ما الذي جرى؟
نيسان ـ نشر في 2020/05/08 الساعة 00:00
كنّا قلباً واحداً، موقفاً واحداً موحداً في وجه الجائحة. باركنا خطوات الحكومة وخطتها للمواجهة والحد من انتشار الوباء بكل ما أوتوا وأوتينا من قوة وصلاحيات وإمكانيات ومقدرات.
وقفنا جميعنا سداً واحداً منيعاً مخلصاً وحققنا ما لم نفعله منذ سنوات: تماهٍ ساطع بين الموقفين الرسمي والشعبي، الحكومي والمعارض، فهل دخل قلوب بعضنا الشك؟ هل هو السأم؟ هل السبب انقطاع أرزاق كثير ممن تضررت مصالحهم بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الإغلاق والحظر والحجر؟
أحاول أن أقرأ الحالة اليوم، وأكذب إن ادعيت أنني أملك جواباً فورياً مباشراً واضحاً حاسماً.
وطالما أن ذلك كذلك، فبرأيي أن الحل الوحيد المتاح أمامي هو مواصلة دعم الموقف الرسمي، ومباركة الخطوات مهما صعب علينا فهم بعض تفاصيلها أو هضم كثير من تداعياتها، وبما يشمل حتى قصة عقوبات الكمامات، ودون التوقف عند تفصيلة من هو وكيلها أو من المستفيد من بيعها! فعليّ أن أظل متمسكاً بالحقيقة الأهم والأولى الآن، أن المستفيد الأكبر هو الوطن.
منذ البداية أدركنا جميعنا أن إمكانياتنا الطبية والعلاجية والاستشفائية واللوجستية أقل بكثير من أن تواجه تدفق الإصابات لو تركناها تفعل، فقلنا توكلنا على الله ولندع أصحاب الشأن يواجهون المصيبة بما تمخض عن عصوفاتهم ونقاشاتهم وتقليبهم الأمر على وجوهه جميعها، من قرارات وتبني إجراءات.
قلنا، ويفترض أننا فعلنا ذلك جميعنا: إن درهم الوقاية هنا أصبح مالنا ورأسه وخلاصه وجدار أمننا الصحي والاقتصادي الأخير.
وتحوطنا حول هذا الدرهم.. كبّرناه، رفعنا من شأنه، آمنا به بعد إيماننا بالله الحامي الحافظ الرحيم، وفي خواطرنا تعاليمه سبحانه حول الأخذ بالأسباب، فأخذنا، فمن أحدث في هذا السد شقوق الحيرة والريبة وزرع في نفوس الربع بعض البذور الفاسدة المهلكة للحقل كله؟
طويلة أيام الانكماش أعرف، قاتلة لحظات الانتظار أوقن، ضبابية بعض معالم أفق الغد لعلها، ولكن، والحق يقال إن أياً ممن شكك أو شقَّ الصف أو شرخ جدار الالتزام العظيم، لم يقدم حلولاً بديلة. علّق على حلق الرؤوس، دون أن يوضح لنا كيف نحمي النفوس، وننقذ أطفالنا من شبح الفيروس المتربص غير الرحيم. غرّد هنا أو دبّج صفحته هناك، دون أن يتحفنا بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
مقابل كل ضيق حاولت الجهات المعنية فتح باب فرج، تعطلت الأعمال فأجلت الدين، تضرر عمال مياومة وبشر كثيرون يعيشون الكفاف يوماً بيوم، فحاولوا وضع قوائم تحدد ملامحهم وحجم خسائرهم، مقترحين طرقاً ممكنة لمساعدتهم وسند تعثرهم.
أعرف شيخ عشيرة كريم من أصل كريم عفى مستأجريه من إيجارات البيوت التي يملكها ويقيم فيها أخوة مستأجرون حتى نهاية العام، حتى إن ابنه صديقي الأعز حاول أن يجعل الإعفاء ثلاثة شهور وأبى الشيخ الكريم إلا أن يكون عاماً كاملاً. لو اقندى أغنياؤنا بما فعله ابن السلط الشهم الحشم النبيل، لشكّل هذا الإجراء جزءاً من الحل، لو استطعنا أن نروّض أيام البيت ونحولها لأيامٍ مثمرة نافعة في سياق التقارب بين أبناء الأسرة الواحدة بما لم يتحقق خلال كل السنوات التي سبقت الحجر والحظر لرأى بعضنا في كل هذه الإجراءات بعض الفائدة. عجبني ما قاله الفنان راغب علامة في برنامج تلفزيوني عن تراجع درجات تلوث السديم وعن تنفس الخلق هواء نقياً نظيفاً خالياً من العوادم وأول الأكاسيد وثانيها وخربان بيوتها. صديق ابن الشيخ إياه أقسم لي أنه رأى من سطح بيت والده في الرابية معظم مناطق جنوب عمان وشرقها. لا أقول كل هذا الكلام لأسوّق مزيداً من الحجر والحظر، ولكن قصة النصف الممتلئ من الكأس ربما هي أكثر ما نحتاجه هذه الأيام.
