أردننا جنة .. الواقع والشعار
نيسان ـ نشر في 2020/07/21 الساعة 00:00
الأسابيع والأيام الماضية شهدت ولادة برنامج حكومي لتطوير السياحة الداخلية تحت عنوان أردننا جنة، في البرنامج الترويجي الجديد إشهار لجماليات الأردن ودعوة للمواطنين والمقيمين الى زيارة المواقع السياحية والتجوال في ربوع البلاد. للوهلة الاولى يعتقد من يستمع للشعار أن الناس لا يزورون المواقع والمعالم لأنهم لا يدركون جمالها لكن الواقع يختلف كثيرا عن هذا الافتراض.
الحقيقة الصادمة أن الكثير من الناس يعرفون الاماكن وجمالها ويتوقون لزيارتها والاستمتاع بها لكنهم لا يملكون من المال ما يكفي لتغطية تكاليف الاقامة او اسعار الطعام وغيرها من الكلف التي تتطلبها زيارة المواقع السياحية التي تنتشر على طول البلاد وعرضها.
على امتداد الطرق المؤدية الى مواقع الجذب السياحي يندر وجود الحمامات والمرافق التي يمكن ان يستخدمها المسافر وفي حالة الوصول الى هذه الاماكن يواجه الزوار مشاكل دفع الرسوم او اكتظاظ المواقع وانعدام المواقف ونقص المياه وغيرها من المشكلات التي قد تجعل من تجربة الزيارة كابوسا يلازمهم لسنوات.
الفنادق والمطاعم المحدودة وجدت لخدمة سياح المجموعات وتقدم خدماتها مقابل اسعار مدروسة توفر هوامش ربحية تزيد على ما بمقدور السائح المحلي انفاقه. الغياب الواضح لخدمات النظافة والاستراحات ودورات المياه والطعام الشعبي بأسعار مخفضة مشكلات يصعب تجاهلها ونحن نتحدث عن السياحة الداخلية.
التطور الذي حدث في السياحة خلال الاعوام القليلة الماضية بفضل توسع العالم في استخدام الطيران الرخيص لم يغير كثيرا في طبيعة المنتج السياحي والبنى التحتية الاردنية. الكثير من المستثمرين والمتحكمين في الاستراتيجيات السياحية وادارة القطاع يفضلون السياح الاثرياء على الافواج السياحية التي تصل الى البلاد بتذاكر وموازنات لا تتجاوز سقوفها مئات الدولارات.
في البحر الميت والبترا والعقبة يصعب ان تمضي ليلة بكلفة تقل عن مائة دولار وفي كثير من الاحيان قد تصل كلفة الاقامة في فندق ذي خمس نجوم الى ضعف هذا المبلغ ناهيك عن الاسعار الخيالية للوجبات والخدمات الاخرى.
في زمن الاعسار الذي تمر به السياحة العالمية والأردن تحتاج المرافق السياحية ومجالس ادارة القطاع الى استراتيجيات ورؤى جديدة. الاستراتيجيات والرؤى الجديدة لا ولن تنجح اذا لم تُبنَ على الخصائص الثقافية والميز النسبية للبلاد وتراثها وهويتها.
من المهم ان يدرك واضعو الاستراتيجيات ان الضيافة سمة اردنية تظهر تجلياتها في العادات والثقافة ودفء الترحيب والحرص على الاحتفاء بالضيوف وتقديم اجود الطعام والخدمة لهم. في اللغة اليومية الدارجة يرحب الاردنيون بالضيوف قائلين «يا هلا فيكم من ممشاكم لملفاكم». من المؤسف حقا ان تغيب هذه القيم ومضامينها عن الممارسات التي تقوم بها العديد من المرافق والمنشآت السياحية. في مطاعمنا وفنادقنا نجد العبارات الترحيبية وقيم وممارسات الضيافة غربية او لبنانية كما نجد المطبخ اللبناني والاوروبي اكثر حضورا من المطبخ الاردني. في معظم المطاعم وصالات الفنادق الكبرى نادرا ما تجد أردنيا يدير الصالة او يعمل على تقديم الخدمة
المباشرة للزبائن والزوار.
الاسباب الكامنة وراء تأخر التحاق الأردنيين بخدمات القطاع السياحي متعددة لكن الابرز منها اعتقاد بعض المستثمرين في القطاع ان الأردني قد يعزف عن مثل هذه المهن وغياب الفكر التنموي لدى الكثير ممن تتولوا امر القطاع او تعاطوا مع المستثمرين الذين لا يلقي معظمهم بالا لغير اهدافهم الربحية.
حتى اليوم وعند وضع خطط النهوض والتحفيز للسياحة تطفو على السطح مصالح اصحاب الفنادق الكبرى والوكالات السياحية والمصالح بدرجة تفوق مصالح اصحاب المشروعات الصغرى والفلاحين والباحثين عن عمل.
فرح الاردنيين الذين امضوا أشهرا من معاناة التباعد والحظر لن ينتهي بإعلان اردننا جنة، سترتطم رغباتهم في التحرر من الحجر والتجوال في ربوع البلد الذي أحبوه بكلف يتطلبها السفر والاقامة والخدمات في المواقع التي يروج لها خصوصا بعد ان يكتشفوا ان دخولهم واجورهم الشهرية مهما كبرت لا ولن تكفي لسد نفقات ليلتين في العقبة او على ضفة البحر الميت.اردننا جنة شعار جذاب لكنه يفتقر الى برنامج تمكين.
