القول والعمل
نيسان ـ نشر في 2020/04/09 الساعة 00:00
جاء في كتاب كليلة ودمنة، الذي ألفه ابن المقفع ولم يترجمه عن الهند كما قال في مقدمته:
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: أخبرني عن الرجل الماكر يخفي مكره حتى يوقع ضحاياه بكلام معسول وفعل غامض مهزول، فيخرجون راضين من شخصه خاسرين من أدائه..
قال بيدبا: ذكروا أن تاجرا في بلاد البنجاب، كان يأخذ أموال الناس بقصد التجارة، والمضاربة بها، فاعتمد على غلمانه وأهمل تجارته، حتى خسر ثلثي المال فأسقط في يديه، وصار يطلب الحيلة ليتخلص من ديونه.. فقصد صاحبا له ماكرا، ليدله على طريقة يخبر أصحاب الأموال بالكارثة التي حلت باموالهم، دون أن يصخبوا عليه أو يطالبوه بالأموال..
أخذ التاجر نصيحة صاحبه الماكر، فقام بعرض انجازات وهمية لتجارته، واختلق بطولات وأبلغ المساهمين بها، ثم جنّد بعض الغلمان ليتحدثوا بحنكته وصفاته الشخصية، وعبقريته، حتى اهتم الناس بشخص التاجر ونسوا أداءه في التجارة، وانتقل بعدها الى المرحلة الثانية بأن صار الغلمان يسربون أخبارا عن خسائر خارجة عن ارادته، تتعلق بالنقل والبحر واللصوص، وصاروا يأتون بأخبار متضاربة... مرة خسارة بسيطة، ومرة كبيرة ومرة يعمدون الى شخص التاجر وصورته في أذهان المساهمين، وقدرته على تجاوز الخسائر!! ليدخلوا الكارثة على الناس بشكل مجزأ، حتى يستوعبوا خسارتهم بنفس راضية، ويظهر التاجر المهمل بطلا، ويتغنى الخاسرون بحنكته.
ففعل بهم ما فعله أشعب مع أمه قال الملك وكيف كان ذلك؟ قال الفيلسوف: وَهَب رجل لأشعب غلامًا، فجاء إلى أمه بحمار محمّل من كلِّ شيء، وبالغلام، فقالت له: ما هذا الغلام؟ فأشفق من أن يقول: وُهِبَ لي، فتموت فرحًا، فقال: غينٌ. فقالت: وما غينٌ؟ قال: لامٌ. قالت: وما لامٌ؟ قال: ألفٌ. قالت: وما ألفٌ؟ قال: ميمٌ. قالت: وما ميمٌ؟ قال: وُهِب لي غُلامٌ. فغشي عليها من الفرح، ولو لم يقطِّع الحروف لماتت!!.
فكانت التجزئة والتهيئة، علاجاً لأم أشعب ولأصحاب التاجر الماكر...
قال الفيلسوف للملك، إذا رأيت قوماً الكلام عندهم فوق العمل، فلا تأبه بهم وافعل بهم ما شئت، فإن ضجروا وضجوا عليك، داوهم بالكلام وابق على ما أنت فيه من عمل..لانه "لا يتم حسن الكلام الا بحسن العمل"، وهم أعجبهم حسن الكلام ولم يلتفتوا لسوء العمل!!..
قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: أخبرني عن الرجل الماكر يخفي مكره حتى يوقع ضحاياه بكلام معسول وفعل غامض مهزول، فيخرجون راضين من شخصه خاسرين من أدائه..
قال بيدبا: ذكروا أن تاجرا في بلاد البنجاب، كان يأخذ أموال الناس بقصد التجارة، والمضاربة بها، فاعتمد على غلمانه وأهمل تجارته، حتى خسر ثلثي المال فأسقط في يديه، وصار يطلب الحيلة ليتخلص من ديونه.. فقصد صاحبا له ماكرا، ليدله على طريقة يخبر أصحاب الأموال بالكارثة التي حلت باموالهم، دون أن يصخبوا عليه أو يطالبوه بالأموال..
أخذ التاجر نصيحة صاحبه الماكر، فقام بعرض انجازات وهمية لتجارته، واختلق بطولات وأبلغ المساهمين بها، ثم جنّد بعض الغلمان ليتحدثوا بحنكته وصفاته الشخصية، وعبقريته، حتى اهتم الناس بشخص التاجر ونسوا أداءه في التجارة، وانتقل بعدها الى المرحلة الثانية بأن صار الغلمان يسربون أخبارا عن خسائر خارجة عن ارادته، تتعلق بالنقل والبحر واللصوص، وصاروا يأتون بأخبار متضاربة... مرة خسارة بسيطة، ومرة كبيرة ومرة يعمدون الى شخص التاجر وصورته في أذهان المساهمين، وقدرته على تجاوز الخسائر!! ليدخلوا الكارثة على الناس بشكل مجزأ، حتى يستوعبوا خسارتهم بنفس راضية، ويظهر التاجر المهمل بطلا، ويتغنى الخاسرون بحنكته.
ففعل بهم ما فعله أشعب مع أمه قال الملك وكيف كان ذلك؟ قال الفيلسوف: وَهَب رجل لأشعب غلامًا، فجاء إلى أمه بحمار محمّل من كلِّ شيء، وبالغلام، فقالت له: ما هذا الغلام؟ فأشفق من أن يقول: وُهِبَ لي، فتموت فرحًا، فقال: غينٌ. فقالت: وما غينٌ؟ قال: لامٌ. قالت: وما لامٌ؟ قال: ألفٌ. قالت: وما ألفٌ؟ قال: ميمٌ. قالت: وما ميمٌ؟ قال: وُهِب لي غُلامٌ. فغشي عليها من الفرح، ولو لم يقطِّع الحروف لماتت!!.
فكانت التجزئة والتهيئة، علاجاً لأم أشعب ولأصحاب التاجر الماكر...
قال الفيلسوف للملك، إذا رأيت قوماً الكلام عندهم فوق العمل، فلا تأبه بهم وافعل بهم ما شئت، فإن ضجروا وضجوا عليك، داوهم بالكلام وابق على ما أنت فيه من عمل..لانه "لا يتم حسن الكلام الا بحسن العمل"، وهم أعجبهم حسن الكلام ولم يلتفتوا لسوء العمل!!..
نيسان ـ نشر في 2020/04/09 الساعة 00:00