هل درس ماركس الاسلام ؟
نيسان ـ نشر في 2015/08/15 الساعة 00:00
منذ سنوات وفى حوار "بالسكايب" مع صديقي الأستاذ الشيعيّ من مدينة البصرة العراقيّة دار بينى وبينه الحوار التالى:
ــ بما انّ لقبك الصّدر اذا انت من التّيار الصّدرى ؟
ــ انا شيعيّ المذهب ولست من التّيار الصّدرى لانّه لى عليه عديد المآخذات.
ــ ما رأيكم في كتابات المفكّر الإسلامى الدكتور محمد باقر الصّدر وكتابيه "فلسفتنا" و"إقتصادنا" ؟
ــ لقد "مركس" باقر الصّدر الاسلام بمنهج الجدلية المادّيّة التّاريخيّة !!!
ــ الاسلام ظهر قبل ماركس اذا لا يمكن الحديث عن "مركسة الاسلام" مقابل امكانيّة الحديث عن "أسلمة الماركسيّة" وذلك احتراما لتسلسل زمن ظهور الدين والايديولوجيا المذكورين.
بعدها بحثت كثيرا هل كتب المفكّر الكبير "كارل ماركس" عن الاسلام والقرآن الكريم ؟... لم أجد مرجعا واحدا يذكر ذلك وهذا حالنى الى الاعتقاد برأيين :
ـــ إمّا ان ماركس لم يطّلع على القرآن الكريم وكتب المفكّرين العرب والمسلمين فى ذلك العهد وهذا مستبعد جدا.
ـــ إمّا ان "ماركس" اطّلع على القرآن الكريم ولم يريد التّعليق عليه احتراما له ومفضّلا اللجوء الى عموميّة مقولته الشهيرة "الدين أفيون الشّعوب" .
ماركس في قراءته للتاريخ وللصراع الطبقى الدافع حتما (حسب رأيه) للتجوّل من المشاعيّة الى الاقطاع الى الرأسمالية الى الاشتراكيّة الى الشيوعيّة يعتقد بوجود "الجنّة" التى يسميها "شيوعيّة" حيث تختفى الطبقيّة وتتحقّق الحاجة وتتمتّع البروليتاريا بأنهار الخمر واللبن والحوريات وحدائق اعناب ورمان ونخل وتين ...
ان كان "ماركس " لا يعتقد بوجود الجحيم وعيا فإنه يعتقد برحيل الاقطاعيين والبورجوازيين الى الجحيم لاوعيا .
تأمّلوا وتمعّنوا جيّدا فى قول العزيز فى كتابه العزيز : "ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين" ... صدق الله العظيم
"ونريد" : ارادة من يقل للشئ كن فيكون ... والارادة متبوعة بفعل وفعل الانسان محاولة وفعل الله خلق (الثورة).
"نمنّ" :نمنح بلا مقابل ما يسعد ويفرح ويحوّل من حالة الى اخرى بامتنان (التطوّر) .
"استضعفوا فى الارض": ضحايا الظلم والاستغلال والاستعباد (الدّكتاتوريّة).
"أئمّة" : اصحاب نفوذ وقيادة (السلطة).
"الوارثين" : اصحاب ثروة وهي حقّ للمخلوق من خالقه (الملكيّة الفرديّة) .
الآية الكريمة تضرب فى العمق ثلاثي "الامبرياليّة والرجعيّة والعنصريّة" بنفس ثوريّ تقدّميّ ينتصر للبروليتاريا والفلاحين والطلاب والعلماء ضحايا سلطة رأس المال!!!
ــ الامبرياليّة باعتبارها "اعلى مراحل الاستعمار" كما يقول لينين ...
ــ الرجعيّة باعتبارها محاولة لإعادة الماضى بلا بصمة لحاضر يضيف ويحذف ويؤجّل ويقدّم.
ــ العنصريّة بأعتبارها تمييز على أساس لون او دين او عرق.
لقد مرّت علاقة المسلمين بآسيا زمن المدّ الشيوعى بثلاث مراحل هامّة كان لها تأثير كبير على العلاقات الاجتماعية في الدول الشيوعية التى بها أقلية مسلمة أو في الدول الاسلاميّة التى بها أقليّة شيوعيّة .
هذه المراحل هي:
مرحلة رحمة المفكّر: ماركس
مرحلة قسوة الجنرال : ستالين
مرحلة تحضّر رجل الدولة : ماو تسيتونغ
اكثر المتعلمنين العرب لا يميّزون بين "المسلمين" و"الاسلاميين" وبين "الاسلام الانسانى الشامل" و"الاسلام السّياسى الفردى او الحزبي" .
سنة 1951 قرّر الاجتماع الموسع للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني نصّيّا ما يلى: "لقد تبني الحزب الشيوعي سياسة لحماية الأديان. المؤمنين وغير المؤمنين ، المؤمنين بدين او بآخر ، كلهم محميين بصورة متشابهة ، ومعتقداتهم محترمة. نحن اليوم ، نتبنى سياسة حماية الأديان هذه ، وفي المستقبل سوف نستمر في المحافظة على هذه السياسة".
كثير من اليساريين العرب مسكونون بأبى جهل وابا لهب بدل ان يكونوا مسكونين برموز اليسار العالمي كماركس ولينين وماو وجيفارا وانجلز وكاسترو ... الخ
لو درس ماركس القرآن الكريم وتعلّم الاسلام لتمذهب المسلمون الى سنّة وشيعة وشيوعيين !!!
لو درس ماركس القرآن الكريم وتعلّم الإسلام لقاد "الاسلام السّياسي" معاوية وعلي وماركس !!!
لو ظهر ماركس الان فى احدى الدّول العربيّة بلحيته الكثّة لعاملوه كداعشي مندسّ مثير للفتنة والبلبلة وصائد فى الماء العكر !!!
نحن نحتاج للحوار والجدل ومقارعة الحجّة بالحجّة فى زمن الكمّ الهائل من المعلومات المتاحة بلا استغلال كيفىّ يضمن للانسان العيش بكرامة مهما كان دينه او مذهبه او جنسه او لونه .
الاديان وعاء لليديولويجيات والايديولوجيات تفسير للأديان.
قوّة الاسلام فى شموليته وقوّة الايديولوجيا فى عمق تحليلها للجزء .
"وقل ربّى زدنى علما " ... صدق الله العظيم.
و"أقرأ" ...
نيسان ـ نشر في 2015/08/15 الساعة 00:00