إلى الشماليين وقد عبروا..

ماكنت أرجو أن تحط رحالُكم حيث حلّت ،فمحلكم صدر البيت ،والجبل متكأ الصابرين ،كيف تركتم "أهراء روما" بعد أن عبث العابثون بأحمر رملها وتنعّم المتنعمون بفائض حِملها ،ألم يحمّلكم عرار وصية لأهل رم وبني جلدتهم من سكان الجسر الجدد؟ كيف طاوعتكم قلوبكم لتتركوا سهل حوران وتأتوا إلى معاطن الأبل ومصدارها ؟
هل كانت روح وصفي تحدو ركبكم وأنتم على مشارف قفقفا ،وبرد الثغرة يسفع وجوهكم ، والشوارع تسلخ الريح جلدها ،فتتكشف عن عبث المفسدين في الأرض الحزينة ،كيف يجوع من أطعم الدنيا قمحا كالتبرأو ينحني من علّم الجبال الشموخ؟ها أنتم تلتقون اخوتكم عند ثنيّة الوادي فتلتئم الرئتان ويتوحّد القلبان، فتبادلوا الوجع،أخبروهم أن الشمال صنو الجنوب حبا وجوعا ،هما جناحا عنقائنا التي لن تموت بسموم الفاسدين أخبروهم أنكم طلاب حقّ أخرجهم الجوع لكرامة الوطن خذوا "صحائحهم " وعناوينهم فإن لكم لقاء قريبا ،قولوا لهم:
إذا قيل خيلَ الله! يوماً ألا اركبي رَضِيتَ بِكفّ الأردُنيّ انسِحَالَها
وها أنتم اليوم طلائع قوم لايداس جوارهم ،ستجدون أمامكم شبابا وسمتهم الشمس وصهر قلوبهم سُرى الليل فشابوا قبل أن يشبوا ، وحمّلوا أحمال قوم هم بالخروج أولى ،عودوا "لأهرائكم" واستخرجوا حنطتها بعرق الجباه ، عودوا قبل أن يسألكم سائل : من أنتم؟ فعمان لم تعد المحجّ بعد أن عرف ساكنوها طريق البنك الدولي ومؤتمراته ،عودوا فعاصمتكم لم تأوِ إلى جبل يعصمها من الماء ....عودوا قبل الطوفاااااان.