(الاتفاق) لن ينفّذ قبل مطلع 2016!
نيسان ـ نشر في 2015/07/20 الساعة 00:00
يبدو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية حصلت في اتفاقها النووي التاريخي مع المجموعة الدولية 5+1 على مطلب رفعته من زمان وتمسّكت به في أثناء المفاوضات البالغة الجدية التي بدأت قبل نحو 21 شهراً، وهو رفع شامل للعقوبات المفروضة عليها من مجلس الأمن ومن الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الاوروبي وغيرها. ويبدو أيضاً أنها بدأت التركيز على هذا المكسب بغية تسويق الاتفاق في الأوساط الراديكالية والمتشدّدة داخلها، والتي تضم خليطاً واسعاً ومؤثّراً من العلماء ومن العسكر المنتمين أساساً إلى "الحرس الثوري" و"البسيج" وغيرهما.
لكن ناشطين جديين في مركز أبحاث أميركي عريق ومطّلع في آن واحد يؤكدون، مع اعترافهم بالمكسب الإيراني المشار إليه أعلاه، أن تطبيق الاتفاق التاريخي لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها. فالكونغرس الأميركي بمجلسيه يحتاج إلى 60 يوماً لمراجعته. وإذا رفضه فإن الرئيس أوباما سيمارس حق الفيتو لإمراره. ويُرجَّح أن ينجح في ذلك لان الرافضين لن يتمكنوا من إقناع غالبية الثلثين في مجلسي الكونغرس بإبطال مفعول "الفيتو" الرئاسي. وفي الأمم المتحدة، يتابع هؤلاء بأن مجلس الأمن سيصادق على الاتفاق بقرار من أعضائه. وبعد نحو 90 يوماً من هذا الحدث يمكن القول أن الاتفاق النووي تم تبنيه رسمياً. إلا أنه قبل البدء بتطبيقه رسمياً يفترض أن تقدم "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" تقريراً في 15 كانون الأول المقبل حداً أقصى يؤكد "نظافة" البرنامج النووي لإيران، كما يفترض أن تتأكد أن الأخيرة طبّقت الإجراءات ذات الطابع النووي المدرجة في الاتفاق.
انطلاقاً من هذه النقطة تدخل إيران مدة السنوات الثماني التي تراقب خلالها "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" النشاط النووي المحدود والمخصّص للأغراض السلمية وكذلك المراكز النووية المشتبه فيها. أما رفع العقوبات، يلفت الناشطون البحثيون أنفسهم، فإنه يبدأ من تاريخ التنفيذ للاتفاق. إذ يرفع مجلس الأمن عقوباته وينهي الاتحاد الدولي عقوباته. ويفعل الأمر نفسه الرئيس الأميركي. لكن فقط بالنسبة إلى العقوبات التي فرضها استناداً إلى سلطته التنفيذية. وحده الكونغرس وبسبب رفض الغالبية الجمهورية فيه وعدد من الديموقراطيين سيتريث في رفع عقوباته. وقد يدوم تريثه كثيراً. إذ إن التنفيذ الفعلي والتام للاتفاق قد يتأخر الى مطلع العام المقبل 2016.
ماذا يعني ذلك للذين توقعوا نتائج سريعة للاتفاق النووي سياسية واقتصادية وغيرها؟
يعني أن الأثر الإيجابي الكبير له والمحسوس إيرانياً على صعيد النفط سيتأخر في الظهور. فالـ40 أو 50 مليار برميل التي تخزّنها إيران والـ300 ألف برميل إضافي التي ستنتجها يومياً لن تحقق الآمال السريعة. ويعني أيضاً أن الأثر الإيجابي للاتفاق أميركياً سيتأخر، ذلك أن واشنطن ستبقى مقيّدة بعقوبات الكونغرس الأميركي الذي يفتح الباب الإيراني للاستثمارات الآسيوية والأوروبية في قطاع النفط. علماً أن سيطرة "الحرس الثوري" على هذا القطاع قد لا تسهل الاستثمارات المذكورة لأنه يعتبرها منافسة له. ويعني ثالثاً أن مضاعفات الاتفاق النووي في الشرق الأوسط وعليه قد تدخله مرحلة من التفجّر والتقلّب مع عدم الاستقرار. ذلك ان القوى السنية فيها مع السعودية وتركيا في مقدمها ستبذل الكثير لموازنة إيران "الجديدة" مع استمرار التنافس الجاري في ما بينها. وأن إسرائيل ستقوّي وتنوّع علاقاتها في المنطقة بحثاً عن حلفاء لهم مصلحة مشتركة معها في احتواء الذين تقاتل إيران بواسطتهم. ويعني رابعاً وأخيراً بالنسبة إلى أميركا أن الاتفاق مع إيران هو خطة نحو وضع سياسة شرق أوسطية خارجية ذكية ونشطة تعتمد على القوى الوطنية ولا تفرض عليها أن تكون في قلب كل صراع ينشب. وهي أساساً تعتمد على الميليشيات الشيعية الإيرانية (الهوى) في العراق لمحاربة "داعش"، وفي سوريا ستجد اميركا وإيران نفسيهما مضطرتين إلى البحث في اتفاق تشارك فيه السلطة عندما يحين الوقت. علماً أن العلاقة الأميركية – الإيرانية المستجدة ليست شاملة، ولن يكون من شأنها جعل تعامل واشنطن مع الشرق الأوسط أسهل. وسيكون على أميركا أن تقيم توازناً مع القوى السنية في الوقت الذي تطوّر علاقاتها مع إيران. وذلك يحتاج إلى وقت وجهد وطاقة. النهار
