عن العرض والشرف.. في أي منعطف فقدنا هويتنا؟
نيسان ـ نشر في 2020/07/18 الساعة 00:00
تقع جريمة شرف. تقتل فيها أو تنتهك روح ما. فتبدأ الحكاية:
"هدول مجرمين اللي عملوا فيها هيك.. بنحكى إنها كذا وكذا..."
"شفت كيف عملوا فيها يا حرام.. شو يعني عملت كذا وكذا".
لو دققت جيدا لرأيت كيف يسفكون دم الضحية مئات المرات، من بوابة "التعاطف معها".
المراقب لحسابات التواصل الاجتماعي يفزعه "اللغو الحرام" الذي نلوكه على ألسنتنا لمجرد "الحكي".
لم يعد أحدنا يكترث لجملة: هل ترضاها لعرضك. هو لا يكترث لهذا السؤال أصلا.
والمبكي ان الجاني اليوم هو ضحية الامس. كثير منا اتفق على أنه لا بأس في هذه الدناءة.
بينما كان يعاقب "أيام التخلف" قبل 1400 عام من يتحدث عن الأعراض، بالجلد، والتشهير.
لم يعد أحد يجلد اليوم.
إنها هواية العبيد اليومية. عبيد بكل ما تحمل المعنى من بؤس ودناءة.
دعونا نعترف أننا نفتقد إلى منظومة أخلاقية تؤصّل سلوكنا اليومي.
البيوت - الا قليل - لا تعلم أفرادها أية شيء. أي شيء على الإطلاق سوى الاخلاق الاستهلاكية، "كيف تشتري وكيف تبيع كل شيء". بل إن أعراض الناس يمكن أن تدخل في باب "التعليلة"، للأسر. يشارك فيها الجميع. رب الأسرة والأم والاخوات والاشقاء. أما على حسابات التواصل فحدث عن ذلك بلا اي حرج.
حتى المتعاطفات والمتعاطفين، يوشك أحدهم أكل شرف صاحبة او صاحب القصة من باب التعاطف.
"أيام التخلف" قبل 1400 عام، كان الرجل منا لا يستطيع ان يتفوه بكلمة، لأنه يعلم ان الجلد والتشهير أمامه.
حتى في السرقة.
أعجبني التأصيل الأخلاقي الذي نشره الدكتور أيمن خليل البلوي على حسابه على الفيسبوك جاء بعنوان: لك الحق في أن تصمت ولا تتكلم إلا بوجود محامي!
يقول: كنت أعجب بقول الشرطي الأمريكي للمتهم لحظة القبض عليه: لك الحق في أن تصمت ولا تتكلم إلا بوجود محامي!..كما كنت أشاهد في المسلسلات الأمريكية يوم كنت أشاهدها.. يعرفون المجرم بحقوقه قبل أن يطلبها! لكن إعجابي بالشريعة أكبر !
ويعلق الدكتور البلوي على ذلك: إنها لا تبين للمتهم حقوقه فحسب،.بل حثت الإمام على تلقين المتهم بجريمة حد من حدود الله المخارج لينجو من إقامة الحد الشرعي عليه!
في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاءه معترفا بجريمة الزنا طالبا إقامة الحد عليه :"لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أوْ غَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ!!"
يعطيه المخرج ليفلت من إقامة الحد!
وانظر إلى العجائب التي ذكرها أبو العباس القرطبي في كتابه "مفهم": وروي عن عمر : ما أَرَى يد سارقِ .-يقولها لمتهم بالسرقة!-
وعن ابن مسعود : لعلك وجدته !-أي ولم تسرقه-
وعن عليٍّ ـ رضى الله عنه ـ وقال لِحُبْلَى-حامل من الزنا!- : لعلَّكِ استُكْرِهْتِ ، لعلَّك وُطِئْتِ نائمةً . !-والمكرهة على الزنا والنائمة لا حد عليها!-
وقال للحُبْلى الباكِيَة : إن المرأة قد تُسْتَكْرَه .!!"
ويعلق الدكتور البلوي بالقول: هذا الكلام لا ينطبق على الحقوق بين العباد...لأنه لا تساهل في حقوق الناس الشخصية.
تخيلوا. يقوم الفعل الثقافي الأخلاقي الإسلامي على تلقين السارق بعدم الإقرار بجريمته، اللهم حقوق الناس.
وأعجب من ذلك ما راوه ابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه عن عمر رضي الله عنه قوله: "اطردوا المعترفين!"..اي اطردوا من جاء معترفا بجريمة حد ولم يكن على جريمته دليل أو بينة إلا اعترافه.
فماذا نفعل نحن؟ ننتهك أعراض الناس تسلية بها. ثم اذا ما تحدثنا عن الـ 1400 عام مضى وصفناها بالتخلف. حقا من المتخلف بيننا؟
إن الفارق الجوهري بيننا وبين الـ 1400 عاما الماضي هي فقط اننا نركب سيارة ونستخدم الكهرباء ونمارس الانترنت. هذا ميزتنا "الأشياء" على أجدادنا الأوائل.
من المختلف منا بربكم؟ من لا يجد ثوبا يقيه البرد قبل 1400 عاما لكنه بكامل أخلاقه، أم الذي ينام في غرفة فيها المكيف وكل أدوات العصر؟
إن معظمنا مجرد دمى على هيئة بشر. أخلاقنا استهلاكية ومنظومتنا استهلاكية. ومصيرنا ايضا هو كذلك استهلاكي. والقادم أفظع.
