نريدُ شعوبَنا حَيَّةً
نيسان ـ نشر في 2020/01/26 الساعة 00:00
لعلَّ أَوْجَعَ صرخةً عرفها التاريخ، هي صرخة اليمامة بنت كليب: "أريد أبي حيَّاً". بنت جليلة قالت: "أريد كليباً حيّاً"، فجاء الصدى رَدَّاً من المهلهل (عمّها الزير سالم): "أريد أخي كليباً حيّاً". ولهذا كانت (البسوس) أكثر حروب الأرض ضراوة، لأنها ببساطةٍ قامت على أساسٍ لا يشبه سواه: رفض القدر.
فهل المعضلة بما اقترفه جسّاس؟ أم المصيبة بما نتج عن فعله؟ أم أن الأمر بمجمله، لا يتعدى انزلاقنا نحو تصاريف العلّة والمعلول وما بينهما: الفعل ورد الفعل، والقتل، ثم الثأر، ثم الثأر للثأر، تُحَرِّكُنا في كل هذا وذاك، عاطفةُ النساء الجيّاشة، ومكابرةٌ مهتاجةٌ لحقائقِ الوجودِ ونواميسِ الخليقة؟
أسئلةٌ وجوديةٌ دامغةُ التجلِّي والعنفوان، تفرضها الصرخةُ الغاضبةُ الرافضةُ الثائرةُ الخارجةُ عن أي منطق أو عنوان: "أريد كليباً حيّاً".
وحتى لا نبتعد عن إنسانيتنا كثيراً، فمن منّا قَبِلَ على مدى حياته، قَصُرَتْ تلك الحياة أم طالت، صالتْ أم جالت، صَعَدَتْ أم هبطت، مختلف ما اختاره القدر/ المشيئة/ الله من حقائق، وما فرضه عليه من مواجع، وما خصّه به من اختبار؟
نُفْجَعُ بموتِ طفلٍ رضيع. تُغتال موجباتُ وجودِنا بفقدِ إنسانٍ يعني لنا كل شيء، أو إنسانة هي حقيقة معنى بقائنا وعلّة قبولنا بالمعادلات جميعها.
تقهرنا الحقائق التي لا قِبَل لنا بها، بفقدٍ جوهريٍّ يُدمي ما تبقى من أيام أنفاسنا (رحيل شقيقتي هاجر على سبيل المثال). فقدٌ من الطراز الذي يستحيل أن تعود الحياة بعده كما كانت، فتنبت صرختنا من تحت رماد ما بقي من معنانا، من قيمة حضورنا، من فحوى تمسكنا بالأنفاس باعتبارها الشاهد الوحيد أننا ما نزال على قيد العيش: نريد .... حيّاً، والفراغ هنا قد يكون المقصود به أباً أو أمّاً أو شقيقاً أو شقيقة أو زوجاً أو حبيباً أو ابناً أو ابنة، أو بمعنى آخر أن الراحل ربما كان السبب الوحيد لوجودنا، وبرحيله تنتفي أسباب الوجود جميعها، فإما اللحاق به أو إعادته حيّاً ليتسنى لنا إكمال أنفاس حياتنا وعلّة استمرارنا ومنطقية حيويتنا.
صرخةٌ ضد القدر، أطلقتها اليمامة، أطلقها كليب، ما يزال صداها يرنّ في الأرواح المعذبة والفيافي المقفرة، وفي بلاد ابتلاها الله دون سواها، أو على أقل تقدير بأكثر كثير من غيرها، أن يكون الموت في بقاعها مفجعاً مرتبطاً بقصف الأعمار المتماهي مع قصف سقوف البيوت وموائل السترة وضفاف الأمل:
_نريد شعوبنا حيّة.
نريدها أن تنال حظها من الحياة الكريمة الحُرُّة المُشِعَّةِ بالمسرّات، المُشتعلةِ بالمباهج والعدل والرفاه والأمن والسلام.
فهل المعضلة بما اقترفه جسّاس؟ أم المصيبة بما نتج عن فعله؟ أم أن الأمر بمجمله، لا يتعدى انزلاقنا نحو تصاريف العلّة والمعلول وما بينهما: الفعل ورد الفعل، والقتل، ثم الثأر، ثم الثأر للثأر، تُحَرِّكُنا في كل هذا وذاك، عاطفةُ النساء الجيّاشة، ومكابرةٌ مهتاجةٌ لحقائقِ الوجودِ ونواميسِ الخليقة؟
أسئلةٌ وجوديةٌ دامغةُ التجلِّي والعنفوان، تفرضها الصرخةُ الغاضبةُ الرافضةُ الثائرةُ الخارجةُ عن أي منطق أو عنوان: "أريد كليباً حيّاً".
وحتى لا نبتعد عن إنسانيتنا كثيراً، فمن منّا قَبِلَ على مدى حياته، قَصُرَتْ تلك الحياة أم طالت، صالتْ أم جالت، صَعَدَتْ أم هبطت، مختلف ما اختاره القدر/ المشيئة/ الله من حقائق، وما فرضه عليه من مواجع، وما خصّه به من اختبار؟
نُفْجَعُ بموتِ طفلٍ رضيع. تُغتال موجباتُ وجودِنا بفقدِ إنسانٍ يعني لنا كل شيء، أو إنسانة هي حقيقة معنى بقائنا وعلّة قبولنا بالمعادلات جميعها.
تقهرنا الحقائق التي لا قِبَل لنا بها، بفقدٍ جوهريٍّ يُدمي ما تبقى من أيام أنفاسنا (رحيل شقيقتي هاجر على سبيل المثال). فقدٌ من الطراز الذي يستحيل أن تعود الحياة بعده كما كانت، فتنبت صرختنا من تحت رماد ما بقي من معنانا، من قيمة حضورنا، من فحوى تمسكنا بالأنفاس باعتبارها الشاهد الوحيد أننا ما نزال على قيد العيش: نريد .... حيّاً، والفراغ هنا قد يكون المقصود به أباً أو أمّاً أو شقيقاً أو شقيقة أو زوجاً أو حبيباً أو ابناً أو ابنة، أو بمعنى آخر أن الراحل ربما كان السبب الوحيد لوجودنا، وبرحيله تنتفي أسباب الوجود جميعها، فإما اللحاق به أو إعادته حيّاً ليتسنى لنا إكمال أنفاس حياتنا وعلّة استمرارنا ومنطقية حيويتنا.
صرخةٌ ضد القدر، أطلقتها اليمامة، أطلقها كليب، ما يزال صداها يرنّ في الأرواح المعذبة والفيافي المقفرة، وفي بلاد ابتلاها الله دون سواها، أو على أقل تقدير بأكثر كثير من غيرها، أن يكون الموت في بقاعها مفجعاً مرتبطاً بقصف الأعمار المتماهي مع قصف سقوف البيوت وموائل السترة وضفاف الأمل:
_نريد شعوبنا حيّة.
نريدها أن تنال حظها من الحياة الكريمة الحُرُّة المُشِعَّةِ بالمسرّات، المُشتعلةِ بالمباهج والعدل والرفاه والأمن والسلام.
نيسان ـ نشر في 2020/01/26 الساعة 00:00