لكن ناشطين جديين في مركز أبحاث أميركي عريق ومطّلع في آن واحد يؤكدون، مع اعترافهم بالمكسب الإيراني المشار إليه أعلاه، أن تطبيق الاتفاق التاريخي لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها. فالكونغرس الأميركي بمجلسيه يحتاج إلى 60 يوماً لمراجعته. وإذا رفضه فإن الرئيس أوباما سيمارس حق الفيتو لإمراره. ويُرجَّح أن ينجح في ذلك لان الرافضين لن يتمكنوا من إقناع غالبية الثلثين في مجلسي الكونغرس بإبطال مفعول "الفيتو" الرئاسي. وفي الأمم المتحدة، يتابع هؤلاء بأن مجلس الأمن سيصادق على الاتفاق بقرار من أعضائه. وبعد نحو 90 يوماً من هذا الحدث يمكن القول أن الاتفاق النووي تم تبنيه رسمياً. إلا أنه قبل البدء بتطبيقه رسمياً يفترض أن تقدم "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" تقريراً في 15 كانون الأول المقبل حداً أقصى يؤكد "نظافة" البرنامج النووي لإيران، كما يفترض أن تتأكد أن الأخيرة طبّقت الإجراءات ذات الطابع النووي المدرجة في الاتفاق.
انطلاقاً من هذه النقطة تدخل إيران مدة السنوات الثماني التي تراقب خلالها "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" النشاط النووي المحدود والمخصّص للأغراض السلمية وكذلك المراكز النووية المشتبه فيها. أما رفع العقوبات، يلفت الناشطون البحثيون أنفسهم، فإنه يبدأ من تاريخ التنفيذ للاتفاق. إذ يرفع مجلس الأمن عقوباته وينهي الاتحاد الدولي عقوباته. ويفعل الأمر نفسه الرئيس الأميركي. لكن فقط بالنسبة إلى العقوبات التي فرضها استناداً إلى سلطته التنفيذية. وحده الكونغرس وبسبب رفض الغالبية الجمهورية فيه وعدد من الديموقراطيين سيتريث في رفع عقوباته. وقد يدوم تريثه كثيراً. إذ إن التنفيذ الفعلي والتام للاتفاق قد يتأخر الى مطلع العام المقبل 2016.
ماذا يعني ذلك للذين توقعوا نتائج سريعة للاتفاق النووي سياسية واقتصادية وغيرها؟
يعني أن الأثر الإيجابي الكبير له والمحسوس إيرانياً على صعيد النفط سيتأخر في الظهور. فالـ40 أو 50 مليار برميل التي تخزّنها إيران والـ300 ألف برميل إضافي التي ستنتجها يومياً لن تحقق الآمال السريعة. ويعني أيضاً أن الأثر الإيجابي للاتفاق أميركياً سيتأخر، ذلك أن واشنطن ستبقى مقيّدة بعقوبات الكونغرس الأميركي الذي يفتح الباب الإيراني للاستثمارات الآسيوية والأوروبية في قطاع النفط. علماً أن سيطرة "الحرس الثوري" على هذا القطاع قد لا تسهل الاستثمارات المذكورة لأنه يعتبرها منافسة له. ويعني ثالثاً أن مضاعفات الاتفاق النووي في الشرق الأوسط وعليه قد تدخله مرحلة من التفجّر والتقلّب مع عدم الاستقرار. ذلك ان القوى السنية فيها مع السعودية وتركيا في مقدمها ستبذل الكثير لموازنة إيران "الجديدة" مع استمرار التنافس الجاري في ما بينها. وأن إسرائيل ستقوّي وتنوّع علاقاتها في المنطقة بحثاً عن حلفاء لهم مصلحة مشتركة معها في احتواء الذين تقاتل إيران بواسطتهم. ويعني رابعاً وأخيراً بالنسبة إلى أميركا أن الاتفاق مع إيران هو خطة نحو وضع سياسة شرق أوسطية خارجية ذكية ونشطة تعتمد على القوى الوطنية ولا تفرض عليها أن تكون في قلب كل صراع ينشب. وهي أساساً تعتمد على الميليشيات الشيعية الإيرانية (الهوى) في العراق لمحاربة "داعش"، وفي سوريا ستجد اميركا وإيران نفسيهما مضطرتين إلى البحث في اتفاق تشارك فيه السلطة عندما يحين الوقت. علماً أن العلاقة الأميركية – الإيرانية المستجدة ليست شاملة، ولن يكون من شأنها جعل تعامل واشنطن مع الشرق الأوسط أسهل. وسيكون على أميركا أن تقيم توازناً مع القوى السنية في الوقت الذي تطوّر علاقاتها مع إيران. وذلك يحتاج إلى وقت وجهد وطاقة. النهار
نيسان ـ نشر في 2015/07/20 الساعة 00:00