حمى الله الأردن وفلسطين وسائر بلاد العرب والعالم. دمتم.
وقفنا جميعنا سداً واحداً منيعاً مخلصاً وحققنا ما لم نفعله منذ سنوات: تماهٍ ساطع بين الموقفين الرسمي والشعبي، الحكومي والمعارض، فهل دخل قلوب بعضنا الشك؟ هل هو السأم؟ هل السبب انقطاع أرزاق كثير ممن تضررت مصالحهم بشكل مباشر أو غير مباشر بسبب الإغلاق والحظر والحجر؟
أحاول أن أقرأ الحالة اليوم، وأكذب إن ادعيت أنني أملك جواباً فورياً مباشراً واضحاً حاسماً.
وطالما أن ذلك كذلك، فبرأيي أن الحل الوحيد المتاح أمامي هو مواصلة دعم الموقف الرسمي، ومباركة الخطوات مهما صعب علينا فهم بعض تفاصيلها أو هضم كثير من تداعياتها، وبما يشمل حتى قصة عقوبات الكمامات، ودون التوقف عند تفصيلة من هو وكيلها أو من المستفيد من بيعها! فعليّ أن أظل متمسكاً بالحقيقة الأهم والأولى الآن، أن المستفيد الأكبر هو الوطن.
منذ البداية أدركنا جميعنا أن إمكانياتنا الطبية والعلاجية والاستشفائية واللوجستية أقل بكثير من أن تواجه تدفق الإصابات لو تركناها تفعل، فقلنا توكلنا على الله ولندع أصحاب الشأن يواجهون المصيبة بما تمخض عن عصوفاتهم ونقاشاتهم وتقليبهم الأمر على وجوهه جميعها، من قرارات وتبني إجراءات.
قلنا، ويفترض أننا فعلنا ذلك جميعنا: إن درهم الوقاية هنا أصبح مالنا ورأسه وخلاصه وجدار أمننا الصحي والاقتصادي الأخير.
وتحوطنا حول هذا الدرهم.. كبّرناه، رفعنا من شأنه، آمنا به بعد إيماننا بالله الحامي الحافظ الرحيم، وفي خواطرنا تعاليمه سبحانه حول الأخذ بالأسباب، فأخذنا، فمن أحدث في هذا السد شقوق الحيرة والريبة وزرع في نفوس الربع بعض البذور الفاسدة المهلكة للحقل كله؟
طويلة أيام الانكماش أعرف، قاتلة لحظات الانتظار أوقن، ضبابية بعض معالم أفق الغد لعلها، ولكن، والحق يقال إن أياً ممن شكك أو شقَّ الصف أو شرخ جدار الالتزام العظيم، لم يقدم حلولاً بديلة. علّق على حلق الرؤوس، دون أن يوضح لنا كيف نحمي النفوس، وننقذ أطفالنا من شبح الفيروس المتربص غير الرحيم. غرّد هنا أو دبّج صفحته هناك، دون أن يتحفنا بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
مقابل كل ضيق حاولت الجهات المعنية فتح باب فرج، تعطلت الأعمال فأجلت الدين، تضرر عمال مياومة وبشر كثيرون يعيشون الكفاف يوماً بيوم، فحاولوا وضع قوائم تحدد ملامحهم وحجم خسائرهم، مقترحين طرقاً ممكنة لمساعدتهم وسند تعثرهم.
أعرف شيخ عشيرة كريم من أصل كريم عفى مستأجريه من إيجارات البيوت التي يملكها ويقيم فيها أخوة مستأجرون حتى نهاية العام، حتى إن ابنه صديقي الأعز حاول أن يجعل الإعفاء ثلاثة شهور وأبى الشيخ الكريم إلا أن يكون عاماً كاملاً. لو اقندى أغنياؤنا بما فعله ابن السلط الشهم الحشم النبيل، لشكّل هذا الإجراء جزءاً من الحل، لو استطعنا أن نروّض أيام البيت ونحولها لأيامٍ مثمرة نافعة في سياق التقارب بين أبناء الأسرة الواحدة بما لم يتحقق خلال كل السنوات التي سبقت الحجر والحظر لرأى بعضنا في كل هذه الإجراءات بعض الفائدة. عجبني ما قاله الفنان راغب علامة في برنامج تلفزيوني عن تراجع درجات تلوث السديم وعن تنفس الخلق هواء نقياً نظيفاً خالياً من العوادم وأول الأكاسيد وثانيها وخربان بيوتها. صديق ابن الشيخ إياه أقسم لي أنه رأى من سطح بيت والده في الرابية معظم مناطق جنوب عمان وشرقها. لا أقول كل هذا الكلام لأسوّق مزيداً من الحجر والحظر، ولكن قصة النصف الممتلئ من الكأس ربما هي أكثر ما نحتاجه هذه الأيام.
حمى الله الأردن وفلسطين وسائر بلاد العرب والعالم. دمتم.
نيسان ـ نشر في 2020/05/08 الساعة 00:00