الغد
الحقيقة الصادمة أن الكثير من الناس يعرفون الاماكن وجمالها ويتوقون لزيارتها والاستمتاع بها لكنهم لا يملكون من المال ما يكفي لتغطية تكاليف الاقامة او اسعار الطعام وغيرها من الكلف التي تتطلبها زيارة المواقع السياحية التي تنتشر على طول البلاد وعرضها.
على امتداد الطرق المؤدية الى مواقع الجذب السياحي يندر وجود الحمامات والمرافق التي يمكن ان يستخدمها المسافر وفي حالة الوصول الى هذه الاماكن يواجه الزوار مشاكل دفع الرسوم او اكتظاظ المواقع وانعدام المواقف ونقص المياه وغيرها من المشكلات التي قد تجعل من تجربة الزيارة كابوسا يلازمهم لسنوات.
الفنادق والمطاعم المحدودة وجدت لخدمة سياح المجموعات وتقدم خدماتها مقابل اسعار مدروسة توفر هوامش ربحية تزيد على ما بمقدور السائح المحلي انفاقه. الغياب الواضح لخدمات النظافة والاستراحات ودورات المياه والطعام الشعبي بأسعار مخفضة مشكلات يصعب تجاهلها ونحن نتحدث عن السياحة الداخلية.
التطور الذي حدث في السياحة خلال الاعوام القليلة الماضية بفضل توسع العالم في استخدام الطيران الرخيص لم يغير كثيرا في طبيعة المنتج السياحي والبنى التحتية الاردنية. الكثير من المستثمرين والمتحكمين في الاستراتيجيات السياحية وادارة القطاع يفضلون السياح الاثرياء على الافواج السياحية التي تصل الى البلاد بتذاكر وموازنات لا تتجاوز سقوفها مئات الدولارات.
في البحر الميت والبترا والعقبة يصعب ان تمضي ليلة بكلفة تقل عن مائة دولار وفي كثير من الاحيان قد تصل كلفة الاقامة في فندق ذي خمس نجوم الى ضعف هذا المبلغ ناهيك عن الاسعار الخيالية للوجبات والخدمات الاخرى.
في زمن الاعسار الذي تمر به السياحة العالمية والأردن تحتاج المرافق السياحية ومجالس ادارة القطاع الى استراتيجيات ورؤى جديدة. الاستراتيجيات والرؤى الجديدة لا ولن تنجح اذا لم تُبنَ على الخصائص الثقافية والميز النسبية للبلاد وتراثها وهويتها.
من المهم ان يدرك واضعو الاستراتيجيات ان الضيافة سمة اردنية تظهر تجلياتها في العادات والثقافة ودفء الترحيب والحرص على الاحتفاء بالضيوف وتقديم اجود الطعام والخدمة لهم. في اللغة اليومية الدارجة يرحب الاردنيون بالضيوف قائلين «يا هلا فيكم من ممشاكم لملفاكم». من المؤسف حقا ان تغيب هذه القيم ومضامينها عن الممارسات التي تقوم بها العديد من المرافق والمنشآت السياحية. في مطاعمنا وفنادقنا نجد العبارات الترحيبية وقيم وممارسات الضيافة غربية او لبنانية كما نجد المطبخ اللبناني والاوروبي اكثر حضورا من المطبخ الاردني. في معظم المطاعم وصالات الفنادق الكبرى نادرا ما تجد أردنيا يدير الصالة او يعمل على تقديم الخدمة
المباشرة للزبائن والزوار.
الاسباب الكامنة وراء تأخر التحاق الأردنيين بخدمات القطاع السياحي متعددة لكن الابرز منها اعتقاد بعض المستثمرين في القطاع ان الأردني قد يعزف عن مثل هذه المهن وغياب الفكر التنموي لدى الكثير ممن تتولوا امر القطاع او تعاطوا مع المستثمرين الذين لا يلقي معظمهم بالا لغير اهدافهم الربحية.
حتى اليوم وعند وضع خطط النهوض والتحفيز للسياحة تطفو على السطح مصالح اصحاب الفنادق الكبرى والوكالات السياحية والمصالح بدرجة تفوق مصالح اصحاب المشروعات الصغرى والفلاحين والباحثين عن عمل.
فرح الاردنيين الذين امضوا أشهرا من معاناة التباعد والحظر لن ينتهي بإعلان اردننا جنة، سترتطم رغباتهم في التحرر من الحجر والتجوال في ربوع البلد الذي أحبوه بكلف يتطلبها السفر والاقامة والخدمات في المواقع التي يروج لها خصوصا بعد ان يكتشفوا ان دخولهم واجورهم الشهرية مهما كبرت لا ولن تكفي لسد نفقات ليلتين في العقبة او على ضفة البحر الميت.اردننا جنة شعار جذاب لكنه يفتقر الى برنامج تمكين.
الغد
نيسان ـ نشر في 2020/07/21 الساعة 00:00