مأساة رحلة الأولاد..
نيسان ـ نشر في 2018/10/26 الساعة 00:00
بادئ ذي بدء أحر التعازي لأهالي الأطفال الذين قضوا في حادث اليوم الأليم. للأولاد الضحايا ولأي ضحايا آخرين الرحمة، ولذويهم من بعدهم الصبر والسلوان وعظم الله أجرهم وأجرنا فهذا مصابنا جميعنا.
ما أود أن أقوله ثانياً، إننا لا نستطيع أن نعزّي أهالي الضحايا ونعزّي أنفسنا ثم نصمت، ففي الحلق كلام، وفي القلب أسى، وفي العقل دوامة من الضياع والأسئلة.
فور انتشار أخبار مأساة رحلة الأولاد، سارعت كل جهة لإلقاء اللوم على غيرها: وزير التربية والتعليم والتعليم العالي يقف، بصوت غير ودودٍ على الإطلاق، عند تفصيلة واحدة: وافقنا على رحلة للأزرق وليس للبحر الميت وما حوله! علماً أن الكتاب الموجّه من قبل إدارة المدرسة لأولياء أمور الطلبة يتحدث عن رحلة لمنطقة اسمها وادي زرقاء ماعين، فهل حدث سوء فهم هنا؟ ربما وربما لا. وهل الأزرق كان وضعه يوم العاصفة أفضل من وضع ماعين؟؟ على كل حال لبّ الموضوع ليس حول هذه التفصيلة.
المؤلم في البيروقراطية المتراكمة منذ عقود وعقود أن الوزير لا يَفْرِقُ عند مفترق حاسم عن المراسل والآذن وموظف الدرجة التاسعة؛ الجميع يبحث عن باب خلاص فردي، وعن ذريعة تنجيه، وكما نقولها بلهجتنا العامّية (إكْزِ عنّي)، فآخر ما يمكن أن يفكّر فيه الوزير كما سائق الحافلة الذي غلّق الأبواب، الفكرة النقيّة النبيلة عن شجاعة الاعتراف وأخلاقية الوقوف المحترم أمام استحقاقات المنصب أو طبيعة العمل أو اشتراطاته أو تداعياته.
النأي بالنفس عن الشبهة هو الغاية القصوى، فلا أحد يريد أن يتحمّل مسؤولية أي مسؤولية مهما صغر شأنها أو عظم أو استحقت أو لم تستحق. ضابط الدفاع المدني يشير خمس مرّات إلى الولاء للملك وإلى إلغاء الملك زيارة للبحرين!! فهل وظيفة ضابط الدفاع المدني ورجالات الدفاع المدني الإعلان عن تأجيل الملك زيارة ما!!!؟؟؟؟؟
وزير الصحة يصل بعد التاسعة مساء ليقول كلاماً لا يشفي غليلاً يفتقر إلى ثِقَةٍ مقنعةٍ وإلى ملاءةٍ أمينةٍ صادقة.
أُناسٌ يتجمهرون حول الكاميرات كما لو أنهم ينتظرون فرصة كي يبتسموا أمام العدسات بِبلاهةٍ لا تتناسب مع فداحة المأساة وهول الحدث وحزن الأفئدة.
هرع رئيس الوزراء لمكان الفجيعة ليس بعيداً عن السيل الذي جرف بعض أحلامنا وفلذات أكبادنا، لا أستطيع أن أنكر ذلك. فهل سيهرع لإماطة اللثام عن مفاصل الخلل في بنيتنا وفكرتنا عن الوظيفة العامة واختبار حساسيات الإخلاص حين نبني جسراً أو نسيّر حافلة أو نوافق على إنشاء مدرسة خاصة أو نزرع شجرة أو نعد طبقاً لزبائن في مطعم أو نراسل صحيفة أو نعد تقريراً أو نحمي سياجاً أو نصنع باباً أو نقدم خدمة أو نطفئ ناراً أو نحرر مخالفة أو نرعى رضّعاً في حضانة أو نعالج مريضاً أو نسعف مصاباً أو نبيع دواء أو ندير تجارة أو نربّي جيلاً أو نحفظ أمانة؟؟؟
إن لم يكن أولاد الرحلة الذين لن يعودوا بعد اليوم لبيوتهم وأحضان أمهاتهم، سبباً وجيهاً كي نقرع الجرس؟ فنحن جميعنا إلى زوال. وعلى الدنيا السلام.
