ناصر اللوزي یلوذ بزمانه الدافئ من صقیع السیاسة
نيسان ـ نشر في 2019/04/29 الساعة 00:00
إبراھیم قبیلات
یعتبر رئیس الدیوان الملكي الأسبق ناصر اللوزي؛ الذي یلوذ بصمت منذ سنین، أن الزمان أكثر دفئاً من الآن. یكتفي بجملتھ ھذه التي تشي بصمت السیاسي الذي خبر ملفات الساعة جدیدھا وعتیقھا.
فمنذ خروجه من القصر العام 2011 ،نأى الرجل بصمته عن كل ھذا الضجیج والصخب العماني؛ باحثاً عن شيء من راحة البال وھدوئه.
ُ ھو الیوم یمضي جل ِ وقتھ في عمان، بین أسرتھ وأبناء أشقائھ وشقیقاتھ، متفقداً دروسھم ومسیرة حیاتھم، بعد أن أخذتھ السیاسة كثیراً، وھو الذي أمضى شطراً من حیاتھ في الوظائف الحكومیة الرفیعة قبل أن ینتقل الى القطاع الخاص.
في جبل عمان ولد ناصر اللوزي في السادس والعشرین من شباط (فبرایر) 1957 ،لعائلة سیاسیة، فھو نجل النائب والوزیر ورئیس الوزراء الأسبق، أحمد عبد الكریم اللوزي، الذي رأس الحكومة خلال (1971-1973 ،(ورئیس الدیوان الملكي الأسبق، (1979 -1984،(
ورئیس مجلس الأعیان الأسبق (1984-1997 .(
دراستھ ونشأتھ
نشأ ناصر في كنف أسرتھ، في جبل عمان، في شارع ”منغو“، قرب منزل كلوب باشا، ودرس في الكلیة العلمیة الإسلامیة حتى مرحلة الثانویة العامة العامة 1975 ،وسط أجواء سیاسیة متقلبة إقلیماً، فواكب أحداث حرب 67 ،واغتیال الشھید وصفي التل، وحرب أیلول الأسود، لكنھ لم ینخرط یوماً في المشھد الحزبي، بل طار إلى الولایات المتحدة الامیركیة لیدرس الھندسة المدنیة في جامعة تكسس- آرلنغتون.
عمل المھندس المدني عقب تخرجھ في الجامعة العام 1979 ،في وزارة الأشغال العامة لنحو خمس سنوات، ثم بدأ مسیرتھ مع الحقائب الوزاریة العام 1996 ،وزیراً للنقل، وھي الوزارة التي تولاھا أكثر من مرة، ثم وزارة الأشغال العامة والإسكان 1997 -1998 ،ثم وزارة الإعلام والثقافة العام 1999 ،فنائباً لرئیس المجلس الأعلى للإعلام العام 2001
بوابة القصر
لم تتوقف مسیرة اللوزي عند ھذا الحد، بل إنھ تمتع بثقة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي كلّفھ برئاسة الدیوان الملكي بعد أن دخلت البلاد في حالة من التوتر السیاسي في أعقاب الخلاف الشھیر بین رئیس الدیوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، ومدیر المخابرات العامة الأسبق، محمد الذھبي، فدخل القصر عشیة عید الفطر، في الرابع من تشرین الأول (أكتوبر) 2008، منھیاً بذلك حقبة من الاصطفافات والتخندقات المصلحیة على حساب الأردن؛ لیعید فتح بوابات القصر للجمیع من دون مواقف مسبقة.
ثلاث استقالات مفاجئة تقدم بھا ناصر من مراكز عملھ؛ كانت الأولى من وزارة الاشغال العامة منتصف ثمانینیات القرن الماضي، بعد أن وجد نفسھ بدأ یتحول من الھندسة إلى الإدارة، والثانیة من حكومة عبدالرؤوف الروابدة العام 2000 ،في أعقاب حالة من التوتر وغیاب الانسجام بین مراكز القوى، والثالثة من مجلس إدارة الملكیة الأردنیة العام 2014 ،التي یُ ِس ُر لمقربین منھ بوجوب أن تكون إدارتھا أردنیة لا أجنبیة، بعد أن ”ثبت فشل النموذج في تحقیق الفارق في مسیرتھا“.
التوریث السیاسي.. ومفتاح ”الرابع“
یتھم اللوزي بأنھ قدم لـ“الرابع“ عبر بوابة التوریث السیاسي، ولا سیما أنھ نجل عمید الرؤساء في الأردن، وابن شقیقة رئیس الوزراء الأسبق، ورئیس الدیوان الملكي الأسبق، عبد الكریم الكباریتي، الذي تشكلت خیوط العلاقة معھ منذ اختطافھ في شھر تموز (یولیو) 1971 ،حین كان طالباً، ورئیس التنظیم الطلابي الأردني في الجامعة الأمیركیة ببیروت، من قبل إحدى المنظمات الفدائیة.
