أردوغان في طريقه للرحيل

د. محمد حسين المومني
نيسان ـ نشر في 2019/04/11 الساعة 00:00
نتائج الانتخابات التركیة تشیر بوضوح إلى تراجع حضور وشعبیة اردوغان السیاسیة والحزب الحاكم ”العدالة والتنمیة“. أیام اردوغان السیاسیة الزاھیة تبدو قد ولت، فاستمراره السیاسي بدأ مرحلة العد العكسي.
لم تشفع لاردوغان كل خطاباتھ العاطفیة الشعبویة المؤثرة، ولا لعبھ على أوتار تثیر الشجون؛ لقد أطاح الأداء الاقتصادي بھذه الشعبیة وتبین أن الشعبویة التي لا تطعم خبزا، ولا تأتي بإنجازات یلمسھا المواطن والناخب، ما ھي إلا إبر تسكین لا طائل منھا.
معاناة الاقتصاد التركي بتراجع معدلات النمو على نحو كبیر، وارتفاع التضخم بمعدلات انعكست على مستویات المعیشة كان السبب الأساسي لنتائج الانتخابات. ھذا ما جعل اردوغان وحزبھ یواصلون اللیل بالنھار من اجل النھوض بالاقتصاد مرة اخرى لكن دون نتائج تذكر.
التراجع الاقتصادي التركي مرشح للسوء أكثر بسبب العقوبات الأمیركیة على إیران التي ھي المزود الاساسي للنفط لتركیا. بوادر مواجھة اخرى تلوح بالافق بین تركیا والولایات المتحدة على خلفیة صفقة نظام صواریخ 400-S الروسیة التي قد تقف عائقا لشراء مقاتلات أمیركیة من قبل تركیا وقد تتبع بعقوبات اقتصادیة أمیركیة على تركیا. نتائج الانتخابات التركیة تذكیر لكل دول المنطقة بضرورة الانتباه للاوضاع الاقتصادیة ومستوى المعیشة للناس، وأن أیة اولویات اخرى تكون ثانویة عندما یتعلق الأمر بمعیشة الناس ومستوى رفاھھم الاقتصادي. ھو تذكیر أیضا أن التعاون الاقلیمي لا بد أن یعلي من شأن التعاون الاقتصادي وانعاش التنمیة في المجتمعات لا أن تبقى الدول حبیسة اجندات التعاون السیاسیة والأمنیة فحسب.
رحیل اردوغان بالمجمل خبر سار لعدید من الدول العربیة في المنطقة، فالرجل دخل بعدید من المنافسات والمواجھات والتدخلات بشؤون جیرانھ لم یكن لھ أي حق بدخولھا، وقد حاول فرض خطابھ الذي تجاوز على سیادة الدول واغضبھا. والأخطر أنھ بتقدیمھ لنفسھ أنھ مناصر للحركات الاسلامیة في الاقلیم قد اضرھا ضررا شدیدا فسارع من اعلان بعض الدول لھذه الحركات انھا منظمات ارھابیة، وذاتیا أخر وأبطأ من عقلنة خطابھا السیاسي وترشیده وھو ما یعد السبب الأساسي بتراجع أدوارھا السیاسیة والمجتمعیة وتوجس الانظمة الرسمیة منھا.
في اقلیم كالشرق الاوسط ونظرا للبیئة السیاسیة والامنیة الحساسة السائدة، لا یمكن لأي دولة أن تقبل من تنظیم أو دولة اخرى أن تتبنى خطابا سیاسیا عابرا للحدود ففي ذلك مس بالسیادة والامن ویعید للاذھان فترات عدم استقرار عاشتھا كثیر من الدول بسبب تسامحھا مع الخطاب السیاسي العابر للحدود. تركیا دولة مھمة للاقلیم اقتصادیا وسكانیا، وھي علمانیة إلى حد كبیر، في اقلیم یسوده كثیر من الثیولوجیا المتقولة على الدین، لذلك فیمكن لھا أن تكون مصدرا لكثیر من الاستقرار والتطور على مستوى الاقلیم إن اشتبكت بإیجابیة وبما یراعي سیادة الدول وظروفھا المختلفة.
الغد
    نيسان ـ نشر في 2019/04/11 الساعة 00:00