الأزمة الإيرانية الأميركية: المواجهة أو التفاوض؟

د. زيد النوايسة
نيسان ـ نشر في 2019/05/09 الساعة 00:00
دخلت الأزمة الأمیركیة الإیرانیة منعطفا خطیرا مع سریان الحزمة الجدیدة من الإجراءات الأمیركیة وانتھاء فترة السماح التي منحت للدول الثماني، الھند، الصین، كوریا الشمالیة، الیابان، تركیا، إیطالیا، تایوان بالحصول على النفط الإیراني وھذا یعني عملیاً تراجع الصادرات النفطیة من 54 % عندما أعلنت الولایات المتحدة الامیركیة الوجبة الأولى من العقوبات الى ”صفر“، ما دفع القیادة الإیرانیة للتلویح باتخاذ قرارات تتعلق بمصیر الاتفاق النووي الذي ما تزال تلتزم بھ ھي مع بقیة أعضاء 5+1.
ویمكن فھم تصریحات الرئیس روحاني التي وردت یوم الأربعاء ”بأن إیران تسلك طریق الدبلوماسیة ولا ترید الحرب ولكنھا صبرت لعام كامل ونفذت كل تعھداتھا وھي ستسلك طریقاً آخر لأن الاتفاق النووي بحاجة لجراحھ خاصة ولم یعد ممكنا اللجوء للأقراص المھدئة وأن الجمیع سیواجھون اجراء إیرانیاً صارماً“، بأنھا رسالة تحذیر أخیرة.
من الواضح أن إیران على وشك اتخاذ جملة من الإجراءات مھدت لھا الصحافة الإیرانیة والمسؤولین الإیرانیین خلال الأسابیع الماضیة تتعلق بوقف تنفیذ بعض التزاماتھا الواردة في الاتفاق النووي مثل وقف بیع الیورانیوم المخضب الفائض عن 300 كیلو غرام ووقف بیع الماء الثقیل وزیادة إنتاج سادس فلورید الیورانیوم، وھي المادة الخام المستخدمة في أجھزة الطرد المركزي، وإعطاء مھلة ستین یوماً لأطراف الاتفاق النووي لضمان مصالحھا في مجال تصدیر النفط والتعاملات البنكیة وان فشل ذلك فھي ستزید من التخصیب وتلوح بمزید من الإجراءات وھي تستند للمادتین 26 و36 من الاتفاق النووي اللتین تعطیان إیران حق خرق الاتفاق ولیس من حق الدول الموقعة على الاتفاق النووي العودة لفرض العقوبات إلا بالعودة لمجلس الامن وھو ما قد یواجھ بالفیتو الروسي والصیني المشترك.
تتصاعد تھدیدات الطرف الأھم في الصراع وھو الولایات المتحدة الامیركیة من خلال إرسال حاملة الطائرات العملاقة ”لنیكولن“ والبوارج والسفن الحربیة المرافقة لھا ووصول قاذفات بي.
52 العملاقة كرسالة تحذیریة للإیرانیین، كما حذر مستشار الامن القومي الأمیركي جون بولتون من مغبة استھداف مصالح الولایات المتحدة الامیركیة وحلفائھا في المنطقة في الخلیج وخطورة قیام الجانب الإیراني بإعاقة الملاحة البحریة.
ویمكن فھم قیام وزیر الخارجیة الأمیركي بومبیو بقطع زیارتھ لألمانیا والتوجھ فوراً للعاصمة العراقیة بغداد وتحذیر الحكومة العراقیة الحلیفة لطھران من مغبة عدم القیام بحمایة الجنود الأمیركیین المتواجدین في العراق وربما التلویح بالقیام بعملیات عسكریة تستھدف الجماعات العراقیة الموالیة لإیران في العراق.
من المؤكد أن المنطقة دخلت في مرحلة حرجة من خلال رفع منسوب الضغوط الاستراتیجیة الأمیركیة على إیران والتلویح الجدي بعمل عسكري قد یستھدف العمق الإیراني ولیس ضرب مصالحھا الإقلیمیة فقط قد تكون إسرائیل مشاركة فیھ، مع الاستمرار بمحاصرة إیران التي تعیش ظروفاً اقتصادیة خانقة نتیجة صعوبة بیع النفط وتدھور سعر الریال وارتفاع التضخم وزیادة الدیون لتصل 50 % من الناتج الاقتصادي وتصفیة الشركات الأوروبیة أعمالھا.
الرد الإیراني على التھدیدات الامیركیة جاء سریعاً بأنھا في حالة جاھزیة كاملھ عسكریاً لمؤازرة حاملاتھا النفطیة حتى تعبر مضیق ھرمز وأنھ إذا لم تعبر حاملات النفط الإیرانیة فإن أحداً لن یصدر نفطھ عبر ھرمز وأن خنق الشریان النفطي لھا سیدفعھا لخنق الاخرین ایضاً.
العالم الیوم أمام أزمة یمكن اعتبارھا من أكثر الازمات السیاسیة تعقیداً خلال السنوات الأخیرة؛ كل الأطراف الدولیة والإقلیمیة توظف أوراق ضغطھا حتى تحقق أكبر مكاسب أو تھیئ ظروفاً مناسبة إما لمواجھة عسكریة كما ترغب أسرائیل أو الدخول في تسویة سیاسیة بین واشنطن وطھران أو التوافق على آلیة تنظم الخلافات بینھما لا حلھا.
    نيسان ـ نشر في 2019/05/09 الساعة 00:00