الجيد بالتعليم، وللبناء على أهداف التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، والخطة الاستراتيجية للوزارة، لزيادة فرص حصول الأطفال على تعليم جيد في طفولتهم المبكرة، وزيادة استعدادهم للتعلم، وتوفير بنية تحتية تخدمهم.
وتؤكد عربيات ان الوزارة استحدثت ضمن الخطة الاستراتيجية 2022-2018، وبنت وجهزت غرف صفية لـKG2 في مدارس الوزارة بواقع 100 غرفة بناء جديد، واستحداث 40 غرفة سنويا، وزيادة فرص الالتحاق برياض الاطفال، فانه يعول على القطاع الخاص والأهلي عبر الجمعيات لتوفير 173 غرفة سنويا.
وحين كان رئيس الوزراء عمر الرزاز، وزيرا للتربية؛ كلف مبادرة القراءة والحساب للصفوف المبكرة (RAMP) الممولة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) والوكالة البريطانية للتنمية الدولية (UKAID)، بتقييم العرض والطلب على خدمات الروضة في الأردن، وصممت الدراسة لتقديم بيانات لاتخاذ قرارات تتعلق بتوسيع خدمات الرياض.
وتهدف الدراسة بحسب عربيات؛ لتحليل واقع الحال في الرياض، وتوفير معلومات كافية لتمكين الوزارة من وضع بدائل واقعية وقابلة للتطبيق، لرفع نسب التحاقهم بالروضة الثانية وتحسينها بشكل عادل، عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص والقطاع الأهلي.
وتشير عربيات الى ان الوزارة عقدت اول من امس، وبحضور وزير التربية والتعليم د. عزمي محافظة، لقاء حول السياسات لدراسة بيانات الرياض لاتخاذ قرارات مدعومة من مبادرة القراءة والحساب، وبالتعاون مع أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، ومؤسسة الملكة رانيا والمجلس الوطني لشؤون الأسرة لتوفير معلومات كافية للوزارة، لتمكينها من النظر في خيارات التوسع في الرياض، وتحسين جودتها وتوفيرها بعدالة عبر تعزيز مشاركة القطاعين الخاص والأهلي (الجمعيات الخيرية) وإعادة النظر بالتشريعات لشمول جميع الأطفال بالتعليم.
كما تسعى لتخصيص الموارد المالية؛ بتحديد الكلفة الكاملة لتقديم الخدمات، بما في ذلك الكلف التشغيلية والرأسمالية وتوسيع خدمات الرياض عبر استحداث مبان حكومية قائمة وإنشاء رياض أطفال، وبناء شراكات مع القطاعين الخاص والأهلي (الجمعيات)؛ وتحديد الالتزامات الدولية لتتمكن الأردن من تحقيق الوصول لكافة شرائح المجتمع والإنصاف بين الاطفال. (الغد)
    نيسان ـ نشر في 2018/09/10 الساعة 00:00