في لبنان كانت الأجواء مضطربة ومشحونة؛ بفعل ارتدادات متوالیة للمشھد الفلسطیني على المحیط العربي، فكان الطلاب مجسات حقیقیة لنبض الشارع العربي من محیطھ إلى خلیجھ، كانوا ضد الخنوع والتفرقة ویبحثون عن إبرة الوحدة العربیة وسط كومة من المؤامرات.
حادثة الاختطاف للكباریتي حفرت عمیقا في أعماق ابن الأخت اللوزي، إذ كان حدثا بارزا تابعھ الأردن الرسمي مع كل المستویات اللبنانیة؛ الكتائب، والأحزاب، ورئیس الجمھوریة، فأثمرت الجھود الأردنیة عن إطلاق سراح الكباریتي بعد عشرة أیام من الاختطاف، كانت تلك الفترة أول الوعي السیاسي للوزي الذي كان قد واظب على مجالسة زوار خالھ ووالده من الشخصیات السیاسیة والوطنیة، ثم واصل طریقھ بشغف لمعرفة ما یجري في محیط عربي لا یكف عن الغلیان.
سلّة من العوامل أسھمت في بناء شخصیتھ الھادئة، كان بھا عمھ الدكتور سالم اللوزي نافذة اجتماعیة، فیما تكفلت مجالس والده ورؤى خالھ عبدالكریم الكباریتي بإنضاجھ سیاسیاً على نار ھادئة.
مقربون من الرجل لا یصادرون اعترافھ بأنھ استفاد من خؤولتھ في مرحلة مبكرة من حیاتھ، ولا یكتم الرجل لمحدثیھ امتنانھ لخالھ عبدالكریم الكباریتي الذي كان مفتاحھ السیاسي لقلب ”الرابع“، لكنھم یقولون إن اللوزي واصل تنقلھ بین الوظائف اعتماداً على نفسھ وخبراتھ.
یحسب للرجل انحیازه لرفع مستوى الحریة في الإعلام، ومطالباتھ بتعدیل قانون المطبوعات والنشر، حین كان وزیراً للإعلام عام 1999 ،لكنھ لم یكمل طریقھ، إذ قرر الاستقالة من الحكومة والسفر إلى الخارج.
الیوم، یجلس اللوزي في بیتھ مكتفیاً بالصمت إزاء ما یحدث من ”فقاعات“ و“انفجارات“ داخلیة وإقلیمة وعالمیة، وھو الذي كان یطیر برسائل ملكیة إلى القادة والرؤساء في المنطقة، حین كان رئیسا للدیوان الملكي، مفسحاً المجال أمام من یجلسون في كراسي المسؤولیة؛ لیقولوا كلمتھم دون تأثیر من أحد.
الغد
یعتبر رئیس الدیوان الملكي الأسبق ناصر اللوزي؛ الذي یلوذ بصمت منذ سنین، أن الزمان أكثر دفئاً من الآن. یكتفي بجملتھ ھذه التي تشي بصمت السیاسي الذي خبر ملفات الساعة جدیدھا وعتیقھا.
فمنذ خروجه من القصر العام 2011 ،نأى الرجل بصمته عن كل ھذا الضجیج والصخب العماني؛ باحثاً عن شيء من راحة البال وھدوئه.
ُ ھو الیوم یمضي جل ِ وقتھ في عمان، بین أسرتھ وأبناء أشقائھ وشقیقاتھ، متفقداً دروسھم ومسیرة حیاتھم، بعد أن أخذتھ السیاسة كثیراً، وھو الذي أمضى شطراً من حیاتھ في الوظائف الحكومیة الرفیعة قبل أن ینتقل الى القطاع الخاص.
في جبل عمان ولد ناصر اللوزي في السادس والعشرین من شباط (فبرایر) 1957 ،لعائلة سیاسیة، فھو نجل النائب والوزیر ورئیس الوزراء الأسبق، أحمد عبد الكریم اللوزي، الذي رأس الحكومة خلال (1971-1973 ،(ورئیس الدیوان الملكي الأسبق، (1979 -1984،(
ورئیس مجلس الأعیان الأسبق (1984-1997 .(
دراستھ ونشأتھ
نشأ ناصر في كنف أسرتھ، في جبل عمان، في شارع ”منغو“، قرب منزل كلوب باشا، ودرس في الكلیة العلمیة الإسلامیة حتى مرحلة الثانویة العامة العامة 1975 ،وسط أجواء سیاسیة متقلبة إقلیماً، فواكب أحداث حرب 67 ،واغتیال الشھید وصفي التل، وحرب أیلول الأسود، لكنھ لم ینخرط یوماً في المشھد الحزبي، بل طار إلى الولایات المتحدة الامیركیة لیدرس الھندسة المدنیة في جامعة تكسس- آرلنغتون.
