محمود ابو الحاج وقواعد الاقتصاد الأردني.. من هنا تبدأ الحكاية
نيسان ـ نشر في 2020/06/13 الساعة 00:00
سألت صديقي ابو رياض محمود أبو الحاج كيف استطعت أن تتحول الى ميكانيكي ماهر؟
الرجل متواضع، فاكتفى بالابتسام. اكمل عمله بهدوء، او قل أتقن عمله بهدوء، ثم مضيت الى سبيلي.
في ركن ما في المدينة الرياضية مقابل البوابة 4 يحاول ابو رياض أن يكافح ظروف عمل صعبة.
عندما انهى عمله ومضيت كنت فخورا به، فخري برفرفة العلم. ما الوطن الا انا وهو وانتم. نتقن فنفخر. المسألة ليست كلاما او نفخ صدر. اليد الماهرة اولى بالعلم.
سألت نفسي: لِمَ يعاني المجتمع الأردني من هشاشة في المهارات الحرفية، ويفتقر الى ضوابط سلوكية فيها؟
لا أتحدث عن الجميع بالطبع، لكن المعظم كذلك: الميكانيكي، والكهربجي، والمواسرجي، والبنشرجي... وغيرها من المهن التائهة في المجتمع. هي ظالمة ومظلومة معا.
ظالمة في كل شيء ومظلومة دائما.
محمود أبو الحاج يمتلك ما ترغب أن تراه في شاب ماهر. ضوابط سلوكية، ومهارة يد.
على أن أبو رياض استثناء، فقد استقر العرف المجتمعي عدم اتقان صاحب هذه المهن للمهارات المطلوبة فيها، حرفيا وسلوكيا، الى حد نَحَتَ قومنا من لغتنا "تصريفا" إذا جرى استخدامه مع أي وصف عرفنا أن المقصود السخرية والاتهام.
دائما ما خضعت كل الاعمال والمعارف والفنون لقواعد التناقل الشعبي المتراكم عبر سنوات. فصار هذا العرف يسند المهنة ويدعمها، سلبا أو إيجابا.
وأعني بالتناقل الشفوي والعائلي، أنك لا تجد عوائل أردنية عرف أفرادها بمهارتهم في بعض هذه المهن مثلا.
ما نفعله أننا هشمنا هذه الحرف بالفوضى. من لا يجد لابنه حرفة؛ يقذفه بعيدا إلى إحداها.
أما أنا فصرت كلما اشتكت سيارتي طارئ هرعت إلى ابي رياض.
للأسف، محمود ابو الحاج استثناء جميلا. فلم تتمكن حرفنا هذه من الانضباط في قواعد سلوكية وحرفية مستقرة وماهرة.
سبب آخر: إن مجتمعنا ما زال فتيا، ولم تنمو أو تستقر الأعراف لديه في هذه الدائرة. بعكس المجتمعات العربية الأخرى، مثل السوريين مثلا.
لا اعلم كيف علّم أبو الحاج نفسه حتى صار ماهرا. لكن قليلا من هم مثله.
كنت دائما ما أقول إن لدينا فرصة سانحة لنقل المهارة الحرفية السورية لمجتمع اللجوء الى المجتمع الأردني بصورة سلسة، لكن لا يبدو أننا نكترث.
معظم العلوم بدأت بالتناقل الشفوي والعائلي من جيل لجيل. ولأن حرفنا هذه ما زالت قصيرة العمر نسبيا في مجتمعنا الفتيّ عمرا لم تخضع لذلك، وهشّمها أكثر ترك الدولة لها مشاعا.
قطاعات الاعمال المنسية في الأردن تعاني من فوضى متراكمة، صارت فيها الفوضى تنسحب على تفاصيل صغيرة في المجتمع بأسره، وتكلفه خسائر مخفية غير مرصودة.
ما المطلوب؟
وزارة التربية لا تفعل سوى الشكلي من الحلول. نحن بحاجة الى منظومة متكاملة، رسمية وشعبية تدعم بعضها بعضا.
يعاني ابو رياض مت فايروس كورونا. الفايروس كشف كثيرا من العبث في هذا القطاع. عبث صار المتضرر منه اثنان: الحرفي ومستخدمه.
الاقتصاد الاردني مبني اساسا بعين الاثرياء وأصحاب الحسابات البنكية الضخمة. والحق أن لدينا جناح آخر من الاقتصاد مهمل. رغم أنه الاساس لمتانة المجتمع وتحصينه.
