فيروز والقهوة الصباحية وماكرون ومالك بن بني .. ها قد عدنا من جديد

لقمان اسكندر
نيسان ـ نشر في 2020/09/02 الساعة 00:00
ليس غريبا حجم الكرنفال الذي أقيم على الفيسبوك لاستقبال فيروز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد عاد الاستعمار في العقل العربي حتى العظم. ولم نعد نخجل من إقامة حفلات رقص للمحتل فينا.
ماكرون، هو أيضا، لم يخجل وهو يطالب بمعرفة "حقيقة الأرقام" في النظام المصرفي اللبناني، "حتى يتسنى اتخاذ إجراء قضائي". هو يعرف أنهم يعرفون من هو. هو حاكم البلد.

اكتفى الناس أمام صورة فيروز وماكرون بالحديث عن الصباحات الفيروزية والقهوة التركية الصباحية.
عبيد نحن بثياب عصرية، يتحدث بعضنا بين مفرادتهم العربية كلمات اعجمية تدل على "تحضرهم".

بل إن بعضهم أعاد تدوير جملة، كنا نسمعها منذ الحرب الاهلية اللبنانية ان اللبنانيين اختلفوا على كل شيء الا فيروز.
رحم الله تعالى مالك بن نبي، فلا تزال قابليتنا للاستعمار هي المشكلة وليست المشكلة في الاستعمار نفسه.
بدلا من إدانة المغنية لاستقبالها من يتحدث في بلادها بصفته حاكم البلاد، وقف كثير منا أمام الصورة بصفتها مَعْلَما رومانسيا لقصة حب متخيلة، نسعى إلى تجربتها.

على ان فيروز لم تشذ عن القاعدة العامة للمشهد اللبناني. حتى حزب الله سلّم بمكانة فرنسا الاستعمارية في شوارع بيروت، وهو يوافق على طلب ماكرون من اللبنانيين إيجاد عقد اجتماعي جديد لهم.

تخيلوا. ماكرون طالب بعقد اجتماعي جديد للبنانيين؛ فهزّ الجميع رؤوسهم، سمعا وطاعة.

مرحبا بكم في حقبة 1920. ها قد عادت العجلة إلى مكانها الذي كان قبل مئة عام.

عاد القرن الماضي بكل ما فيه من استعمار، وكأن الجنود الفرنسيين لم يخرجوا من بيروت بعد، ومن قال أصلا إنهم خرجوا؟

كأن عمر المختار ما زال يقاتل الإيطاليين، وكأن عبدالقادر الحسيني لم يسقط في القسطل، ومنذ مئة عام يواصل الجهاد. وها هو كايد مفلح العبيدات يدشّن مرحلة جديدة من جهاده، بل ها هو الأمير عبدالقادر ابن محي الدين الجزائري مشغول بجمع أسلحة المجاهدين لقتال الفرنسيين.

كلا. لم يمت سايس، ولم يفطس بيكو. فمن هما اليوم؟ وما زال مستر همفر الجاسوس البريطاني يكيد للحجاز، فيما نطرب نحن لصبّ توماس إدوارد لورنس قهوتنا، حتى عشقناه وقلنا إنك يا لورنس، لورنسنا "لورنس العرب".

بل إن الجنرال غورو دمشق الجديد أعاد للتو مقولته من جديد التي قالها في 25 أيلول عام 1920م، وهو يقف على قبر المحرر العظيم: ها قد عدنا يا صلاح الدين.
كل شيء عاد إلى مكانه في المسرح. الجميع مستعدون لإعادة المسرحية من جديد. الستارة مفتوحة عن آخرها. فيما قومنا مشغولون بشراء أحدث إصدارات البلايستيشن لأطفالهم.
    نيسان ـ نشر في 2020/09/02 الساعة 00:00