"هدول مجرمين اللي عملوا فيها هيك.. بنحكى إنها كذا وكذا..."
"شفت كيف عملوا فيها يا حرام.. شو يعني عملت كذا وكذا".
لو دققت جيدا لرأيت كيف يسفكون دم الضحية مئات المرات، من بوابة "التعاطف معها".
المراقب لحسابات التواصل الاجتماعي يفزعه "اللغو الحرام" الذي نلوكه على ألسنتنا لمجرد "الحكي".
لم يعد أحدنا يكترث لجملة: هل ترضاها لعرضك. هو لا يكترث لهذا السؤال أصلا.
والمبكي ان الجاني اليوم هو ضحية الامس. كثير منا اتفق على أنه لا بأس في هذه الدناءة.
بينما كان يعاقب "أيام التخلف" قبل 1400 عام من يتحدث عن الأعراض، بالجلد، والتشهير.
لم يعد أحد يجلد اليوم.
إنها هواية العبيد اليومية. عبيد بكل ما تحمل المعنى من بؤس ودناءة.
دعونا نعترف أننا نفتقد إلى منظومة أخلاقية تؤصّل سلوكنا اليومي.
البيوت - الا قليل - لا تعلم أفرادها أية شيء. أي شيء على الإطلاق سوى الاخلاق الاستهلاكية، "كيف تشتري وكيف تبيع كل شيء". بل إن أعراض الناس يمكن أن تدخل في باب "التعليلة"، للأسر. يشارك فيها الجميع. رب الأسرة والأم والاخوات والاشقاء. أما على حسابات التواصل فحدث عن ذلك بلا اي حرج.
حتى المتعاطفات والمتعاطفين، يوشك أحدهم أكل شرف صاحبة او صاحب القصة من باب التعاطف.
"أيام التخلف" قبل 1400 عام، كان الرجل منا لا يستطيع ان يتفوه بكلمة، لأنه يعلم ان الجلد والتشهير أمامه.
حتى في السرقة.
أعجبني التأصيل الأخلاقي الذي نشره الدكتور أيمن خليل البلوي على حسابه على الفيسبوك جاء بعنوان: لك الحق في أن تصمت ولا تتكلم إلا بوجود محامي!
يقول: كنت أعجب بقول الشرطي الأمريكي للمتهم لحظة القبض عليه: لك الحق في أن تصمت ولا تتكلم إلا بوجود محامي!..كما كنت أشاهد في المسلسلات الأمريكية يوم كنت أشاهدها.. يعرفون المجرم بحقوقه قبل أن يطلبها! لكن إعجابي بالشريعة أكبر !
ويعلق الدكتور البلوي على ذلك: إنها لا تبين للمتهم حقوقه فحسب،.بل حثت الإمام على تلقين المتهم بجريمة حد من حدود الله المخارج لينجو من إقامة الحد الشرعي عليه!
في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاءه معترفا بجريمة الزنا طالبا إقامة الحد عليه :"لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أوْ غَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ!!"
يعطيه المخرج ليفلت من إقامة الحد!
وانظر إلى العجائب التي ذكرها أبو العباس القرطبي في كتابه "مفهم": وروي عن عمر : ما أَرَى يد سارقِ .-يقولها لمتهم بالسرقة!-
وعن ابن مسعود : لعلك وجدته !-أي ولم تسرقه-
وعن عليٍّ ـ رضى الله عنه ـ وقال لِحُبْلَى-حامل من الزنا!- : لعلَّكِ استُكْرِهْتِ ، لعلَّك وُطِئْتِ نائمةً . !-والمكرهة على الزنا والنائمة لا حد عليها!-
وقال للحُبْلى الباكِيَة : إن المرأة قد تُسْتَكْرَه .!!"
ويعلق الدكتور البلوي بالقول: هذا الكلام لا ينطبق على الحقوق بين العباد...لأنه لا تساهل في حقوق الناس الشخصية.
تخيلوا. يقوم الفعل الثقافي الأخلاقي الإسلامي على تلقين السارق بعدم الإقرار بجريمته، اللهم حقوق الناس.
وأعجب من ذلك ما راوه ابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه عن عمر رضي الله عنه قوله: "اطردوا المعترفين!"..اي اطردوا من جاء معترفا بجريمة حد ولم يكن على جريمته دليل أو بينة إلا اعترافه.
فماذا نفعل نحن؟ ننتهك أعراض الناس تسلية بها. ثم اذا ما تحدثنا عن الـ 1400 عام مضى وصفناها بالتخلف. حقا من المتخلف بيننا؟
إن الفارق الجوهري بيننا وبين الـ 1400 عاما الماضي هي فقط اننا نركب سيارة ونستخدم الكهرباء ونمارس الانترنت. هذا ميزتنا "الأشياء" على أجدادنا الأوائل.
من المختلف منا بربكم؟ من لا يجد ثوبا يقيه البرد قبل 1400 عاما لكنه بكامل أخلاقه، أم الذي ينام في غرفة فيها المكيف وكل أدوات العصر؟
إن معظمنا مجرد دمى على هيئة بشر. أخلاقنا استهلاكية ومنظومتنا استهلاكية. ومصيرنا ايضا هو كذلك استهلاكي. والقادم أفظع.
نيسان ـ نشر في 2020/07/18 الساعة 00:00