الرجل متواضع، فاكتفى بالابتسام. اكمل عمله بهدوء، او قل أتقن عمله بهدوء، ثم مضيت الى سبيلي.
في ركن ما في المدينة الرياضية مقابل البوابة 4 يحاول ابو رياض أن يكافح ظروف عمل صعبة.
عندما انهى عمله ومضيت كنت فخورا به، فخري برفرفة العلم. ما الوطن الا انا وهو وانتم. نتقن فنفخر. المسألة ليست كلاما او نفخ صدر. اليد الماهرة اولى بالعلم.
سألت نفسي: لِمَ يعاني المجتمع الأردني من هشاشة في المهارات الحرفية، ويفتقر الى ضوابط سلوكية فيها؟
لا أتحدث عن الجميع بالطبع، لكن المعظم كذلك: الميكانيكي، والكهربجي، والمواسرجي، والبنشرجي... وغيرها من المهن التائهة في المجتمع. هي ظالمة ومظلومة معا.
ظالمة في كل شيء ومظلومة دائما.
محمود أبو الحاج يمتلك ما ترغب أن تراه في شاب ماهر. ضوابط سلوكية، ومهارة يد.
على أن أبو رياض استثناء، فقد استقر العرف المجتمعي عدم اتقان صاحب هذه المهن للمهارات المطلوبة فيها، حرفيا وسلوكيا، الى حد نَحَتَ قومنا من لغتنا "تصريفا" إذا جرى استخدامه مع أي وصف عرفنا أن المقصود السخرية والاتهام.
دائما ما خضعت كل الاعمال والمعارف والفنون لقواعد التناقل الشعبي المتراكم عبر سنوات. فصار هذا العرف يسند المهنة ويدعمها، سلبا أو إيجابا.
وأعني بالتناقل الشفوي والعائلي، أنك لا تجد عوائل أردنية عرف أفرادها بمهارتهم في بعض هذه المهن مثلا.
ما نفعله أننا هشمنا هذه الحرف بالفوضى. من لا يجد لابنه حرفة؛ يقذفه بعيدا إلى إحداها.
أما أنا فصرت كلما اشتكت سيارتي طارئ هرعت إلى ابي رياض.
للأسف، محمود ابو الحاج استثناء جميلا. فلم تتمكن حرفنا هذه من الانضباط في قواعد سلوكية وحرفية مستقرة وماهرة.
سبب آخر: إن مجتمعنا ما زال فتيا، ولم تنمو أو تستقر الأعراف لديه في هذه الدائرة. بعكس المجتمعات العربية الأخرى، مثل السوريين مثلا.
لا اعلم كيف علّم أبو الحاج نفسه حتى صار ماهرا. لكن قليلا من هم مثله.
كنت دائما ما أقول إن لدينا فرصة سانحة لنقل المهارة الحرفية السورية لمجتمع اللجوء الى المجتمع الأردني بصورة سلسة، لكن لا يبدو أننا نكترث.
معظم العلوم بدأت بالتناقل الشفوي والعائلي من جيل لجيل. ولأن حرفنا هذه ما زالت قصيرة العمر نسبيا في مجتمعنا الفتيّ عمرا لم تخضع لذلك، وهشّمها أكثر ترك الدولة لها مشاعا.
قطاعات الاعمال المنسية في الأردن تعاني من فوضى متراكمة، صارت فيها الفوضى تنسحب على تفاصيل صغيرة في المجتمع بأسره، وتكلفه خسائر مخفية غير مرصودة.
ما المطلوب؟
وزارة التربية لا تفعل سوى الشكلي من الحلول. نحن بحاجة الى منظومة متكاملة، رسمية وشعبية تدعم بعضها بعضا.
يعاني ابو رياض مت فايروس كورونا. الفايروس كشف كثيرا من العبث في هذا القطاع. عبث صار المتضرر منه اثنان: الحرفي ومستخدمه.
الاقتصاد الاردني مبني اساسا بعين الاثرياء وأصحاب الحسابات البنكية الضخمة. والحق أن لدينا جناح آخر من الاقتصاد مهمل. رغم أنه الاساس لمتانة المجتمع وتحصينه.
نيسان ـ نشر في 2020/06/13 الساعة 00:00