عمل المھندس المدني عقب تخرجھ في الجامعة العام 1979 ،في وزارة الأشغال العامة لنحو خمس سنوات، ثم بدأ مسیرتھ مع الحقائب الوزاریة العام 1996 ،وزیراً للنقل، وھي الوزارة التي تولاھا أكثر من مرة، ثم وزارة الأشغال العامة والإسكان 1997 -1998 ،ثم وزارة الإعلام والثقافة العام 1999 ،فنائباً لرئیس المجلس الأعلى للإعلام العام 2001
بوابة القصر
لم تتوقف مسیرة اللوزي عند ھذا الحد، بل إنھ تمتع بثقة جلالة الملك عبد الله الثاني الذي كلّفھ برئاسة الدیوان الملكي بعد أن دخلت البلاد في حالة من التوتر السیاسي في أعقاب الخلاف الشھیر بین رئیس الدیوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، ومدیر المخابرات العامة الأسبق، محمد الذھبي، فدخل القصر عشیة عید الفطر، في الرابع من تشرین الأول (أكتوبر) 2008، منھیاً بذلك حقبة من الاصطفافات والتخندقات المصلحیة على حساب الأردن؛ لیعید فتح بوابات القصر للجمیع من دون مواقف مسبقة.
ثلاث استقالات مفاجئة تقدم بھا ناصر من مراكز عملھ؛ كانت الأولى من وزارة الاشغال العامة منتصف ثمانینیات القرن الماضي، بعد أن وجد نفسھ بدأ یتحول من الھندسة إلى الإدارة، والثانیة من حكومة عبدالرؤوف الروابدة العام 2000 ،في أعقاب حالة من التوتر وغیاب الانسجام بین مراكز القوى، والثالثة من مجلس إدارة الملكیة الأردنیة العام 2014 ،التي یُ ِس ُر لمقربین منھ بوجوب أن تكون إدارتھا أردنیة لا أجنبیة، بعد أن ”ثبت فشل النموذج في تحقیق الفارق في مسیرتھا“.
التوریث السیاسي.. ومفتاح ”الرابع“
یتھم اللوزي بأنھ قدم لـ“الرابع“ عبر بوابة التوریث السیاسي، ولا سیما أنھ نجل عمید الرؤساء في الأردن، وابن شقیقة رئیس الوزراء الأسبق، ورئیس الدیوان الملكي الأسبق، عبد الكریم الكباریتي، الذي تشكلت خیوط العلاقة معھ منذ اختطافھ في شھر تموز (یولیو) 1971 ،حین كان طالباً، ورئیس التنظیم الطلابي الأردني في الجامعة الأمیركیة ببیروت، من قبل إحدى المنظمات الفدائیة.
في لبنان كانت الأجواء مضطربة ومشحونة؛ بفعل ارتدادات متوالیة للمشھد الفلسطیني على المحیط العربي، فكان الطلاب مجسات حقیقیة لنبض الشارع العربي من محیطھ إلى خلیجھ، كانوا ضد الخنوع والتفرقة ویبحثون عن إبرة الوحدة العربیة وسط كومة من المؤامرات.
حادثة الاختطاف للكباریتي حفرت عمیقا في أعماق ابن الأخت اللوزي، إذ كان حدثا بارزا تابعھ الأردن الرسمي مع كل المستویات اللبنانیة؛ الكتائب، والأحزاب، ورئیس الجمھوریة، فأثمرت الجھود الأردنیة عن إطلاق سراح الكباریتي بعد عشرة أیام من الاختطاف، كانت تلك الفترة أول الوعي السیاسي للوزي الذي كان قد واظب على مجالسة زوار خالھ ووالده من الشخصیات السیاسیة والوطنیة، ثم واصل طریقھ بشغف لمعرفة ما یجري في محیط عربي لا یكف عن الغلیان.
سلّة من العوامل أسھمت في بناء شخصیتھ الھادئة، كان بھا عمھ الدكتور سالم اللوزي نافذة اجتماعیة، فیما تكفلت مجالس والده ورؤى خالھ عبدالكریم الكباریتي بإنضاجھ سیاسیاً على نار ھادئة.
مقربون من الرجل لا یصادرون اعترافھ بأنھ استفاد من خؤولتھ في مرحلة مبكرة من حیاتھ، ولا یكتم الرجل لمحدثیھ امتنانھ لخالھ عبدالكریم الكباریتي الذي كان مفتاحھ السیاسي لقلب ”الرابع“، لكنھم یقولون إن اللوزي واصل تنقلھ بین الوظائف اعتماداً على نفسھ وخبراتھ.
یحسب للرجل انحیازه لرفع مستوى الحریة في الإعلام، ومطالباتھ بتعدیل قانون المطبوعات والنشر، حین كان وزیراً للإعلام عام 1999 ،لكنھ لم یكمل طریقھ، إذ قرر الاستقالة من الحكومة والسفر إلى الخارج.
الیوم، یجلس اللوزي في بیتھ مكتفیاً بالصمت إزاء ما یحدث من ”فقاعات“ و“انفجارات“ داخلیة وإقلیمة وعالمیة، وھو الذي كان یطیر برسائل ملكیة إلى القادة والرؤساء في المنطقة، حین كان رئیسا للدیوان الملكي، مفسحاً المجال أمام من یجلسون في كراسي المسؤولیة؛ لیقولوا كلمتھم دون تأثیر من أحد.
الغد
نيسان ـ نشر في 2019/04/29 الساعة 00:00