سأفــرّ إلى الجنوب !!..(إلى أمجد العضايلة وسعد جابر)

د. عطا الله الحجايا
نيسان ـ نشر في 2020/05/15 الساعة 00:00
هذا بلاغ للرئيس ..
أمّا وقد نحرتَ أحلامنا في العيد وعجّلتَ بكف ّيد الشوق عن احتضان أكــــفّ الأمـــ هات وقهرتَ نظرة حانية في عيون الشقائق ،وعبثتَ بالوَدع فلن ينبىء عن عــــائد في ليالي الحظر،وجمَد الرمل فتداخلت خطوطه وحارت ناثراتُ الحليّ بخطوط الكفّ فكسرن فناجينهن وصككن الوجوه حيرة وقهرا ًقإنني سأفر إلى الجنوب وسأتـــ ـخذ سبيلي في الرمل سربا ،سآوي إلى جبل يهبني ذروته مستقرا إلى حين .
سأفرّ إلى الجنوب !! لن أطلب "تصريحا" فمنصاتكم لانـــ ـوافذ فيها للشوق وصلة رحم الرمل وعروق الجبال ومعاطن الإبل ،،،
سأخرق الحظر ...فأنا أعرف ألف طريق للجنوب لاتعرفها الحكومة ،وسأقبّل من أستطيع تقبيله ...بشرا وحجرا وشجرا ...حتى الرياح سأعانقها.
أعرف طرقا لاتعرفها ، سيوقفني العسكر ،وسيتركونني حياء من شيبي ، فأبنـــاؤنا مازالوا يوقّرون الشيب ..لن أمر بالدرب الصحراوي ،ولن أخبر دولتك عن الطــرق السرية للجنوب...الدروب هناك تعرفنا والشمس هناك تعرف مسامنا ،وتهدهد غرّة الفجر برفق حين توقظنا...هل تعلم أن المستحثات تشبه القلوب ..وأنّ الحصى يشبه اللوزتين ، وعروق الرمث(1) تضجّ بالشرايين..
سأتيمم وأتوجه نحو الجنوب فالماء في عمان لايطهر الشوق ..الماء ياسيدي يعرف منابعه..والدم الجنوبي حين يسيل تشم فيه رائحة الشيح وعبق القيصوم ..
سأتفيأ ظلال شجريتعّرق بالندى ،هل رايت ياسيدي شجرا يذوب حياء حين يؤمّه الفقراء ؟ ..فإن أردت أن تشم الأرض فعانق جنوبيا توضأ على غديرذات صلاة ،،،
إلى جبل من قسوة القيد هارب ...تسيل على الصحراء منه ذوائــب
فكم آوت الصحراء فيه متــيّما ...ونادى ذئاب "الفكّ"2 فيها فجاوبوا
و"ابو العوافي"3 في عباءة سيّد ...يمدّ سماط الشوق فالــكلّ شـارب
أمير الجبال الراسيات وشيخها ...ولو أن عصـــيان الشيوخ لواجب
على رمله مادت قلوب سراته ...فأورثها الأنّـــ ـاتِ سفْـــحٌ مواربُ
توزِّعنا فـــ وق الفلاة حتـوفُنا ...وليس لغير"الجنز"4 تأوي النجائب
ولا تعشق الصحراء إلا خدينها ...ولايعرف الصحراء إلا المواظِب
ولو أن نوحا قـــد أناخ سفيـــنه ..على جبل فيـــ ها عصته المراكب
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـ
1-شجيرة صحراوية - 2 ،3- جبلان صحراويان شرقي الحسا
4-قاع "الجنز" سهل واسع ممتد بين الحسا وشهاق.
    نيسان ـ نشر في 2020/05/15 الساعة 00:00