ما أود أن أقوله ثانياً، إننا لا نستطيع أن نعزّي أهالي الضحايا ونعزّي أنفسنا ثم نصمت، ففي الحلق كلام، وفي القلب أسى، وفي العقل دوامة من الضياع والأسئلة.
فور انتشار أخبار مأساة رحلة الأولاد، سارعت كل جهة لإلقاء اللوم على غيرها: وزير التربية والتعليم والتعليم العالي يقف، بصوت غير ودودٍ على الإطلاق، عند تفصيلة واحدة: وافقنا على رحلة للأزرق وليس للبحر الميت وما حوله! علماً أن الكتاب الموجّه من قبل إدارة المدرسة لأولياء أمور الطلبة يتحدث عن رحلة لمنطقة اسمها وادي زرقاء ماعين، فهل حدث سوء فهم هنا؟ ربما وربما لا. وهل الأزرق كان وضعه يوم العاصفة أفضل من وضع ماعين؟؟ على كل حال لبّ الموضوع ليس حول هذه التفصيلة.
المؤلم في البيروقراطية المتراكمة منذ عقود وعقود أن الوزير لا يَفْرِقُ عند مفترق حاسم عن المراسل والآذن وموظف الدرجة التاسعة؛ الجميع يبحث عن باب خلاص فردي، وعن ذريعة تنجيه، وكما نقولها بلهجتنا العامّية (إكْزِ عنّي)، فآخر ما يمكن أن يفكّر فيه الوزير كما سائق الحافلة الذي غلّق الأبواب، الفكرة النقيّة النبيلة عن شجاعة الاعتراف وأخلاقية الوقوف المحترم أمام استحقاقات المنصب أو طبيعة العمل أو اشتراطاته أو تداعياته.
النأي بالنفس عن الشبهة هو الغاية القصوى، فلا أحد يريد أن يتحمّل مسؤولية أي مسؤولية مهما صغر شأنها أو عظم أو استحقت أو لم تستحق. ضابط الدفاع المدني يشير خمس مرّات إلى الولاء للملك وإلى إلغاء الملك زيارة للبحرين!! فهل وظيفة ضابط الدفاع المدني ورجالات الدفاع المدني الإعلان عن تأجيل الملك زيارة ما!!!؟؟؟؟؟
وزير الصحة يصل بعد التاسعة مساء ليقول كلاماً لا يشفي غليلاً يفتقر إلى ثِقَةٍ مقنعةٍ وإلى ملاءةٍ أمينةٍ صادقة.
أُناسٌ يتجمهرون حول الكاميرات كما لو أنهم ينتظرون فرصة كي يبتسموا أمام العدسات بِبلاهةٍ لا تتناسب مع فداحة المأساة وهول الحدث وحزن الأفئدة.
هرع رئيس الوزراء لمكان الفجيعة ليس بعيداً عن السيل الذي جرف بعض أحلامنا وفلذات أكبادنا، لا أستطيع أن أنكر ذلك. فهل سيهرع لإماطة اللثام عن مفاصل الخلل في بنيتنا وفكرتنا عن الوظيفة العامة واختبار حساسيات الإخلاص حين نبني جسراً أو نسيّر حافلة أو نوافق على إنشاء مدرسة خاصة أو نزرع شجرة أو نعد طبقاً لزبائن في مطعم أو نراسل صحيفة أو نعد تقريراً أو نحمي سياجاً أو نصنع باباً أو نقدم خدمة أو نطفئ ناراً أو نحرر مخالفة أو نرعى رضّعاً في حضانة أو نعالج مريضاً أو نسعف مصاباً أو نبيع دواء أو ندير تجارة أو نربّي جيلاً أو نحفظ أمانة؟؟؟
إن لم يكن أولاد الرحلة الذين لن يعودوا بعد اليوم لبيوتهم وأحضان أمهاتهم، سبباً وجيهاً كي نقرع الجرس؟ فنحن جميعنا إلى زوال. وعلى الدنيا السلام.
نيسان ـ نشر في 2018/10/26 الساعة 00:00