'عنك يمه'..

نيسان ـ نشر في 2020/03/25 الساعة 00:00
نيسان- فاطمة العفيشات
"عنك يُمّه"، هذا ما قاله لها بعد أن حمل عنها أكياس الخضار وانتظم على الدور تاركاً مسافة أمان بينه ومن حوله, مخففاً عن تلك الحجة المسنة ثقل حاجياتها وعناء وقوف الإنتظار.
نحن نتحدث عن رجل أمنٍ يعي جيداً ضرورة الإنتظام ويتقن الفزعة لأجل الوطن وابنائه.
دخلت سيدة أخرى محل الخضار , فقالت لرجل الامن: "شكراً على شهودكم", ليرد دون تفكير: " نعمل لسلامتكم وراحتكم".
فيديو تداوله الناس وعلقوا بأن رجل الأمن اختصر كل الكلمات بـ"يمه" نعم هي أمه التي لم تنجبه.
غادروا بيوتهم لتكون الشوارع مكانهم في وقت بالغ الخطورة ليس على الاردن بل على العالم بأسره, تركوا عائلاتهم وخرجوا للوظيفة فكان الاردن وناسه عائلاتهم, أما راحتهم فكانت بأمن الوطن وهدوئه.
المقطع ذاك لم يكن الأول لهم ولن يكون الأخير, قبل يومين خرجت سيدة ليلاً مستقلة سيارتها , وبعد أن أوقفها رجال الأمن لمعرفة سبب مخالفتها حظر التجول أخبرتهم بأنها تبحث عن الخبز لأطفالها, فما كان من أهل "البوريه الأحمر" إلا أن يقول "ابشري".
احضر رجل الامن كيس خبزٍ كان في سيارتهم الامنية , هي مروءة العسكر ونخوتهم , هم رجال شربوا الكرامة مع مياه الصحراء العكرة فنمت في شرايينهم وفاء ومحبة .
بالأمس وفي موقفٍ كنت أحد شهوده, تهافت الناس على أحد المخابز للشراء, ولأن القوانين تمنع البيع المباشر حضر رجال الأمن لتنظيم المكان, البعض غادر بهدوء, والبعض هرب من رجال الأمن الذين تراكضوا خلفهم بإبتسامة, وكأنهم أشقاء الطفولة في الحارات القديمة, مرددين :" والله عشانكم , لا تطلعوا وخليكم بدوركم.
وفي مشهدٍ وثقته كاميرا صحيفة نيسان, قال الضابط لسيدة تريد شراء الخبز :"يا خيّه والله ليوصلكم الخبز عالدار, الوضع خطير, الله يرضى عليك روحي وخبزك يوصلك للدار".
بعد هذا الحوار المكتظ بالانسانية والخوة كيف نخاف على أنفسنا في وطنٍ تربى رجاله على كفوف حرائر , نقشن حبه في قلوبهم, حرائر أطلقن "زغاريد الإنتصار" كلما حملوا فلذاتهم على الأكتاف بعد أن سلموا الأمانة لباريها كي لا تظام الأرض ولا تهون, وعقدن "شماغهم" بوجه كل معتدٍ, فزرعن غرساً في تلك الأرض ووثقن أنها بهم لن تظام.
    نيسان ـ نشر في 2020/03/25 الساعة 00:00