مقاعد الرجال ملازم

د. زيد النوايسة
نيسان ـ نشر في 2019/01/22 الساعة 00:00
كلما قادني الواجب الاجتماعي لتقديم تهنئة أو مشاركة في جاهة أو تقديم واجب العزاء؛ يستفزني أكثر ما يستفزني هؤلاء الذين يقفزون كالغزال بمجرد قدوم مسؤول حالي أو سابق أو مشروع مسؤول وكأنما قيمة الناس وأهميتهم يحدده اللقب الذي يسبق أسمه؛ دولة، معالي ، عطوفة، سعادة، بينما يدخل عالم جليل أواكاديمي فذ أو كاتب أو فنان فلا يلتفت له أحد بل ربما يكون مثار تندر وسخرية...
قبل اسابيع كنت أجلس في احدى المناسبات الاجتماعية وقادتني الصدفه لاجلس في مكان يمكنني من متابعة الداخلين والخارجين، جلس بجانبي شخص كان عمل مسؤول من الفئة العليا لفترة بسيطة ثم غادر ويبدو أنه يشعر بالظلم؛ المهم لم يلتفت لي نهائياً رغم محاولتي المجاملة بحكم المجاورة في الجلسة وربما كان ينظر لي باعتباري مجرد مواطن عادي لا فائدة مرجوة منه ...
كانت عيون جاري العتيد تتفحص الوجوه، دخلت مجموعة من القضاة الشرعيين أو علماء الدين كما تبدو مظاهرهم فلم يلتفت لهم... ثم دخل مجموعة من الوجهاء فلم يكترث بالامر؛ تلقى جاري تلفونا يبدو انه من المدام فكان يقول " اه وصلت موجود دولة فلان ومعالي فلان وعطوفة فلان ... كان يصر ان ينزل الناس خاصة المسؤولين مكانهم المناسب ...فجاة دخل وزير عامل (انا شخصيا لا اطيقه مع اثنين طن عسل يمني اصلي وربما غيري كمان) فانتفض كحمامة في شهر كانون نحوه مسرعاً وكاد أن يقع على وجهه من السرعة حتى ينال شرف مصافحة معاليه معانقاً بحرارة رغم أن ملامح الوزير وردة فعله توحي بأنه لا يعرفه ... أنا بدوري استغليت الفرصة واجلست شخصا يبحث عن مقعد مكانه وعندما عاد صاحبنا اكتشف ان لامكان له فدخل مرة اخرى في رحلة البحث عن مقعد ...
أستمر صاحبنا في القفز لاحتضان الوزراء والمسؤولين وربما أستمر أخرين مثله لم اتابعهم الا مهنة له الأ استغلال هذه المناسبات للتسويق لانفسهم ومحاولة اعادة الاعتبار لأن القيمة الحقيقة لهم هي بالموقع وما عدا ذلك هم الوهم والخيبة بذاتها...
قديما كان اهلنا يقولون بفطرتهم "مقاعد الرجال ملازم" ولكن هناك من يريق كرامته وماء وجهه بالمجان...
    نيسان ـ نشر في 2019/01/22 الساعة 00:00