تسع دقائق يا فلويد أيقظت الإنسانية

د. الهام العلان
نيسان ـ نشر في 2020/06/06 الساعة 00:00
ما الجديد في الاحتجاج الفلويدي 2020 مقارنة باحتجاجات 1967، 1968، أو 1992؟ القاسم
المشترك هو عنف الشرطة ووحشيتها والسجن الجماعي. إنه تاريخ لم يسبق له مثيل، لديهم أكبر عدد
من السجناء في العالم: 2.3 مليون. وأكثر من 40 في المائة من السجناء هم من السود. والصاعقة كانت
تصوير كل شيء في الفيديو، حدث تقشعر له الأبدان من خلال ازدراء حياة شخص وبلا مبالاة. عندما
ترى التعبير في وجه ذلك الضابط وأن ثلاثة ضباط آخرين كانوا حوله يقفون كما لو كان هذا مجرد
عمل كالمعتاد تعلم تماماً أن الدنيا "مش" بخير. ولا ننسى الفيديو ظهر وسط جائحة، كان الناس
يشعرون بالفزع من عدم الكفاءة وغياب القيادة. كان الناس يشعرون بالذعر مما كان يحدث وخاصة
التقارير التي كانت تقول كان بالإمكان إنقاذ آلاف الأرواح لو أن القيادة كانت أكثر كفاءة وبعيدة عن
الاهتمام المبالغ فيه بإعادة الانتخاب، مع غياب نظام صحي مناسب، لهذا رأى الناس رابطًا بين القيادة
غير الكفؤة، وفشل دولة الرفاهية الأمريكية.
يمكن القول إن هناك تقدم غير عادي في المواقف المتغيرة للأمريكيين البيض تجاه السود والأقليات
الأخرى في أواخر الستينيات، وأصبح هناك قبول للمساواة، على الأقل في آرائهم، هذا ما ظهر خلال
تضامن الشباب البيض مع القضية، ولكن لا يزال هناك 20، 25 في المائة من البيض الذين ما زالوا
يحتضنون وجهات نظر التفوق الأبيض، وأنهم غير مستعدين لتقديم تنازلات مهمة لتحسين حياة السود.
على سبيل المثال، أحد أسباب ازدحام الناس في الأحياء المتوسطة والفقيرة هو أن السكن مكلف للغاية
في الضواحي، واللوائح تعمل على إبعاد المساكن ذات الدخل المتوسط ​​عن الضواحي، وهذا منع
العمال العاملين، من بينهم السود من الانتقال إلى هناك والحصول على مدارس جيدة، السكان السود
معزولون تقريبًا كما كانوا في الستينيات. هذا هو أساس الكثير من المشاكل التي يواجهها السود، ويفسر
عزلة البيض الذين ينشئون في الأحياء حيث لا يرون السود أو يتفاعلون معهم.
وهذا يعزز فكرة أن السود هم من الخارج وغير منتمين لمجتمعهم، والمؤكد أنه إذا لم تكبر مع الناس،
فأنت لا تعرف كيف تتفاعل معهم أو كيف تنشئ صداقات معهم، وهذا ما حدث مع السود الكثير منهم
يشعر بالحرج من التفاعل مع البيض الذين نشأوا مع القليل من الاتصال بالسود، وهنا تكمن الإشكالية
المجتمعية.
وصحيح أن العبودية أُلغيت بشكل صارم في عام 1865. غير أن ما تم إلغاؤه فعلياً هو الاستعباد
الفردي الشخصي لشخص ما من قبل شخص آخر، ولكن ما استمر هو ثقافة العبودية، وكان جوهر هذه
الثقافة هو الشعور بأن البيض من واجبهم السيطرة على حرية السود وقمعها. لقد فعلوا ذلك بطرق
مختلفة وجاء فلويد ليفجرها كما أشعلها البوعزيزي في يوم ما.
    نيسان ـ نشر في 2020/06/06 الساعة 00:00