جنرال بالجيش الاسرائيلي : حماس باتت تدب الذعر بين المُستوطِنين و تزيدهم هلعًا

نيسان ـ نشر في 2019/05/06 الساعة 00:00
إسرائيل بقادتها ومُستوطِنيها تعيش حالةً من الهستيريا، فالمُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، التي باتت باعترافٍ من قادة الكيان تُحدِّد قواعد الاشتباك واللعبة، تمكّنت بالرغم من عدم تكافؤ القوّة والفُرص، من فرض أجندتها على “أقوى جيشِ في الشرق الأوسط، بل في العالم قاطِبةً”، وأكثر من ذلك، التصعيد الأخير، إذا جاز التعبير، عرّى الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة وأزال القناعَ عن القناعِ: أفلام الفيديو التي تناقلتها وسائط التواصل الاجتماعيّ وأيضًا محطّات التلفزيون العبريّة، كشفت ما حاولت دولة الاحتلال إخفاؤه على مدار سنواتٍ عديدةٍ: المُستوطنون في الجنوب، وتحديدًا في المنطقة التي تُسّمى مُستوطنات (غلاف غزّة)، يهربون بمئات الآلاف من الجنوب ويتجّهون إلى المركز وحتى الشمال في طبريّا، ويقولون للتلفزيون العبريّ بصريح العبارة إنّهم هربوا من الجحيم، ووصلوا إلى الشمال للبحث عن الهدوء وراحة البال.
في هذا السياق يجب التذكير بأنّ حزب الله اللبنانيّ استطاع في حرب لبنان الثانيّة في صيف العام 2006 تدمير العقيدة القتاليّة التي وضعها مَنْ يُطلِقون عليه مؤسِّس الدولة العبريّة، دافيد بن غوريون، والقاضية بحسم المعركة في أسرع وقتٍ مُمكِنٍ، شريطة أنْ تدور رحاها في أرض العدو، فجاءت المُقاومة اللبنانيّة لتنسِف هذه الدوكترينا من أساسها، وحولّت العمق الإسرائيليّ إلى ساحة معركةٍ، وأجبرت أكثر من مليون إسرائيليٍّ على الهروب من الشمال إلى المركز والجنوب، لتُدخِل إسرائيل في دوامةٍ لم تعهدها من ذي قبل، والشيء بالشيء يذكر: المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، على جميع تنظيماتها المُسلحّة، عادت بعد 13 عامَا من وضع حرب لبنان الثانية أوزارها لتقول للإسرائيليين: جبهتكم الداخليّة أوهن من أنْ تتحمّل الصواريخ، وتتوعّد بمُفاجآتٍ تُرعِب كيان الاحتلال، قيادةً وشعبًا، قالت وفعلت، وعدت وأوفت. ويكفي في هذه العُجالة الإشارة إلى أنّه لليوم التالي على التوالي لا يوجد تعليم في المدارس ولا العمل في المصانع التي تبعد عن غزّة مسافة 40 كيلومترًا، وهذا يقود إلى السؤال المفصليّ: كم خسِرت إسرائيل أموالاً في جولة التصعيد الحاليّة؟ وما هو تأثير هذه المعركة على الاقتصاد الإسرائيليّ، الذي يُعتبر قويًا؟.
عُلاوةً على ما ذُكر أنفًا، وبالرغم من تفعيل مقّص الرقابة العسكريّة على مدار الساعة، بدأ المُحلّلون والخبراء والمُعلّقين للشؤون العسكريّة بالتصعيد في أقوالهم، وكشف حقيقة التنظيمات الفلسطينيّة، وتحديدًا حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس). الجنرال غرشون هكوهين، الذي خدم عشرات السنوات في جيش الاحتلال، واليوم يعمل باحِثًا في مركز (بيغن السادات للدراسات الإستراتيجيّة)، وصل إلى أستوديو هيئة البثّ الإسرائيليّة العامّة، شبه الرسميّة (كان) ليُدلي بدلوه. هكوهين، المعروف بآرائه العنصريّة والمُتطرّفة قال فيما قال للتلفزيون العبريّ: حركة حماس هي ليست تنظيمًا إرهابيًا، كما جرت العادة الإسرائيليّة على تسميته، مُضيفًا في الوقت عينه إنّ الحديث يدور عن جيشِ نظاميٍّ بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، وساق قائلاً في معرِض ردّه على سؤالٍ إنّ حركة حماس تمتلك الأجهزة والأدوات المُتقدّمة والمُتطورّة جدًا، تمامًا كأيّ جيشِ نظاميٍّ في الدول الغربيّة، بالإضافة إلى الصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى التي تُهدّد مركز الدولة العبريّة وحتى حيفا في الشمال، على حدّ قوله. الجنرال هكوهين شدّدّ على أنّ حماس تتصرّف كجيشِ نظاميٍّ، حيثُ تُقسّم إلى ألوية وكتائب وتستخدِم أجهزة الإرسال الصينيّة التي يصعب على جيش الاحتلال ومُخابرات كيان الاحتلال على مُختلف أذرعها من تعقبّها ومعرفة ما هي خططها، وماذا تنوي أنْ تفعل، قال الجنرال الإسرائيليّ في الاحتياط، دون أنْ ينبّس أحدٌ من المُشارِكين في النقاش ببنت شفةٍ، الأمر الذي يؤكِّد أنّ تصريحاته مقبولةً عليهم.
على صلةٍ بما سلف، قال المُحلِّل الإسرائيليّ التقدّمي في صحيفة (هآرتس) العبريّة، غدعون ليفي، قال إنّ غزّة “غيتو”، وما يحدث في الجنوب هو تمرد لهذا الغيتو، لافِتًا إلى أنّه لا توجد أيّ قيمةٍ أخرى لوصف الواقع، وأضاف: يُمكِن الادعاء ضدّ حماس، ولا يُمكِن ادعاء أيّ شيءٍ ضدّ غزة، فهي تُحارِب من أجل الحريّة، ولا يوجد أيّ نضالٍ أكثر عدلاً من نضالها، وحماس هي قيادتها، على حدّ تعبيره.
ولفت ليفي إلى أنّ إسرائيل تتثاءب والمتحدثون فيها يعرفون ترديد “الردع”، نفس المسخ الذي أقمناه لأنفسنا من أجل تبرير القتل، والحصار والتدمير، ونكذب على أنفسنا، ونقول إنّ هناك ما يردع مليوني شخص عاطلين عن العمل وبائسين ومهانين، عدد منهم جائع أوْ يحتضر في ظلّ غياب العلاج وجميعهم سجناء، كما أكّد.
وخلُص إلى القول إنّ الدولة التي قامت على ذكرى الغيتوات والتي قدّسته مرّةً أخرى قبل بضعة أيامٍ، تحجِب نظرها عن الغيتو الكبير الذي أقامته بنفسها على بعد ساعة سفر من مركزها، ولا تريد رؤيته، دولةٌ قامت من خلال نضالٍ دمويٍّ، غيرُ مستعدّةٍ للاعتراف بعدالة نضال الشعب الآخر، على حدّ قوله.
    نيسان ـ نشر في 2019/05/06 الساعة 00:00